ليس من قبيل الصدفة أن يصبح واحدا من أكثر المواعيد الفنية المنتظرة كل سنة. فتفرد مفهومه للمزج، جعل مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة (27-29 يونيو) أكثر التجارب الموسيقية جرأة وتميزا في إسعاد عشاق الموسيقى ورواد هذه التظاهرة.
هذا المهرجان، الذي يحتفي هذه السنة بدورته الـ25، يشهد مشاركة موسيقيين من جميع أنحاء العالم، أتوا لتقديم عروضهم إلى جانب م عل مي كناوة. ويشكل المهرجان أيضا فرصة للقاء بين فنانين ذوي شهرة عالمية مشهودة ونجوم صاعدة تتلمس سبيلها في الساحة الموسيقية.
وستتميز هذه الدورة بتعددية الأنماط الموسيقية، بدء بموسيقى الأفروبيت والعيطة مرورا بالجاز، والموسيقى العربية الأصيلة، وموسيقى السول وحتى البانك روك. وستعرف دورة هذه السنة مشاركة أكثر من 400 فنان سيؤثثون 53 حفلا موسيقيا.
فعلى مدار ثلاثة أيام، ستتحول الصويرة إلى ملتقى ثقافي تنصهر فيه إيقاعات كناوة مع أنغام من جميع أنحاء العالم. ويفرز هذا المزج الموسيقي عروضا استثنائية، حيث تنتفي الحواجز والحدود الثقافية، لإشاعة قيم السلام والتآزر والتسامح.
ويعتبر برنامج هذه السنة طليعيا، وجريئا، ومتناغما، ودامجا. ويتعلق الأمر بدعوة لخوض تجربة فريدة، لا يمكن أن يقدمها سوى مهرجان كناوة وموسيقى العالم.
عندما رأى مهرجان كناوة النور في الصويرة في يونيو 1998، لم يكن أحد يتوقع مثل هذه التدفقات الفنية والإنسانية التي بثت روحا جديدة في مدينة موكادور العتيقة.
مدفوعا بالحاجة إلى حماية تراث تليد مهدد بالاندثار، أحدث المهرجان ثورة في المشهد الثقافي المغربي.
ومع مرور ربع قرن، ستشكل دورة هذه السنة بداية فصل جديد يتجه بحزم نحو المستقبل، وحامل لباقة مشاريع مهيكلة ومستدامة.
وفضلا عن الحفلات الموسيقية واللقاءات الثقافية، سيطلق المهرجان هذه السنة مشروعين جديدين بطموحات كبيرة، يتعلق الأول منهما ببرنامج تكوين بشراكة مع واحدة من أعرق المؤسسات الموسيقية في العالم، وهي كلية بيركلي للموسيقى (Berklee College of Music) التي تقع في مدينة بوسطن، ماساتشوستس، والثاني بإنشاء كرسي مخصص لثقافة كناوة بشراكة مع مركز الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير.
انصهار الألوان الموسيقية والثقافات
يتميز مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، في أجندة المواعيد الموسيقية العالمية، بمفهومه المتفرد في المزج الموسيقي.
فمن بين 400 فنان سيؤثثون هذه الدورة الخامسة والعشرين، سيستضيف المهرجان 34 م عل ما كناويا و53 حفلا موسيقيا في المجموع، من ضمنها 6 حفلات مزج موسيقي.
ومن بين هذه الحفلات، حفل الافتتاح الذي يعد بإيقاعات تمتزج فيها موسيقى كناوة بالباتوكادا البرازيلية، والفلامنكو الإسبانية وزاولي من كوت ديفوار ، وذلك في بوتقة تتبدى فيها أوجه التشابه بين هذه الألوان الموسيقية. كما سينبري كل من المعلم حسن بوصو (الدار البيضاء) والمعلم مولاي الطيب الدهبي (مراكش) مع فرقة دومانلي (كوت ديفوار)، ونينو دي لوس رييس (إسبانيا)، وإيلي أيي (البرازيل) لتقديم احتفالية باذخة للغاية!
حفل مزج موسيقي آخر لا ينبغي تفويته تحت أي ظرف ، وهو الذي سيجمع بين المعلم حميد القصري ومجموعة بوكانتي (الولايات المتحدة وكندا)، التي أسسها عازف القيثارة مايكل ليغ (ولقبه سناركي بابي) والحائز على عدة جوائز غرامي، بحيث اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز “تجربة آسرة لا تنسى”.
ولطالما حرص هذا المهرجان الرائد والطليعي والملتزم، على السفر بالجمهور في رحلة عبر موسيقى العالم، مع التقريب بين الفنانين المخضرمين والنجوم الصاعدة.
وسيكون الجمهور هذه السنة، على موعد مع مغني الراب الفلسطيني متعدد اللغات سانت ليفانت (واسمه الحقيقي مروان عبد الحميد) والثنائي المتمرس “عيطة مون أمور” الذي يتألف من المغنية المغربية وداد مجامة والموسيقي التونسي خليل إيبي، اللذين سيعيدان ببراعة إحياء هذا النوع الموسيقي المغربي التقليدي الشعبي وبعثه في العصر الحديث.
كما سيتمكن رواد المهرجان من الاستماع إلى واحدة من أجمل الأصوات في الفلامنكو وهي المغنية الإسبانية من أصل غيني استوائي بويكا، التي أشادت بها الصحافة العالمية لصوتها الفريد.
وسيكون الحفل الموسيقي لعازف الترومبيت الأمريكي الأسطوري راندي بريكر، الحائز على 7 جوائز غرامي، من أبرز فعاليات المهرجان لهذا العام.
وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية والأمسيات الفنية، ستنعقد الدورة الحادية عشرة من منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، والتي ستنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، حول موضوع “المغرب – إسبانيا – البرتغال: تاريخ بمستقبل واعد”.
فعلى بعد سنوات قليلة من الحدث التاريخي المتمثل في التنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم 2030 ، ستتوقف هذه الدورة عند غنى وتعقد العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.
وسيتناول المنتدى، الذي سيشارك فيه نحو عشرين شخصية من مشارب شتى، على مدار صباحيتين، مواضيع تتعلق بالتاريخ المشترك، ومكانة ودور مغاربة المهجر، والتنقل ووقع كأس العالم 2030 على قضايا الجوار.
وخلال 10 دورات، استقبل منتدى حقوق الإنسان أكثر من 150 شخصية بارزة (علماء أنثروبولوجيا، وفنانين، وكتاب، ومؤرخين، ووزراء، وسياسيين، وفلاسفة، وباحثين، ودبلوماسيين ….) تنحدر من 25 دولة و4 قارات (إفريقيا وأمريكا وآسيا وأوروبا).
وعلى مر السنين، رسخ مهرجان كناوة بالصويرة مكانته كملتقى لا محيد عنه ومختبر موسيقي فريد من نوعه في العالم، وذلك بفضل برمجة سمتها الأساسية، التعددية والجرأة.
و م ع