معرض الشارقة الدولي للكتاب.. خمسة أسئلة للكاتب والناقد الأدبي المغربي، عبد الرحمان طنكول
بمناسبة مشاركته في الدورة الـ43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، يجيب عميد كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس، الكاتب والناقد الأدبي، عبد الرحمان طنكول، على إشكالية صمود الكتاب أمام الزحف التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وعن دور الجامعات والمؤسسات التعليمية في تعزيز التبادل الثقافي ونشر المعرفة.
وفي حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، يتطرق السيد طنكول، إلى عدة نظريات علمية وفلسفية وأكاديمية في محاولة لايجاد مقترحات عملية توافق بين ضرورة الحفاظ على مكانة الكتاب باعتباره الأصل في التثقيف والتعلم والتوظيف الصحيح للتكنولوجيات الحديثة.
1- هل الكتاب بخير وهل مازال خير جليس ؟
يعتبر الكتاب أساس العلوم والمعارف، وهو وجه الإنسانية المشرق. يقال منذ مدة إن الكتاب يعاني أزمة، ولكن يصعب، في نظري، تحديد ملامح هذه الأزمة مادام أن الكتاب يندرج في إطار منظومة متشابكة تتداخل فيها مجموعة من العناصر الفنية، وبما أن الكتاب يشكل عنصرا من هذه العناصر المتكاملة فهو يحيا بحياته الخاصة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يفقد مكانته كونه رافدا من روافد الثقافة والعلم.
وعند قراءة الكتب والاطلاع على الحضارات السابقة، وتجارب الأمم، يصبح للقارئ كما هائلا من التجارب، التي يعمل على تسخيرها في حياته اليومية، فيعمل على طرح الأفكار التي تساهم في بناء الأوطان وتطويرها.
ولا يمكنني إلا أن أكد أن الكتاب خير جليس يحمينا من ظلمة الجهل وينير لنا حياتنا، لذلك يجب علينا أن نهتم بالقراءة، ونخصص كل يوم جزء من وقتنا لمطالعة بعض الكتب التي تعود علينا بالفائدة، فلن تقدر أي وسيلة أخرى أن تحل محله أو تلغي وجوده.
2- إلى متى يمكن أن يصمد الكتاب أمام زحف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟
الكتاب سوف يبتكر حياته ومساره الخاص، فمن الصعوبة بمكان القول إن هناك هيمنة لنظام معين للتواصل، لكن ربما ستتحول لوسائل أخرى ويتغير أسلوبها، وأوجهها، لكن هذا لايعني إنقراضها، لأن التاريخ جعلنا نعي بأن الأشياء تتغير وتتطور لكنها لا تختفي، بل تحيا بصور وأشكال جديدة.
وفي اعتقادي، رغم هذا التطور المهول في وسائل المعرفة الجديدة، سيجد الكتاب لنفسه المسالك الخاصة به من أجل الإرتقاء إلى نمط آخر، والتعايش مع هذه الوسائل الجديدة، وسيظل ملازما للإنسان من خلال وسائل أخرى كالمكتبات الإلكترونية مثلا، وذلك في ظل انتشار التقنيات الحديثة والإدمان على الهواتف الذكية.
والكتاب هو وسيلة للتعليم والتعلم، فالإنسان حينما يريد أن يدرس ويتعلم في مجال من مجالات الحياة المتنوعة والكثيرة فإنه يعود للكتاب ويلامس صفحاته ويطلع على ما فيها من علوم ومعارف، وكذلك الم د رس يعتمد على الكتاب في تلقين الطلبة وتعليمهم المناهج المختلفة، فالكتاب هو محور العملية التعليمية والتربوية وأداتها الرئيسية، والوسائل الأخرى جاءت لخدمة الكتاب أو ربما تطوير بعض أنماطه التقليدية وليس حجب وظائفه الحيوية.
3- كيف يمكننا التوفيق بين وظائف الكتاب الحيوية وهذه التقنيات الحديثة؟
إن الإنسان في حاجة إلى جميع أشكال وأنواع التواصل، فلقد كان في القدم مثلا يتواصل عن طريق الدخان، أو الطيور، فكان دائما يبتكر أشياء جديدة للتواصل.
وفي الواقع، فإن التكنولوجيا غيرت الكثير، وبدأت شيئا فشيئا تسيطر على جميع جوانب الحياة، إذ أن كل يوم يتغير نمط من أنماط الحياة، والكتاب أحد المتأثرين بهذه التكنولوجيا، وبالتالي أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية الذكية وفرت أيضا إمكانية الحصول على الكتب وقراءتها بالمجان بالطرق الإلكترونية، وهي فرصة جيدة لهواة القراءة والمطالعة، وهذا هو التوظيف والتزاوج الصحيح ما بين الكتاب كمصدر للمعرفة وهذه التقنيات الحديثة.
4- كيف تساهم الفعاليات الثقافية، كمعارض الكتاب، في نشر الوعي بأهمية القراءة؟
إن معارض الكتاب تشكل فرصة للزائر خاصة الجيل اليافع لتوطيد العلاقة مع الكتاب والمطالعة واستكشاف النتاج الثقافي والآداب الإنسانية والتاريخية والثقافية والحضارية من خلال الفعاليات الثقافية المتنوعة.
كما تشكل حلقة وصل بين المتلقي والأدباء والمفكرين، إلى جانب الاستمتاع بمجموعة من الأنشطة مثل الندوات والحلقات النقاشية والعروض المسرحية التي تغطي مختلف المجالات الثقافية، بالإضافة إلى تنوع الكتب المعروضة، فكل شخص كيفما كانت خلفيته الثقافية واللغوية يجد ظالته في معارض الكتب.
فالاهتمام بتنظيم المعارض، يقودنا إلى كل ما يتعلق بالكتابة، والقراءة، والعلم والمعرفة، إذ جميعها عناصر لازمة وحلقات متصلة بالكتاب، إلى جانب كونها عنوانا لإبداع المبدعين والناشرين وتنافسهم في شتى العلوم والمعارف.
5- من موقعكم كعميد لكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بالجامعة الأورومتوسطية، كيف تساهم الجامعات والمؤسسات التعليمية في تعزيز التبادل الثقافي ونشر المعرفة؟
تعتبر كل المكونات التربوية والثقافية بما فيها الجامعات والمدارس والمعاهد والأكاديميات، معنية بضرورة حث طلبتها على ضرورة القراءة والتثقيف وإرساء أسس تقنية وعلمية لتنمية المخزون الثقافي والمعرفي والمهاري لدى الطالب والارتقاء به.
والجامعة المغربية تتيح لطلبتها إمكانات هامة لتحصيل المعرفة، إذ أخذت على عاتقها أن تكون بالأساس بمثابة فضاء شبكي يمتلك الطالب فيه القدرات الفكرية الكفيلة بتناول مختلف الإشكالات من عدة أوجه معقدة، إن على مستوى الجزء أو الكل، أو على مستوى الظاهر والمضمر.
وكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بالجامعة الأورومتوسطية، تعمل من خلال عدة برامج تعليمية وأكاديمية على الإسهام في ربط أواصر التواصل بين الثقافات وتبادل المعارف والتعاون في مجالات التعليم العالي والبحث والابتكار، خاصة وأن هذه الجامعة يدرس بها طلبة من جنسيات مختلفة من إفريقا وأوروبا.
وقد تم إرساء بعض هذه البرامج، وسيتم إطلاق برامج أخرى بالتعاون مع مؤسسات تعليم عالي معروفة في بعض البلدان الأورومتوسطية، كما يجري إرساء العديد من الأنشطة البحثية التي تنصب حول موضوع تعزيز التبادل الثقافي ونشر المعرفة.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.