تنطلق اليوم السبت بتزنيت، الاحتفالات بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، بافتتاح فعاليات الدورة الثالثة لتظاهرة “تيفلوين”، التي تروم إبراز العادات والتقاليد الأمازيغية العريقة، تحت شعار “احتفالية الأرض والهوية”.
وتأتي هذه الاحتفالية الممتدة إلى غاية 14 يناير الجاري، تماشيا مع القرار الملكي السامي الذي أعلنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بجعل 14 يناير، فاتح السنة الأمازيغية، يوم عطلة رسمية في المملكة المغربية، مما يعزز الاعتراف بالثقافة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية.
وفي هذا الصدد، قال المشرف على هذه التظاهرة، عبد الله غازي، إن هذا الحدث الثقافي يشكل احتفالية تتوخى المساهمة في التعريف بالموروث المادي واللامادي لمدينة تزنيت، عبر ورشات حرفية تمتح من التقاليد التراثية للذاكرة الجماعية، المرتبطة أساسا بالدورة الزراعية والفلاحية والصناعات التقليدية المختلفة، إلى جانب استعراض أشكال ثقافية وفنون أصيلة منفتحة على التعبيرات الحداثية والعصرية، مع استحضار تنوعها وضرورة تشجيع وتثمين المنتوجات المحلية المجالية.
وأضاف، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن التظاهرة تعتمد على مقاربات الشراكة والتشارك والنوع، واحترام البيئة وإدماج الأطفال والشباب في الدينامية التنموية بالمدينة والإقليم، وكذا تثبيت الممارسات الفنية بالفضاءات الثقافية، وتشجيع القدرات الإبداعية المحلية للرواد والشباب، واكتشاف الدلالات الرمزية للاحتفال بـ”إيض يناير”، والتعرف على الحضارة الأمازيغية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الثقافة المغربية.
وحول جديد الدورة الحالية من هذه الفعالية، أفاد بأن النسخة الثالثة تتميز بجعلها لاقتصاد المعرفة والصناعة الثقافية قاعدة لتحسين التنافسية الاقتصادية والترابية لإقليم تيزنيت، وعاملا من عوامل تقوية جاذبيته الثقافية والتراثية والتنموية، وترسيخ الترابط التاريخي بين بساتين “تاركا” كمتنفس بيني يمتد على عشرات الهكتارات، والمدينة العتيقة كواحدة من أعرق المدن على الصعيد الوطني.
وذكر أن البرمجة الغنية التي تقترحها النسخة الثالثة من الاحتفالية، تسلط الضوء على مكانة الثقافة الأمازيغية وحضورها الفاعل والمؤثر عبر التاريخ في الحضارة المغربية، من خلال سعيها إلى إبراز قدرتها على الانفتاح والتمازج والتكامل والتفاعل الخلاق مع الحضارات الأخرى.
وبخصوص إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية بالمغرب، قال السيد غازي، إن القرار التاريخي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بجعل يوم 14 يناير من كل سنة يوم عطلة رسمية مؤدى عنها، من شأنه تعزيز الاعتراف بالثقافة الأمازيغية كمكون رئيسي للهوية المغربية.
ويتضمن برنامج الدورة الثالثة، إقامة فضاءات للتذوق التي تسعى إلى التعريف بمختلف الأكلات التقليدية المقرونة بـ”إض يناير”، واحتفالية “المعروف”، التي تعتبر واحدة من العادات القديمة المجسدة لقيم التضامن والتآزر ، كما ستعرض فيها منتوجات الجمعيات النسائية و اللباس الأمازيغي الأصيل، إلى جانب تجسيد الفنون الجماعية التقليدية المتنوعة والتي تتحول فرجاتها بسلاسة من مكان إلى مكان تتألف من رقصات أحواش وأشكال تعبيرية فرجوية تمثل مختلف مناطق الإقليم.
و في إطار تعزيز الارتباط بالتقاليد الدينية العريقة ستكون ساحة الجامع الكبير مسرحا لاحتضان ليالي صوفية وجلسات ذكر جماعية، تتخللها تلاوات قرآنية، وأمداح نبوية، تعكس أجواء روحانية.
كما أن مركز تفسير التراث، سيضم أروقة متعددة للكتب حول الثقافة الأمازيغية، وورشات للقراءة وفنون الخط وفن الأوريكامي، وسيحتضن فضاءه العلوي الورشات التكوينية الموضوعاتية واللقاءات بين الفنانين والمبدعين، إضافة لمعرض ذاكرة تزنيت المربية، ومعرض صور الحلي المحلية بالفضاء التحت أرضي.
و سيكون مسرح الهواء الطلق “أغناج”، مسرحا لاحتضان أنشطة ترفيهية للأطفال، و سهرات تراثية تتشكل من فقرات المديح الصوفي النسائي “أكراو ن تمغارين” وفنون تيرويسا وفن مدرستي تارشاشت وتازنزارت الرائدتين في سماء الأغنية الأمازيغية.
ويمثل الاحتفال بـ “إيض يناير” بداية الموسم الفلاحي لدى الأمازيغ، ويعكس التشبث بالأرض، على اعتبار أن هذا الحدث كان دائما مرتبطا بالنشاط الفلاحي.
كما يكتسي رمزية كبيرة تعكس تجذر وتنوع النسيج الثقافي المغربي، وكذا الإرادة في المضي قدما في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.