جرى، أمس السبت، تكريم أعمال شخصيات من عالم الفكر والأدب الإفريقي، اعترافا بمساهمتهم في إغناء الإرث الثقافي الإفريقي، في إطار الدورة الثالثة لمهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش، وذلك خلال لقاء أدبي تحت شعار “المقابلة الكبرى”.
وشكل هذا اللقاء، الذي استضاف الوزيرة الفرنسية السابقة، كريستيان توبيرا، والكاتب والمفكر السنغالي رودني سانت الوي، مناسبة لتسليط الضوء على كتاب أفارقة قل ما يسمع عنهم، لا سيما أيقونة الأدب الكاتبة الغوادلوبية، ماريز كونديه، والكاتب والناقد الكاميروني، ليونيل مانغا.
وفي كلمة مؤثرة عن ماريز كوندي، أشادت السيدة توبيرا أمام الجمهور، الذي غص به فضاء المركز الثقافي “نجوم جامع الفنا” الذي يحتضن فعاليات المهرجان، بمعلمتها السابقة التي أصبحت صديقة لها، مؤكدة جرأتها وقوة كتابتها التي تركت بصمتها لدى أجيال من القراء.
كما تطرقت السيدة توبيرا إلى تأثرها الشخصي بماريز كوندي، الحائزة على عدد من الجوائز الأدبية، معتبرة أنها كانت بمثابة مرشدة لها في بناء فكرها؛ قائلة “لقد علمتنا ماريز ألا نخاف أبد ا من كتابة ما نحمله بداخلنا”.
وأشارت إلى أن الإرث الثقافي والفكري لكوندي، الذي تطرق إلى قضايا الهوية والتاريخ والاستعمار، يتجاوز حدود الزمن والأجيال، مشددة على الحاجة الملحة إلى قراءة كتابات كوندي وإعادة قراءتها لما تحمله من هموم ومآسي ما بعد الاستعمار في إفريقيا.
من جانبه استحضر السيد سانت إلوى، كتابات الروائي والكاتب الكاميروني ليونيل مانغا، الذي توفي مؤخرا، مشيرا إلى اهتمامه الكبير بالقضايا البيئية والاجتماعية، حيث شكلت أعماله مرجعا فكريا هاما لفهم التحولات المجتمعية والتحديات البيئية في إفريقيا.
كما توقف الضيفان عند فكرة “العالم الذي ينهار”، المستوحاة من تأملات ايمي سيزير التي عبر عنها في بيت شعري بقوله ” العالم ينهار، وأنا العالم”، مبرزين أن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي بدا وكأنه يعيد بناء نفسه على أسس جديدة لحقوق الإنسان، “ما زالت تشوبه تناقضات كبيرة، لا سيما الإمبراطوريات الاستعمارية التي ما زالت قائمة بأشكال خفية”.
وتقديرا لإسهاماتها الفكرية والسياسية، ودورها البارز في الدفاع عن قيم العدالة والحرية، تم في ختام هذا اللقاء، تكريم وزيرة العدل الفرنسية السابقة، كريستيان توبيرا، والإشادة بمسيرتها الحافلة ومواقفها المؤثرة على الساحة الدولية.
ويروم مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش، الذي تنظمه جمعية “نحن فن إفريقيا” (We Art africains) إلى غاية 2 فبراير الجاري، الاحتفاء بالأدب والثقافة الإفريقيين.
وتهدف هذه التظاهرة الثقافية، التي أضحت حدثا ثقافيا مميزا، إلى المساهمة في التأثير الثقافي والفني بإفريقيا من خلال إبراز ثراء أدبها وفنونها.
و م ع