سنة 2023 محطة مهمة في مسار استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية المستقلة (تقرير)
شكلت سنة 2023 محطة مهمة في مسار استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية المستقلة بالمغرب، وتنزيل الرؤية الملكية السامية لإصلاح القضاء وتخليقه ودعم استقلاله، وتنفيذ مختلف الأوراش والبرامج التي تضمنها المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المعلن عنه سنة 2021، والممتد تنفيذه إلى نهاية سنة 2026.
واستعرض التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية (2023)، بخصوص منجزات المجلس في مسار استكمال البناء المؤسساتي، أبرز المستجدات التي عرفتها المنظومة القانونية المؤطرة لعمل السلطة القضائية خلال سنة 2023، والتي همت صدور القانونين التنظيميين رقم 13.22 و14.22 اللذين تم بموجبهما تغيير وتتميم القانونين التنظيميين رقم 100.13 و106.13 المتعلقين على التوالي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، ودخلا حيز التنفيذ بتاريخ 23 مارس 2023، وكذا صدور القانون رقم 37.22 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 07 شتنبر 2023، إضافة إلى صدور النظام الداخلي الجديد للمجلس، والذي تضمن مستجدات استهدفت تحقيق الملاءمة والانسجام مع التعديلات المدخلة على القانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه.
وقد استهدفت التعديلات المدخلة على القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يضيف التقرير، تأهيل هياكل المجلس، وملاءمة الوضع القانوني للهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية مع الواقع العملي، وتخليق انتخابات ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وتحسين شروط إجرائها، وكذا الرفع من نجاعة أداء المجلس وتحسين مساطر اشتغاله، وتأطير مساهمته في تدبير الشأن القضائي وتمكينه من الآليات القانونية المناسبة لوضع تقاريره. من جهة أخرى، استهدفت التعديلات المدخلة على القانون التنظيمي رقم 13-106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، معالجة النقص الذي كان يعتري بعض المواد المتعلقة بتدبير وضعيات القضاة، وتفعيل الدور التأطيري للمجلس في مجال التخليق، سواء في ما يتعلق بالمادة التأديبية أو بتفعيل مدونة الأخلاقيات القضائية. إضافة إلى سد الفراغ التشريعي بشأن بعض حالات الخطأ الجسيم ورد الاعتبار. وأشار التقرير إلى قرار الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عدد 16.23 بتاريخ 10 يوليوز 2023 بتحديد الهياكل الإدارية والمالية للمجلس، والذي تمت بموجبه مراجعة التنظيم الهيكلي لإدارة المجلس، حيث تم إحداث البنيات الإدارية التي تمكن المجلس من تنزيل اختصاصاته ومهامه، والاضطلاع بالأدوار المنوطة به في مجال إعداد التقارير حول منظومة العدالة، والإشراف على سير الجانب القضائي للإدارة القضائية، وتأطير العمل القضائي وتحسينه، إضافة إلى تجويد عمله وتطويره بشأن اختصاصاته الأصيلة المنصوص عليها في الدستور والقانون التنظيمي رقم 100.13.
وعلى مستوى تعزيز التنسيق مع السلطة الحكومية، فقد استعرض التقرير حصيلة عمل الهيئة المشتركة المكلفة بالتنسيق في مجال الإدارة القضائية خلال سنة 2023، حيث عقدت هذه الهيئة اجتماعاتها بصفة منتظمة ومستمرة، وتمكنت من معالجة الكثير من الإشكاليات المرتبطة بالجانبين الإداري والمالي للإدارة القضائية بالمحاكم، كما كانت فرصة لفتح نقاشات بشأن مجموعة أخرى من الأوراش والبرامج التي تهم تطوير الإدارة القضائية وتحديثها، وتجويد الخدمات المقدمة للمتقاضين والمرتفقين.
أما على مستوى التنسيق مع السلطات الحكومية في مجال التشريع المرتبط بمنظومة العدالة، فقد أبرز التقرير مشاريع ومقترحات القوانين التي أحيلت على المجلس، سواء من طرف رئاسة الحكومة أو وزارة العدل أو الأمانة العامة للحكومة، أو قطاعات حكومية أخرى من أجل إبداء رأيه فيها في إطار الفصل 113 من الدستور والمادة 112 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس، حيث بلغ مجموع هذه المشاريع 15 مشروعا. وأشار التقرير إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للمعهد العالي للقضاء، وذلك بإعداد مشروع قانون جديد ينظم هذه المؤسسة، انكبت على إعداده لجنة مشتركة من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهم المشروع الذي صادق عليه مجلس النواب بالإجماع بتاريخ 26 يونيو 2023، وبعده مجلس المستشارين بالإجماع أيضا بتاريخ 18 يوليوز 2023، لينشر بالجريدة الرسمية عدد 7228 بتاريخ 07 شتنبر 2023، ويدخل حيز التنفيذ ابتداء من التاريخ المذكور.
وتتويجا للمسار التشريعي لهذا القانون، شهد المعهد العالي للقضاء يوم 27 نونبر 2023 حفل تسليم السلط بين وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وبين الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، بصفته الرئيس الجديد لمجلس إدارة المعهد، وفقا لمقتضيات 9 من القانون رقم 37.22 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء، بحضور شخصيات حكومية ورؤساء مؤسسات دستورية وقضائية، وشخصيات تمثل هيئات وطنية ودولية. أعقبه انعقاد أول مجلس لإدارة المعهد في شكله الجديد برئاسة الرئيس المنتدب للمجلس.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.