اعتبر المحلل السياسي خالد فتحي أن الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى أعضاء البرلمان، أمس الجمعة، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، يشكل خريطة ذهنية محكمة توضح للمغاربة كل ما يدور في العقل الاستراتيجي للمغرب الذي هو الملكية بطبيعة الحال.
وقال فتحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي، إن الخطاب الملكي السامي جاء على “شكل خريطة ذهنية محكمة تعكس وتوضح للمغاربة كل ما يدور في العقل الاستراتيجي للمغرب الذي هو الملكية بطبيعة الحال من تصورات وحلول ورؤى، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي” .
وشدد على أن الخريطة الملكية السامية “تسعف كل وزير ليستحضر ما يتعين عليه إنجازه في قطاعه، وليضع هذه المبادرات في سياق العمل الحكومي ككل”، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة وضع مخطط الولاية الحكومية ككل، وهذا يؤكد أن “الملكية المغربية تدير من موقعها الدستوري الأفق المغربي في عهد ما بعد كورونا، الذي يعرف تحولات كبرى في نمط العيش وفي ميزان القوى العالمي”.
وأضاف أن جلالته قدم في هذا الخطاب إشارات قوية، كان من أهمها أن الجائحة مستمرة، وأن التحول الرقمي لم يعد ترفا، وأن المؤسسات الدستورية هي من يتعين عليها أن تعطي المثل في تنظيم العمل عن بعد.
وأشاد صاحب الجلالة بإقبال المغاربة الصحراويين على التصويت بكثافة، وهو ما يعتبر أبلغ رد عملي على أعداء الوحدة الترابية، وينبغي أن ينتبه له العالم لأجل وضع حد لهذا النزاع المفتعل من طرف الجزائر.
وكذلك، فقد نوه جلالة الملك بترسيخ المغرب للخيار الديمقراطي، مما يدل على أن المغرب يستطيع أن يعيش الأجواء الديمقراطية، ولو في محيط إقليمي ما تزال تتعثر فيه الديمقراطية، من انتخابات مشكوك في مصداقيتها، إلى تجميد للمؤسسات المنتخبة، إلى تنازع حاد حول قوانين اللعبة الانتخابية.
وشدد جلالته، حسب المتحدث ذاته، على أن الملكية تقف على مسافة واحدة من كل الأحزاب أيا كان في موقعها، سواء في الأغلبية أو في المعارضة، وأيا كانت ينابيعها الإيديولوجية.
وأشار فتحي إلى أن جلالة الملك حدد الأولويات الاستراتيجية للبلاد، وفي مقدمتها ضمان السيادة بكل تجلياتها، وهنا تكون الحكومة مدعوة لكثير من الإبداع والتخطيط الاستراتيجي، فهي إذن دعوة للتفكير في ضمان الأمن القومي كيفما كانت الملمات والمفاجآت، فخطاب يوم أمس “درس بليغ في الاستراتيجيا الفاعلة والناجعة”.
وضمن هذه الأولويات، أيضا، الاستمرار في العمل عبر خطين متوازيين: تدبير الأزمة الصحية، وإنعاش الاقتصاد، وهو ما جعل جلالته يذكر مرة أخرى بضرورة احترام ااموطنين للتدابير الاحترازية، على اعتبار أن هذا أقل تجاوب مع الدولة التي استطاعت أن توفر اللقاح بالمجان للجميع.
فتحسن مؤشرات المغرب الاقتصادية يدل أنه على الطريق الصحيح، في انتظار أن تتحسن مؤشرات العيش بالنسبة للمواطن البسيط، وهو الهدف المرتبط بالتنزيل السليم للنموذج التنموي الذي نبه جلالته إلى أنه ليس إطارا جامدا للتنمية، بل هو يضع التوجهات العامة، ويتطلب الكثير من الخلق والإبداع لإنجاح الأوراش الكبرى، لاسيما ورش الحماية الاجتماعية الذي يجب أن يسنده تأهيل العرض الصحي.
وأبرز هذا المحلل السياسي أن الهيكلة الحكومية الجديدة بنيت على أساس التوجيهات الملكية السامية لرئيس الحكومة، حيث تم دمج الحماية الاجتماعية بالصحة من خلال وزارة واحدة، وإنشاء وزارة للتحول الطاقي وأخرى للتحول الرقمي، ووزارة الإدماج الاجتماعي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، وهذا يدل على وعي كبير بالرهانات والمخاطر التي تعترضنا في عالم ما بعد كورونا.
المصدر : و م ع