الهيئة الوطنية للمعلومات المالية: ارتفاع عدد طلبات إجراء تحقيقات مالية موازية بأزيد من 300 في المئة
أفاد رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، جوهر النفيسي، اليوم الثلاثاء بالرباط، بأن عدد طلبات المعلومات التي تلقتها الهيئة من طرف سلطات إنفاذ القانون لإجراء تحقيقات مالية موازية، ارتفع بأزيد من 300 في المئة ما بين 2019 و 2022.
وأوضح السيد النفيسي، في كلمة بمناسبة افتتاح ورشة العمل الإقليمية لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول “التحقيقات المالية الموازية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، أن الأمر يتعلق بمعلومات لإجراء تحقيقات مالية موازية في ما يتعلق بالجرائم الأصلية وقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأبرز أن هذا التطور الذي سجل خلال السنوات الأخيرة، يعزى إلى الأهمية التي أصبح يكتسيها إجراء التحقيقات المالية الموازية في المعالجة القضائية للملفات المعروضة، وذلك بالتعاون مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، للحصول على المعلومات المالية من الجهات الوطنية المعنية ومن الوحدات النظيرة بطريقة آمنة وسريعة.
كما نوه رئيس الهيئة بالانخراط الإيجابي والفعال للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وسلطات إنفاذ القانون بشكل عام، سواء من خلال الرفع من وتيرة التعاون الوطني في مجال الأبحاث والتحقيقات، أو من خلال تطوير آليات اشتغالها باعتماد نصوص تنظيمية ودلائل إرشادية.
وأشار في هذا الصدد، إلى الدوريات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة والدليل العملي الصادر عنها حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي كان لهما عظيم الأثر في الزيادة في فعاليات المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
واعتبر السيد النفيسي أن التحقيقات المالية الموازية تشكل دعما للجهود المبذولة من طرف السلطات القضائية والأمنية المختصة في مجال الرصد والتحقيق والمتابعة، والتي أبانت عن نجاعتها على مر السنين، وتعزيزا للآليات والإجراءات المعمول بها في هذا المجال لتعميق البحث واستحضار صورة متكاملة لظروف ومراحل وأساليب ارتكاب الفعل الجرمي، فضلا عن تحديد هيكلة التنظيم وتوضيح الأدوار والكشف عن الفاعلين الرئيسيين.
وأبرز في هذا السياق، أن التحليل المالي للمعلومات الذي تم إجراؤه من طرف الهيئة الوطنية للمعلومات المالية خلال السنوات الأخيرة، موازاة مع التحقيقات الأخرى التي تقوم بها السلطات المختصة، ساهم في الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالعديد من الجرائم الأصلية وقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب موضوع البحث وتحديد حجمها وارتباطها بأعمال أخرى غير مشروعة أو بأشخاص وكيانات مشبوهة.
وأضاف المسؤول أن نتائج التحليل المالي الموازي، بخصوص الحالات التي ثبت من خلالها وجود علاقة بين المعاملات المالية المشبوهة والفعل الجرمي، ساهمت في الحصول على أدلة لإصدار عقوبات الحجز والمصادرة، وكذا تحريك الدعوى لمتابعة الأشخاص أو الكيانات المتورطين، عند الاقتضاء.
وأشار إلى أن التحقيقات المالية الموازية بالنسبة لقضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها تتجلى في التركيز على الجريمة الأصلية وما يمكن أن تدره من أموال غير مشروعة في الوقت ذاته، كما تركز التحقيقات المالية الموازية بالنسبة لقضايا الإرهاب على الجريمة الإرهابية ومصادر تمويل الإرهاب قي الوقت ذاته.
ويكتسي الهدف النهائي من إجراء التحقيقات المالية الموازية، يضيف السيد النفيسي، طابعا زجريا ووقائيا في نفس الوقت، إذ يهدف إلى حرمان المجرمين من العائدات الجرمية ومن الوسائل المادية التي يحاولون إخفاءها وردعهم عن العود لارتكاب جرائم جديدة.
وخلص رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية إلى أن المغرب، بفضل التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتعبئة الشاملة للسلطات الحكومية والقضائية وسلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة على القطاعين المالي وغير المالي والجمعيات المهنية والأشخاص الخاضعين، استطاع الانخراط الإيجابي في الجهود الدولية والتعاون المستمر مع مختلف الشركاء، بهدف مكافحة مختلف الظواهر الإجرامية وإثبات نجاعة الاستراتيجيات القطاعية المتخذة من قبل السلطات المعنية.
من جهتها، أبرزت مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمغرب، سهام الفيڭيڭي، أن أحد السبل الناجعة للتصدي لجريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو إجراء تحقيقات مالية موازية بصورة ممنهجة، بغية الكشف عن المصادر غير المشروعة وتتبع عوائدها ومصادرتها.
وأوضحت أن من شأن التحقيقات المالية الموازية، أيضا، المساعدة في ضبط الهيكل المالي والاقتصادي للأنشطة الإجرامية، وعرقلة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية، وجمع المعلومات حول أنماط الجرائم المرتكبة، فضلا عن متابعة ومحاسبة المتورطين، مما يسهم في خلق مجتمعات أكثر أمنا واستقرارا وتدعيم نظم العدالة الجنائية والاجتماعية.
وأكدت السيدة الفيڭيڭي أن هذه الدورة التدريبية تمثل خطوة هامة في تعزيز جهود مكافحة الجرائم المالية، مشيرة إلى حضور خبراء من دول مختلفة لإثراء النقاش ومشاركة الخبرات والتعرف على أفضل الطرق المتبعة في مكافحة ومنع جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبعد أن ذكرت بأهمية عمل المكتب، على مدى سنوات عديدة، مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجالات عدة تشمل مكافحة الاتجار غير المشروع والجريمة المنظمة، سجلت أن التصدي للجريمة المنظمة والإرهاب والتدفقات المالية غير المشروعة وتعزيز نظم العدالة الجنائية، يعد من بين أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في أفق 2030.
من جانبه، قال السكرتير التنفيذي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سليمان الجبرين، إن نتائج التقييم المتبادل لبعض دول مجموعة العمل المالي لهذه المنطقة أبرزت “وجود قصور” في فعالية التحقيقات المالية الموازية، التي شكلت أحد الأسباب الأساسية في كون 56 في المئة من الدول التي تم تقييمها ذات مستوى متدن من الفعالية، و44 في المئة ذات مستوى متوسط.
وأكد في هذا الصدد، ضرورة تمكين الهيئات المعنية بالدول الأعضاء من المعارف المتخصصة التي تحتاجها للاضطلاع بمسؤولياتها وأداء مهامها في مجال التحقيق المالي الموازي.
ونوه السيد الجبرين في المقابل، بالتقدم المستدام والملحوظ للمغرب في منظومة مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، مبرزا فعالية مشاركة المغرب ودعمه لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ تأسيسها سنة 2004.
وتهدف هذه الدورة التدريبية التي تمتد على مدى ثلاثة أيام، بالخصوص، إلى تطوير فهم أشمل لمتطلبات معايير مجموعة العمل المالي في ما يخص التحقيق المالي الموازي، والفعالية المتوقعة من خلال تنفيذه بالشكل المطلوب، ورفع الوعي بأهمية التحقيق المالي الموازي في التحقيق في الجريمة الأصلية، بالإضافة إلى تفسير كيفية استخدام المعلومات المالية كأساس للحجز والمصادرة.
ويتضمن برنامج الدورة عدة محاور تهم على الخصوص، “التحقيقات المالية الموازية في معايير مجموعة العمل المالي”، و” ومصادر المعلومات اللازمة للتحقيقات الموازية”، و”حجز وتجميد ومصادرة الأموال كنتيجة حتمية للتحقيقات المالية الموازية”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.