المغرب-بنما.. دينامية جديدة نحو شراكة استراتيجية

قبل 3 أيام

شهدت العلاقات بين المغرب وبنما، في الفترة الأخيرة، نقلة نوعية تُمهّد الطريق أمام تعزيز شراكة استراتيجية لا تقتصر على البلدين فقط، بل تشمل إفريقيا وأمريكا الوسطى واللاتينية.

ويُعد قرار بنما تعليق اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية أكبر تجسيد لهذه الدينامية الإيجابية ودعما للشرعية الدولية والمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، كما يعكس الجهود الدبلوماسية التي يقودها المغرب لتعزيز مكانته كشريك موثوق به لدى دول الجنوب.

جاء قرار بنما في لحظة حاسمة قبل أقل من شهرين على انضمامها إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم. ويعكس الموقف البنمي إرادة سياسية لدعم الجهود الدولية لحل النزاع حول الصحراء المغربية، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.

تلقت بنما رسالة شكر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أكد فيها جلالته على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، مؤكدا جلالته أن “هذا القرار بالغ الدلالة يدعم حقوق المغرب المشروعة، وذلك في انسجام مع الشرعية الدولية وتناغم مع الدينامية التي يشهدها العالم حاليا”.

+آفاق واعدة لشراكة استراتيجية +

خلال آخر مباحثات انعقدت بين وزيري خارجيتي البلدين، ناصر بوريطة، وخافيير إدواردو مارتينيز-آشا فاسكيز، اتفق المغرب وبنما على تعزيز الإطار القانوني للعلاقات الثنائية وتفعيل آلية المشاورات السياسية. هذا الاتفاق يجسد الالتزام بوضع أسس شراكة قوية واستراتيجية تنبني على الحوار والتفاهم.

ويشكل التعاون الاقتصادي لبنة أساسية في العلاقات المغربية-البنمية، حيث يسعى البلدان إلى زيادة المبادلات التجارية والاستثمارات البينية، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والفلاحة والصيد البحري والطاقات المتجددة.

ويمثل الموقع الاستراتيجي لكلا البلدين نقطة قوة رئيسية، فالمغرب كبوابة لإفريقيا، وبنما كمحور هام في أمريكا اللاتينية والكاريبي، يوفران إمكانات كبيرة لجذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، وتطوير الموانئ والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى التعاون لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات والهجرة غير النظامية، وخاصة في سياق التحديات العالمية المتنامية.

وتبدي بنما اهتماما كبيرا بتجربة المغرب في مجال التنمية البشرية، من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ودورها في تحسين مستوى العيش ورفاه السكان.

كما يشكل مجالا الثقافة والتعليم محورين هامين في التعاون بين الرباط وبنما سيتي، إذ يعكس تدشين “مكتبة الملك محمد السادس” بمقر برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي، التزام المغرب بتعزيز الحوار الثقافي والانفتاح على شعوب المنطقة.

+ التعاون البرلماني.. دعامة رئيسية +

يعود التعاون البرلماني بين المغرب وبنما إلى عقود مضت، حيث كان البرلمان المغربي أول برلمان إفريقي وعربي يحصل على صفة عضو ملاحظ في برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي، ومقره بنما سيتي. وما فتئ هذا التعاون يتعزز من خلال المنتديات البرلمانية والزيارات المتبادلة، بما يدعم التعاون جنوب-جنوب.

مؤخرا في بنما سيتي، أعلن مجلس المستشارين وعدد من البرلمانات الجهوية والإقليمية بأمريكا اللاتينية والكاريبي عن توقيع إعلان مشترك لإحداث “المنتدى البرلماني الاقتصادي المغرب-أمريكا اللاتينية والكاريبي”، كمبادرة لتعميق العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، وإحداث فضاء مؤسساتي رسمي ودائم للحوار البرلماني بين-إقليمي يعزز التعاون والعمل المشترك.

ومكن الحضور القوي للمغرب في مختلف الهيئات التشريعية الإقليمية بأمريكا اللاتينية والكاريبي من إسماع صوت القارة الإفريقية ووضع إطار ملائم للتعاون بين القارتين، وأيضا الدفاع عن القضايا والمصالح الوطنية.

ومع بدء مرحلة جديدة في العلاقات المغربية البنمية، ما فتئ المغرب يعزز مكانته وشراكاته مع دول أمريكا الوسطى واللاتينية، في إطار الالتزام المشترك والتكامل الإقليمي.

ومن خلال عضويتهما في العديد من المنظمات الدولية، يمكن للمغرب وبنما تعزيز التنسيق لدعم مصالحهما ومصالح قارّتيهما في مواجهة التحديات العالمية المختلفة.

واليوم، تمثل العلاقات المغربية-البنمية نموذجا للتعاون البناء بين دول الجنوب، حيث تبرز فرص هائلة لتعزيز الشراكة في عدة مجالات، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين.

و م ع

الوسوم : المغرب بنما