نظمت محكمة الاستئناف الإدارية بطنجة بشراكة مع هيئتي المحامين بطنجة وبتطوان، أمس الخميس، ندوة علمية دولية حول موضوع “الدور الإنشائي للقضاء الإداري”.
وتطرقت الندوة، التي شهدت مشاركة قضاة ورجال قانون وأكاديميين من المغرب ومصر، إلى الدور الإنشائي للقضاء الإداري وأهميته في النظام القانوني، حيث يسهم القضاء الإداري في تنظيم وضمان توازن العلاقة بين الأفراد والسلطات العامة، كما يعمل على حماية الحقوق والحريات من أي تجاوز في استعمال السلطة.
في هذا السياق، أبرز المتدخلون أن القضاء الإداري يقوم بتفسير وتأويل النصوص القانونية المتعلقة بالشأن الإداري مما يساهم في خلق فهم أفضل لهذه النصوص وتطبيقها بشكل سليم.
في هذا الإطار، شدد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بطنجة، فكير عبد العتاق، أن “القضاء الإداري ليس بقضاء تطبيقي، بل هو قضاء خلاق ومبدع، لاسيما حينما يشوب النص القانوني غموض أو نقص تشريعي أو إبهام، فالقاضي يجتهد اجتهادات قانونية ويعمل على خلق القاعدة القانونية في بعض الأحيان”.
وأشار، في تصريح صحافي بالمناسبة، إلى أن تنظيم هذه الندوة، بدعم من المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبشراكة مع هيئتي المحامين بطنجة وتطوان، يروم تمكين المحكمة الإدارية بطنجة، باعتبارها محكمة مختصة، في المساهمة في خلق بيئة قانونية وثقافية وتطوير ونشر الأخلاق القضائية وقيم العدل والإنصاف.
في السياق ذاته، سجل أن الندوة، التي تشهد مشاركة رئيس مجلس الدولة المصري، احمد عبد الحميد حسن عبود، وثلة من كبار رجال القانون من المغرب ومصر، تروم خلق نوع من التلاقح بين الفاعلين في منظومة القضاء الإداري بالبلدين، إلى جانب التعريف بالتجربة المغربية في المجال، والتي سجلت “نجاحا باهرا”.
في السياق ذاته، اعتبر رئيس مجلس الدولة المصري أن الدور الإنشائي للقاضي الإداري يتطلب من القاضي “ابتداع الحلول التي تحكم المنازعات التي تعرض عليه” متى غابت القاعدة القانونية أو شابها إشكال في التأويل.
واعتبر أن القضاء الإداري يتعين أن يحقق التوازن بين الادارة والأفراد، محافظا على حقوق الانسان الخاصة والعامة، تحقيقا للمصلحة العامة وضمانا لسيادة القانون وتطبيقه، مشيدا بالدور الذي يقوم به القضاء الاداري بالمملكة المغربية.
كما استحضر تجربة القضاء الإداري بمصر عبر إنشاء مجلس الدولة المصري سنة 1946، مستلهما التجربة الفرنسية في المجال، موضحا أن مجلس الدولة خلال حوالي 80 عاما راكم تجربة غنية مكنته من وضع قواعد خاصة لمجموعة من القضايا المستجدة.
من جهته، أبرز المحامي بهيئة طنجة، محمد بلفقيه، في كلمة باسم هيئتي طنجة وتطوان، أن “القضاء الإداري قضاء غير عادي، حيث أن القاضي ليس مطبقا للنص فقط، بل يتعداه إلى خلق القاعدة القانونية، حيثما غاب النص القانوني أو اعتراه ليس وإبهام”، مستعرضا دور المحامي في هذا الدور الإنشائي للقضاء الإداري على اعتبار أن المحامي هو مبتدأ ومنتهى المنازعات القانونية.
وأشار إلى أن الندوة مناسبة لتبادل وجهات النظر والرؤى بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة لتجويد العمل القضائي والمساهمة في تأسيس قضاء إداري قوي يرقى بالشأن القانوني والمؤسساتي للمغرب.
وأشارت مجموعة من المداخلات إلى أن القضاء الإداري يساهم في تطوير القوانين من خلال أحكامه، إذ تشكل الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري سوابق قضائية تساهم في توحيد المعايير والإجراءات الإدارية، مما يسهل على الأفراد والإدارة على حد سواء فهم توقعات القانون.
و م ع