جرى، أمس الأربعاء بالفاتيكان، تسليط الضوء على العلاقات الروحية بين المغرب والسنغال، وذلك في إطار تكريم لرئيس الدولة السنغالي الأسبق، الراحل ليوبولد سيدار سنغور، الذي كان مرتبطا بالمغرب من خلال صداقة متميزة تستند على القيم المشتركة المرتبطة بالانفتاح والسلام والتسامح.
وفي كلمة لها بهذه المناسبة، شددت سفيرة المملكة لدى الكرسي الرسولي، رجاء ناجي مكاوي، على “الصداقة القوية التي ربطت جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والراحل سيدار سنغور، والتي سمحت بتأسيس قاعدة قوية ومستدامة للعلاقات بين المغرب، بلد التسامح والتعايش، والسنغال، التي تتشاطر معه نفس القيم والنهج الإنساني والسلمي”.
وأشارت السيدة ناجي مكاوي إلى أن جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني وأول رئيس للسنغال المستقلة أسسا أول دعائم الديمقراطية في إفريقيا المستقلة، والتي استفاد منها الشعبان حتى يومنا هذا، وشكلا علاقات نموذجية ومستدامة تتميز بالتزام ثابت تجاه القارة وطموح قوي للتألق والتحرر القاري، مشيرة إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس استمر في نفس المسار، وعزز هذه الصداقة المثمرة. وأضافت أنه تحت قيادة جلالة الملك، تم تعزيز العلاقات المغربية- السنغالية من خلال توقيع مجموعة واسعة من الاتفاقيات في العديد من المجالات الاستراتيجية، مما ارتقى بها إلى مستوى متميز، على غرار الأخوة التي تجمع الشعبين.
وبعد أن استعرضت أبرز محطات هذه العلاقات، التي تشهد تطورا متواصلا بفضل العناية السامية لجلالة الملك، الذي يظل ملتزما بالعمق الإفريقي للمملكة، ذكرت السفيرة بتوشيح جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، في العام 1982 بالرباط، للراحل سيدار سنغور، كما عينه عضوا في أكاديمية المملكة المرموقة، التي سعت منذ وقت مبكر إلى نشر القيم والمبادئ الكونية بهدف إقامة حوار مثمر بين الثقافات والحضارات.
وأضافت السفيرة أن الراحل سيدار سنغور، بصفته عضوا في أكاديمية المملكة، ألقى خطابا خلال الدورة الأولى لهذه المؤسسة، التي عقدت في فاس عام 1980، حيث جدد التزامه ببناء حضارة كونية تعطي الأولوية للتواصل الثقافي على الانغلاق الهوياتي.
وتابعت بالقول إنه على مدى فترة عضويته في الأكاديمية، تميز الراحل سيدار سنغور بسلسلة من المقالات والمحاضرات التي تناولت مواضيع مثل “الأزمات الروحية والحوار الشمال-الجنوب” و”التنمية الثقافية والإمكانيات الاقتصادية والسيادة الدبلوماسية” و”النظام الرئاسي والديمقراطية في إفريقيا”.
وأشارت السيدة ناجي مكاوي أيضا إلى افتتاح جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والراحل سيدار سنغور لمسجد داكار الكبير عام 1964، كما سجلت عمق العلاقات الروحية القائمة بين البلدين الشقيقين، التي تم تعزيزها أيضا من خلال الزاوية التجانية، التي لا تزال تستضيف كل عام عددا كبيرا من الأتباع السنغاليين.
وتوقفت الدبلوماسية أيضا عند النهج الديني المميز للنموذج المغربي، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، مشيرة إلى المبادرات التي أطلقها جلالته لإعادة تنظيم المجال الديني ومكافحة التطرف، بما في ذلك إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والمجلس العلمي الأعلى، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، والمحاضرات الدينية “الدروس الحسنية”، وجهود التوسط والدعم.
وفي إطار تكريم هذه الشخصية، التي تعتبر واحدة من أبرز صانعي النهضة الإفريقية، قام عدد من الشخصيات الدبلوماسية والدينية والأدبية المرموقة بتسليط الضوء على نطاق وأهمية الأعمال الشعرية والفلسفية والثقافية للراحل سيدار سنغور، لصالح تحرير الشعوب والمساواة والتآخي بين البشر.
وتم تحليل فكر الراحل سيدار سنغور من خلال مفاهيم رئيسية مثل الكونية والزنوجة والمزج الثقافي والحرية. وتناولت المناقشات أيضا الاهتمامات والتفكير السياسي للراحل فيما يتعلق بالتعليم والثقافة.
وتولى ليوبولد سيدار سنغور، الذي كان يعتبر رجل أدب بارز، رئاسة السنغال بعد استقلال البلاد في غشت 1960، وبقي في منصبه حتى عام 1980. وتتدفق في أعماله أبعاد الشعر والفلسفة والجماليات، مع مفاهيم تدعو إلى السلام والتفاهم بين الشعوب.
وعقدت هذه الندوة، المنظمة من قبل سفارة السنغال لدى الكرسي الرسولي، بشراكة مع الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتعليم، تحت شعار “الحضارة الكونية والأخوة الإنسانية”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.