انعقدت اليوم السبت بمدينة طنجة أشغال الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بحضور وفود تمثل كبريات الحواضر العربية، إلى جانب شخصيات وازنة في مجال تدبير الشأن المحلي.
ويشكل هذا الاجتماع محطة هامة في مسار تعزيز التعاون العربي المشترك وتبادل الخبرات في مجال تدبير الشأن المحلي، إلى جانب كونه فرصة مواتية لإبراز الدور الذي تضطلع به المملكة المغربية في تجسيد رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية في مختلف المجالات التنموية، وتجسيد التزام المملكة المغربية الراسخ بتعزيز مكانة المدن على الصعيدين الإقليمي والدولي، عبر اعتماد حكامة محلية متطورة ومبنية على أسس من الاستدامة والتخطيط الحضري الحديث.
في كلمة بالمناسبة، أبرز والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، يونس التازي، أن احتضان المملكة المغربية لهذا الاجتماع يأتي في سياق تولي فيه المملكة المغربية، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اهتماما بالغا لتعزيز التعاون العربي المشترك، وخاصة في مجال التنمية الحضرية والتنمية المستدامة الشاملة، كما يعكس هذا الحدث الدور الريادي الذي تلعبه المملكة المغربية كجسر للتواصل والتقارب بين شعوب الأمة العربية، في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة.
في هذا السياق، أكد الوالي أن المملكة المغربية حققت إنجازات كبرى في مجال التنمية الحضرية، حيث أولت أهمية قصوى لتعزيز الجهوية المتقدمة واللامركزية، مبرزا في هذا الإطار برنامج إعادة تأهيل المدن العتيقة بهدف تجديد وتطوير البنية التحتية مع الحفاظ على طابعها التاريخي والثقافي، ومشاريع المحافظة على البيئة والاعتماد على الطاقات المتجددة، وإدارة النمو الحضري بفعالية وتعزيز البنيات التحتية.
واعتبر السيد التازي أن “هذه الإنجازات ليست مجرد مشاريع منفردة، بل هي جزء من رؤية شاملة تستند إلى النموذج التنموي الجديد للمملكة، تبعا للرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يضع الإنسان والبيئة في قلب السياسات التنموية”، منوها بأن “ما يحققه المغرب اليوم، هو ثمرة لرؤية استشرافية تؤمن بأن المدن ليست فقط فضاءات معيشية، بل محركات للتنمية وأدوات لتعزيز التكامل بين الدول والشعوب”.
من جانبه، شدد رئيس مجلس جماعة طنجة ورئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، منير ليموري، أن هذا الاجتماع يعكس “عمق أواصر التعاون والتضامن بين الجماعات الترابية في الوطن العربي عموما، وبين المدن على وجه الخصوص، كما يؤكد الالتزام الجماعي بالسعي لتعزيز التنمية الترابية وتحقيق رفاه المواطنات والمواطنين، في إطار من التدبير المحلي الأمثل والحكامة الترابية الجيدة”.
واعتبر ليموري أن استضافة طنجة لهذا الاجتماع مناسبة لتعميق التعاون بين المدن والجماعات الترابية العربية، وتبادل التجارب حول الرهانات المشتركة التي تواجه تدبير المجالات الحضرية، وفي مقدمتها تحقيق التنمية المستدامة، ومواكبة الامتداد العمراني، وتحسين جودة الخدمات العمومية، وتعزيز المشاركة المواطنة في اتخاذ القرار.
في هذا الإطار، أفاد بأن “التوسع الحضري المتسارع، والإكراهات البيئية، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، كلها تحديات تستوجب تبني سياسات عمومية متقدمة تحقق التوازن بين التطور الاقتصادي وصون البيئة، وبين تحديث المرافق الحضرية والحفاظ على الهوية الثقافية للمجالات الترابية”، مبرزا أن الاجتماع فرصة حقيقية لوضع خارطة طريق مشتركة لمدن أكثر ازدهارا واستدامة.
بدوره، أعرب الأمين العام لمنظمة المدن العربية، عبد الرحمان هشام العصفور، عن الامتنان والتقدير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على الدعم المتواصل الذي تقدمه المملكة المغربية للمنظمة، مشيدا في هذا السياق بالدور الإيجابي والفعال للمدن المغربية، التي كانت مدنا مؤسسة للمنظمة، في دعم مسيرة هذه الهيئة وإثراء أنشطتها وتعزيز أهدافها الرامية إلى خدمة المدينة العربية والمواطن العربي.
وذكر بأن المنظمة انطلقت سنة 1967 من الكويت لكي تؤسس لتضامن عربي مشترك يستهدف بناء مدن المستقبل مع التطلع للعمارة المعاصرة دون فقدان الهوية والجذور التراثية، من اجل تحقيق تطلعات المدن العربية في توحيد المفاهيم العمرانية والتخطيطية والاستقلالية المالية.
من جهته، أكد المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، أن اجتماع المدن العربية بطنجة يجدد العهد بالقدس الشريف والتطلع المتين للمغرب بقضايا القدس والمقدسيين، مذكرا في هذا السياق بأن الوكالة واصلت السنة الماضية التزامها ودعمها للقدس وللمقدسيين، بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، على قاعدة التشاور مع كل الفئات المجتمعية، من خلال تنفيذ 55 مشروعا بتمويل كامل من المملكة يفوق 4,2 مليون دولار، في مجالات الصحة والثقافة والتعليم والرياضة والشباب وبرامج المساعدة الاجتماعية والتنمية البشرية والمرأة والطفولة.
وبعد أن أشار إلى “الواقع الصعب” التي تعيش في ظله القدس وتنامي حاجيات المقدسيين لاسيما مع صعوبات التعافي الاقتصادي بسبب الأزمات المتوالية، دعا السيد الشرقاوي الوفود وأعضاء منظمة المدن العربية الحاضرين إلى تخصيص مساهمات مالية ضمن ميزانيتهم لدعم المشاريع الاجتماعية للمقدسيين والحفاظ على هوية المدينة المقدسة، مبرزا في هذا السياق أن المملكة “أقامت نموذجا في الدعم يقوم على الحكامة وحسن التدبير والرؤية الاستشرافية، وحقق نتائج ملموسة”.
وتم بالمناسبة، التي حضرها على الخصوص أعضاء من السلك الدبلوماسي العربي ومنتخبون ومسؤولون، التوقيع على مذكرتي تفاهم بين الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات مع منظمة المدن العربية من جهة، ومن جهة أخرى مع المعهد العربي لإنماء المدن لتعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتنسيق التكوين والتدريب ودعم القدرات والبحوث في السياسات الحضرية. كما تم افتتاح معرض لوكالة بيت مال القدس يضم صورا لمجموعة من المشاريع والمنجزات التي قامت بها الوكالة بالمدينة المقدسة، إلى جانب بعض المنتجات والمجسمات لأهم معالم المدينة.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.