تابع المستشارون البرلمانيون، أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمجلس المستشارين، العرض الذي قدمه، يوم الثلاثاء 28 يناير2025، أمامهم وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، الخاص بالتقرير الدوري الخامس المتعلق بإعمال اتفاقية مناهضة التعذيب.
فبعد تقديمه ومناقشته على مستوى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، جاء دور المستشارين البرلمانيين الذين نوّهوا، من جانبهم، بالمقاربة التشاركية المعتمدة واطلاعهم على التقرير الذي أشرفت على إعداده المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان منذ ماي 2024، ووعدوا برفع ملاحظاتهم كتابة لتضمن للتقرير.
وفي سياق استكمال مسار إعداد التقرير الدوري الخامس المتعلق بالتعذيب وقبل اعتماده النهائي ورفعه إلى لجنة مناهضة التعذيب، شدد وزير العدل في كلمته على ضرورة تقديم التقرير أمام أنظار المستشارين البرلمانيين، مؤكدا نجاعة مبادرة تقاسمه مع المؤسسة التشريعية إيمانا بالدور الذي يقوم به كلا من مجلسي النواب والمستشارين في تجويد النصوص والتقارير.
وذكّر وزير العدل، بأن التقرير أعدته المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان وفق منهجية ارتكزت على مبدأ التنسيق مع حوالي 12 قطاعا ومؤسسة عبر عقد عدة اجتماعات وتشاور حول مضامين المشروع، وأنه بمثابة فرصة للوقوف من جهة على ما أنجز في مجال مناهضة التعذيب والوقاية منه، ومن جهة أخرى رصد الخصاص الذي مازال يحتاج إلى مجهود، مشيرا في الآن نفسه إلى أن المنهجية التي اتبعت لإعداد التقرير أتت أكلها علما أن المغرب سبق له سنة 2013 أن قبل بالمسطرة المبسطة في إعداد التقارير أمام لجنة مناهضة التعذيب، الرامية أساسا إلى عقلنة وتجويد تقديم تقارير الدول الأطراف، من خلال طلب معلومات وفق قائمة أسئلة محددة من اللجنة، إذ يعتبر رد الدولة الطرف بشأنها بمثابة تقريرها الدوري.
بيد أن صياغة مشروع التقرير تمت وفق موضوعات وانشغالات قائمة المسائل الواردة من اللجنة الأممية بشأن 48 سؤالا مركبا، وتقديم المعطيات والمعلومات الأساسية حول مدى استجابة القانون والممارسة على الصعيد الوطني لمقتضيات ومعايير الاتفاقية، خصوصا تلك المتعلقة بالمنجزات والمكتسبات الحاصلة التي تحققت نتيجة أوراش الإصلاحية سواء التشريعية منها أو المؤسساتية الرامية إلى حماية حقوق الإنسان على مستوى مناهضة التعذيب والوقاية منه، والجهود التي بذلتها السلطة القضائية والإدارة القضائية والمكلفين بإنفاذ القانون.
وفي هذا الإطار، أشار السيد الوزير إلى أن المعطيات الجوابية والتوضيحية التي وردت في التقرير خصوصا ذات الصلة بالتدابير التشريعية والمؤسساتية التي تجرّم التعذيب وتتعلق بتقادم الجرائم وبتأكيد ضمانات المحاكمة العادلة، إلى جانب مكافحة الإرهاب والإفلات من العقاب وعقوبة الإعدام وتسليم المجرمين والعقوبات البديلة…
كما توقف التقرير عند الضمانات المرتبطة بحرية تأسيس الجمعيات وزيارة المنظمات غير الحكومية للمؤسسات السجنية، والتظاهر السلمي واستخدام القوة لتفريق التظاهرات، إضافة إلى إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وصلاحياتها وضمانات استقلاليتها ومزاولة مهامها، وتقديم ضمانات وإجراءات التحقيق في حالات الوفيات المسجلة أثناء فترة الاعتقال ومكافحة الإفلات من العقاب.
وعقب تقديم التقرير، وفتح باب المناقشة، نوّه المستشارون البرلمانيون المتدخلون بالمقاربة المعتمدة سواء في منهجية إعداد التقرير أو في عرضه على لجنتي العدل والتشريع والحريات بمجلسي النواب والمستشارين وكذا تقاسمه مع جمعيات ومنظمات المجتمع المدني.
كما أشاد هؤلاء بكون المغرب كان من الدول السباقة التي صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب على صعيد شمال إفريقيا منذ عام 1993، أي بعد ست سنوات فقط من دخولها دوليا حيز التنفيذ.
ومنذ 2014، ساهم المغرب إلى جانب حكومات دول الدانمارك والشيلي وغانا وإندونيسيا، في قيادة المبادرة العالمية لتعزيز التصديق العالمي عليها، مما مكن من انخراط 20 دولة في الاتفاقية ليصبح عدد الدول الأطراف فيها 175 دولة، والتوجه نحو تحقيق تصديق عالمي عليها.
ويعتبر المغرب من الدول القليلة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ثلاثة دول) التي اعترفت باختصاص لجنة مناهضة التعذيب في معالجة الشكايات الفردية المتعلقة بادعاءات التعرض للتعذيب، وفقا للمادة 22 من الاتفاقية، وتفاعل مع هذه اللجنة منذ 2007 بشأن 34 حالة عرضت عليها تتعلق أغلبها بقضايا التسليم.
بلاغ لوزارة العدل