في عالم تكنوبارك (Technopark ) الديناميكي، الحاضنة الرائدة للمقاولات التكنولوجية الناشئة بالدار البيضاء، تبرز لمياء بن مخلوف من خلال مسارها المهني الملهم، وكذا إصرارها الذي لا مثيل له والتزامها الدؤوب بالقضايا التي تهم المرأة المغربية.
فمنذ التحاقها بتكنوبارك، تجسد السيدة بن مخلوف المديرة العامة لهذه المؤسسة الصرامة والإنسانية في تعاطيها مع ما يهم عملها المهني، وذلك مع الحفاظ على القيم الأسرية التي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لها.
وبالعودة إلى البدايات الأولى، فقد تخرجت السيدة بن مخلوف من جامعة محمد الخامس بالرباط، حيث حصلت على شهادة في مجال الاقتصاد، ثم دبلوم (DESA / دبلوم الدراسات المعمقة) في ميدان المالية عام 2000 ، علاوة على حصولها على(MBA ) من جامعة الأخوين.
وبناء عليه، ارتقت أعلى المراتب بقوة هادئة وعزيمة لا تتزعزع، حيث بدأت مسارها المهني على مستوى مقاولة عائلة، لكنها لم تحقق قفزة نوعية ومسارا مهنيا حقيقيا إلا على مستوى قطب تكنوبارك.
ففي معرض جوابها على سؤال يتعلق بمدى قدرتها على كل ذلك؟ أجابت أن الأمر هو مبعث فخر بالنسبة لها، لأنها ركبت صهوة التحدي المتمثل في تولي منصب المديرة الإدارية والمالية لمقاولة كانت تخطو خطواتها الأولى.
وبعد ذلك، أصبح تكنوبارك أكثر من مجرد فضاء للعمل بالنسبة للسيدة بن مخلوف؛ لأنه تحول إلى”شغف ورسالة حياة”، كما جاء على لسانها في حوار لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إذ تؤكد أن السعادة تغمرها وهي تشتغل مع المقاولين الشباب الذين أكدوا علو كعبهم خاصة في مجال الابتكار.
وقالت أيضا ” أنا أواكبهم، لكن أتعلم واستفيد منهم أيضا بكل تواضع”، وهي صفة تعتبرها ضرورية للنجاح في أي مهمة تتطلب عملا جماعيا وكذا التفاوض والتنسيق الدائم.
وبما أنها سيدة عملية، فإن السيدة بن مخلوف واجهت في بداية حياتها المهنية ” تحديات مزعجة ” إلى حد ما بسبب صغر سنها، إلا أنها واصلت المسير دون أن تعير أي اهتمام لهذه التحديات، التي عرفت كيف تتغلب عليها.
وفي خضم هذه المتغيرات في حياتها، أصبحت نموذجا للترقي المهني للمرأة، وهو ما تحرص على الدفع به إلى الأمام، خاصة في ما يتعلق بجانب المناصفة، حيث تقول إن 52% من المشتغلين في تكنوبارك هم من العنصر النسوي.
في هذا السياق، تؤكد أنها تشعر بالارتياح لرؤية المزيد من النساء ينطلقن في مجال ريادة الأعمال ويثقن في تكنوبارك لخوض هذه التجرية والاستمرار فيها.
في هذا الجانب تحديدا، أبرزت بشكل صريح: “يجب أن أعترف بأنني أبدي بعض التعاطف مع النساء، لأن مجال الأعمال أكثر تعقيدا بالنسبة لهن.. ولذلك فإنني أؤيد عملية التمييز الإيجابي بشأن تمويل المقاولات المغربيات”، لأن ذلك يساهم في تمكين المرأة الذي يعد هدفا أساسيا.
فإذا كانت السيدة بن مخلوف تظهر، طيلة هذا الحوار، الطابع الجدي والمتزن لشخصية هذه المرأة الهادئة، فإنها سرعان ما تطغى عليها العاطفة عندما تأتي للحديث عن فضل ومساهمة الأسرة في حياتها الخاصة.
تقول في هذا السياق” في الأسرة هناك أب كان يقف بجانبي دوما لدرجة الصرامة.. واليوم أشكره لأنه كان كذلك.. أما والدتي فقذ كانت لطيفة معي ودائمة الإنصات “، تقول هذه السيدة، التي هي أم لطفلين وزوجة لرجل ” يدعمها بشكل يومي”.
وفي هذا السياق، تعترف السيدة بن مخلوف بنقطة ضعفها : ميلها إلى قول نعم لكل شيء، وذلك على حساب حياتها الشخصية في بعض الأحيان.. تقول أيضا إنه” على الرغم من أنني مرنة إلى حد ما، فإن الأشخاص الذين يعملون معي يكونون أحيانا مثقلين بعبء العمل، وهو ما يعد فرصة بالنسبة لي للاعتذار لهم”.
فالذين يشتغلون في تكنوبارك ثم زملاؤها يقولون إن لمياء بن مخلوف تشتغل بعقلية أنجلوساكسونية، (عمل إداري أنجلوساكسوني)، بل هي ” مديرة مفعمة بالإنسانية”.
وأكدوا أنه رغم تحملها مسؤولية جسيمة للغاية، فإنها تحرص على الحفاظ على علاقات إنسانية وبسيطة مع جميع الموظفين، دون أن ينسوا انتصارها لقضايا المرأة وتمكينها مهنيا.
تجدر الإشارة إلى أن السيدة بن مخلوف، تنحدر أصلا من الرباط، لكنها استقرت في الدار البيضاء خلال مسيرتها المهنية.. فهي نتاج خالص للنظام التعليمي العمومي المغربي الذي تدافع عنه جسدا وروحا.
كما تجسد القدرة على التكيف والإثراء الشخصي الناتج عن تنوع الخبرات والانفتاح، وكذا قيم التميز والإصرار والتضامن التي تقول إنها تريد من خلالها إلهام النساء والفتيات الأخريات.
و م ع