أكدت فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب، اليوم الاثنين، على ضرورة تجاوز الأعطاب والاختلالات لتجويد منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.
وأبرزت الفرق والمجموعة النيابية، في معرض تعقيبها على جواب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب حول موضوع “التعليم العالي”، أهمية النهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار باعتباره ركيزة من ركائز التنمية والديمقراطية للنهوض بالإنسان والمجتمع.
وفي هذا الإطار، شدد فريق التجمع الوطني للأحرار على أن الجامعة المغربية حافظت، رغم الاختلالات على المستويين البيداغوجي والعلمي، على أدوارها الطلائعية ومكانتها في تحقيق التنمية والديمقراطية، مشيرا إلى أن السياق الدولي الراهن، الذي يتسم باللايقين، يفرض أكثر من أي وقت مضى، إصلاح وتطوير التعليم العالي في ظل انخفاض مستوى الكفاءة والنوعية.
ودعا الفريق النيابي إلى تجاوز اختلالات الماضي من خلال مباشرة إصلاحات ناجعة لتكييف التعليم العالي مع واقع ومستجدات القطاع، مع التركيز على وضع الطالب في صلب هذه الإصلاحات، وكذا العمل على تعزيز قيمة التكوين المهني وتشجيع البحث العلمي.
من جهته، اعتبر فريق الأصالة والمعاصرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أحد القطاعات الاستراتيجية التي تشكل رافعة حقيقية للتنمية الشاملة للبلاد، لافتا إلى أنه رغم التطور الملموس الذي شهدته منظومة التعليم العالي على مستوى البنيات لم يواكبه تطور مماثل على مستوى النهوض بالرأسمال البشري.
وشدد على ضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل محاربة الهدر الجامعي وربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي، من خلال بلورة جيل جديد من الإصلاحات من أجل منظومة تعليمية قادرة على الاستجابة لمتطلعات التنمية ومواكبة التحولات الراهنة.
من جانبه، شدد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية على أن إصلاح التعليم يحتاج إلى “رؤية شمولية حقيقية وفاعلين سياسيين يدركون بأن العلم والمعرفة بهما تتقدم الدول”، مشيرا إلى أن الرهان يتمثل اليوم في إرساء نموذج جديد للجامعة المغربية مع إصلاح شمولي يقارب الأزمة ويقدم حلولا للنهوض بالمنظومة التعليمية.
ولفت إلى أن الإصلاح “فعل تراكم إيجابي ضمن إطار مرجعي يستمد أرضيته الصلبة من التوجيهات الملكية السامية ومن توصيات النموذج التنموي والبرنامج الحكومي”، مؤكدا أن مشروع الإصلاح الذي صاغته الحكومة “يملك كل مقومات النجاح”.
بدوره، أكد الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي أن طريق الإصلاح الجامعي أصبح واضح الأفق بعد المصادقة على القانون الإطار رقم 17.51، كأول إطار تعاقدي للإصلاح بعد الاستقلال، وهو بمثابة خارطة طريق واضحة الأهداف والمبادئ والآليات التي من شأنها العمل على ترصيد المكتسبات ومراكمة التجارب الناجحة واحترام التعهدات المعلنة مع تفعيل الإصلاحات المطلوبة بجعل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في مقدمة قاطرة تعزيز وتثمين الرأسمال البشري وإنتاج الكفاءات والموارد البشرية المؤهلة.
وأضاف أن الوعي المسؤول بحجم التحديات والإكراهات “تدفعنا إلى المطالبة المستعجلة بتنزيل إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على أرض الواقع وتفادي الهدر السياسي القطاعي غير المنتج وغير المتناغم مع الانتظارات المعلقة على القطاع الحيوي الذي يواجه خصاصا كبيرا في أطره وموارده”.
وفي السياق ذاته، لفت الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية إلى أن التعليم العالي والبحث العلمي يعد ركيزة أساسية من ركائز التنمية، مؤكدا على أهمية التوفر على رؤية واضحة ومشروع شامل ومتكامل لتعليم عال يستجيب لمتطلبات مغرب الألفية الثالثة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وسجل أن واقع القطاع ما زال يعرف مجموعة من الاختلالات الجوهرية التي تشكل عائقا أمام الارتقاء به، سواء على مستوى تعزيز البنيات التحتية والتجهيزات المادية والرقمية أو على مستوى التدبير الإداري والبيداغوجي، مشيرا إلى عدد من الاختلالات التي يعاني منها التعليم العالي، منها الفوارق الاجتماعية والمجالية، والتوزيع غير العادل للمدارس العليا والجامعات العمومية الذي يكرس التفاوتات بين جهات المملكة.
من جهته، انتقد الفريق الحركي “عدم إشراك المكونات الجامعية والمجتمعية في الإصلاح الجامعي”، مستحضرا الخطب والتوجيهات الملكية التي يدعو فيها جلالة الملك إلى صياغة الإصلاح الجامعي في إطار تعاقد وطني ملزم من خلال اعتماد قانون إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد.
ودعا الفريق النيابي، في هذا الإطار، إلى تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع تنزيل مضامين القانون الاطار ذي الصلة، مشددا على أن إصلاح وتجويد وتطوير منظومة التربية والتكوين “لا يمكن أن يتحقق من دون موارد بشرية مؤهلة”.
من جانبه، أكد فريق التقدم والاشتراكية أن وضعية التعليم الراهنة تجمع بين “المكاسب المهمة ومظاهر الاختلالات”، لافتا إلى أن الجامعة “يتعين أن تكون منارة للعلم والابتكار والتنوير وفضاء للتربية على الديمقراطية والحرية وقيم العدالة والمساواة”، وإلى أن إصلاح التعليم العالي مسار “عابر للحكومات”.
ودعا الفريق النيابي الحكومة إلى الالتزام بما ورد في البرنامج الحكومي من حيث تجديد البنيات التحتية الجامعية، وخلق مركبات جامعية، ووضع برنامج منح الدكتوراه، ومواكبة الطلبة في إحداث المقاولات، مشيرا إلى أن المملكة “بحاجة إلى ترصيد المكتسبات من أجل بلورة نموذج جامعي بمعايير دولية وبما يتيح الارتقاء الفكري للطلبة وإعدادهم لعالم الحاضر والمستقبل”.
أما المجموعة النيابية للعدالة والتنمية فقد سجلت أن “الإصلاح البيداغوجي ركز على البعد المهني على حساب البعد المعرفي والعلمي والتربوي”، معتبرة أن هذا التوجه “سيؤثر سلبا على الرأسمال البشري في ظل التنافسية الدولية العالية”.
و م ع