صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة

قبل 14 ساعة

خصت مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة بوزارة الصناعة والتجارة، السيدة عفاف سعيدي، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار حول تطور وآفاق صناعة الطيران في المغرب :

1. ما هو تقييمكم للوضع الحالي لقطاع الطيران بالمغرب؟

في أقل من 20 سنة، تمكن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من بناء منصة صناعية للطيران من مستوى عالمي، بفضل استراتيجيات متتالية في إطار تنسيق فريد بين القطاعين العام والخاص.

اليوم، النتيجة واضحة ! فصناعة الطيران المغربية هي بلا شك واحدة من أنجح التجارب الصناعية في المملكة. بعد عشرين سنة فقط من إطلاق أول مبادرة في هذا القطاع، أصبح المغرب المصدر الرئيسي للمواد وقطع الغيار والمكونات في القارة الإفريقية، واحتل المرتبة الخامسة عالميا بين الدول الأكثر ديناميكية في قطاع الطيران، والمرتبة الأولى في إفريقيا.

في هذا السياق، الأرقام تتحدث عن نفسها: فقد سجلت صناعة الطيران الوطنية نموا بنسبة تزيد عن 3.8 في المائة سنة 2023 مقارنة بسنة 2022. وبلغ رقم المعاملات للتصدير حتى أكتوبر 2024 نحو 21،864 مليار درهم، مسجلا زيادة قدرها 17.3 في المائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023.

وبإحداث أكثر من 23 ألف فرصة عمل مؤهلة، حققت هذه الصناعة معدل اندماج محلي بنسبة 42 في المائة، ما يعكس الارتقاء بقدرات منصة الطيران المغربية، وذلك رغم الظروف غير المواتية التي شهدها هذا القطاع خلال العامين الماضيين.

هذا الأداء الرائع يعكس ليس فقط صمود صناعة الطيران الوطنية، ولكن أيضا قدرتها على التكيف مع ديناميكيات السوق العالمية، مع لعب دور حاسم في الارتقاء بالكفاءات المحلية والنسيج الصناعي للبلاد.

لقد استطاع المغرب تطوير سلسلة قيمة متكاملة في قطاع الطيران. شركات محلية تخصصت في مجالات دقيقة مثل الميكانيكا الدقيقة، المواد المركبة، تصنيع مكونات المحركات، و تجميع الهياكل الجوية. هذه الخبرة معترف بها من ق بل كبار المصنعين العالميين مثل بوينغ، إيرباص، بومباردييه، وسافران، والعديد من الرواد الآخرين الذين وثقوا في المغرب وأقاموا مصانع ومراكز هندسة فيه.

اليوم، صناعات الطيران بالمغرب مدعوة أكثر من أي وقت مضى للاستفادة من الفرص المتاحة، مع استثمار نقاط قوتها العديدة. انفتاحها على الصناعة 4.0، ورؤيتها للاستثمار في التكوين، والبحث والتطوير، والتقنيات الجديدة، والمنتجات المبتكرة، كلها عوامل ستمكنها من مواصلة مسارها التصاعدي وتعزيز مكانتها في سلاسل القيمة العالمية.

2. ما هي الجهود المبذولة لتحسين جودة الإنتاج وتعزيز تنافسية القطاع على الصعيدين الوطني والدولي؟

تمكن المغرب من تطوير قطاع طيران عالي الجودة، يساهم بشكل كبير في الارتقاء باقتصادنا، من خلال المزايا التنافسية التي لا جدال فيها، والبيئة الداعمة التي تلبي معايير التميز والسلامة التي يفرضها هذا القطاع.

تم تنفيذ مجموعة من التدابير لتعزيز تنافسية هذا القطاع، بما في ذلك بنية تحتية حديثة، نظام تكوين ملائم، منظومة طيران ديناميكية وجاذبة تتميز بتنوع المهن، بيئة أعمال داعمة، ودعم مباشر لمشاريع الاستثمار، مع تقديم تشجيعات للمشاريع الريادية والمبتكرة.

في ما يخص العقار الصناعي، يوفر المغرب مناطق صناعية حديثة مخصصة للطيران، مثل منطقة “ميدبارك” التي تحتوي على إطار متكامل يشمل منشآت متطورة، أراض متاحة، وحوافز ضريبية مشجعة. كما يلعب ميناء طنجة المتوسط دورا محوريا في تعزيز هذا القطاع.

وقد مكن تنوع المهن في هذه الصناعة من خلق تآزر بين مختلف مكونات سلسلة القيمة، مما عزز تنافسيتها، ومستوى اندماجها المحلي، وقدرتها على تلبية متطلبات قطاع عالي التقنية دائم التطور.

وعلى مستوى التكوين، يمكننا أن نفخر بتوفر يد عاملة مؤهلة، حيث تم إنشاء مدارس متخصصة وبرامج تكوين ملائمة بالتعاون مع الصناعيين لتأهيل جيل جديد من الشباب المؤهلين والمتخصصين.

3. ما هي آفاق القطاع؟

يتجه المغرب نحو تسريع وتيرته، مواكبا التحولات العميقة التي يشهدها السوق العالمي.

يستعد القطاع لعملية تحول كبيرة لتعزيز قاعدة الصناعة المغربية، من خلال تطوير منظومات جديدة، وتنفيذ مشاريع أكثر تعقيدا ، مع مواجهة تحديات التحول الرقمي، وإزالة الكربون، والابتكار التكنولوجي، والاستفادة من مواهب وإبداع الشباب المغاربة.

نحن نتبنى نهجا استباقيا لضمان مواءمة صناعة الطيران مع التطورات السريعة على المستوى العالمي. في إطار هذه الاستراتيجية، نضع الابتكار في صلب أولوياتنا، مع تركيز خاص على التقنيات الصديقة للبيئة وتقليل البصمة الكربونية، مما يعزز مكانة المملكة كمنصة صناعية تنافسية ومستدامة.

كما نقوم بإطلاق برامج تكوين عالية المستوى بالتعاون مع الفاعلين الدوليين في القطاع لتعزيز الكفاءات التقنية للشباب المغربي وإبراز وظائف ذات قيمة مضافة عالية، مثل الهندسة، وتصميم الأنظمة الجوية المعقدة، وإنتاج المواد المركبة المتقدمة.

وموازاة مع ذلك، نواصل الترويج لعلامة “صنع في المغرب”، التي تعد ضمانا للجودة والمعرفة المحلية، مع تعزيز سيادتنا الصناعية، مما يمكننا من تلبية احتياجات عملائنا، وزيادة مستوى الاندماج المحلي، وجذب استثمارات جديدة.

عموما، تبدو الآفاق المتوسطة والطويلة الأجل لهذا القطاع واعدة جدا ، مع جيل جديد من الشركات والكفاءات المستعدة لجعل المغرب مرجعا عالميا في صناعة الطيران.

و م ع

آخر الأخبار