إشكالية المعطيات ذات الطابع الشخصي شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة (السيد السغروشني)

أكد رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، عمر السغروشني، اليوم الثلاثاء بفاس، أن إشكالية المعطيات ذات الطابع الشخصي شهدت تطورا كبيرا خلال الثلاثين سنة الماضية، أخذا بعين الاعتبار الإكراهات الاقتصادية.
وأكد السيد السغروشني، الذي كان يتحدث في افتتاح اجتماع هيئات حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي التابعة للبلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي “لقد انتقلنا من مقاربة حقوقية بحتة إلى مقاربة تدمج الجوانب والإكراهات الاقتصادية”.
وأشار إلى أن للمعطيات ذات الطابع الشخصي تأثير وأهمية اقتصادية على اعتبار أننا “نشهد بروز اقتصاد المعطيات، مما يؤكد على أهمية عدم تقليل استخدام المعطيات الشخصية من خلال النظر فقط إلى الجانب المتعلق بحقوق الإنسان”.
وأوضح رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي “عندما ننظر إلى عمل السلطات المكلفة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، يتبين لنا أنها وسعت نطاق تدخلها ليشمل مختلف المجالات الرقمية، مرورا من سلسلة الكتل وحماية الأطفال والذكاء الاصطناعي وقطاعات أخرى”.
وشدد السيد السغروشني الذي دعا إلى معالجة “جادة” و”عميقة” لهذه المواضيع على “أننا لا ننظم الجانب التكنولوجي في حد ذاته، لكننا ن نظم استخدام التكنولوجيا”.
وتابع أن “حماية البيانات الشخصية تهدف إلى تشجيع التداول من بلد لآخر بشكل آمن، ولا تتعلق بمسألة تدبير المخزون الذي يتعين تحصينه وتأطيره”.
وأشار السيد السغروشني إلى تطور آخر لا يقل أهمية تم تحقيقه يتمثل في كون ” جميع المعطيات ذات الطابع الشخصي للسكان تكتسي اليوم بعدا استراتيجيا وجيوسياسيا”.
وسجل المسؤول ذاته أنه “في هذا السياق الجيوسياسي تطرح مسألة التنظيم نفسها”، وهو جانب يتم التعامل معه بشكل مختلف من بلد إلى آخر، مشددا على ضرورة معرفة الموقف الذي يجب اتخاذه من خلال التفكير معا في هذا الموضوع.
وشدد على أن “المسألة الأكثر أهمية ليست التكنولوجيا التي يتعين علينا التعامل معها، لأنها تتطور، بل الشيء الثابت الذي هو الإنسان وحماية مواطنينا”.
وبعدما أكد على صعوبة التعامل مع هذه الإشكالية على المستوى الوطني، دعا السيد السغروشني إلى توحيد الجهود كشبكة من أجل بلورة رؤية أفضل، والعمل على تحيينها بشكل دائم ومستمر.
من جانبها، أشارت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في الخصوصية، آنا برايان نوغريرس، إلى أن العالم أصبح رقميا بشكل أكبر، مما يطرح العديد من التحديات فيما يتعلق بحماية المعطيات والحياة الخاصة، مضيفة أن هذه التحديات تتعلق بالخصوص بالحفاظ على كرامة الأشخاص وقيمهم الأخلاقية.
وأوضحت السيدة برايان نوغريرس أن الحياة الخاصة لا تشكل عائقا أمام التقدم، بل تمثل ، على النقيض من ذلك، رافعة للتنمية المستدامة، مسلطة الضوء على الجوانب المهمة لدورها، لاسيما إبراز أهمية حماية الحياة في الحفاظ على حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين، ومشاركة التوصيات التي تمت بلورتها مؤخرا في هذا المجال، وضرورة النهوض بالتعاون الدولي.
وقالت “نحن نعيش في زمن أصبحت فيه المعطيات ذات الطابع الشخصي أساسا جوهريا للاقتصاد العالمي”، مضيفة أن التقدم التكنولوجي الكبير أثر على الطريقة التي يتم بها جمع المعطيات الشخصية ومعالجتها ومشاركتها على الصعيد العالمي، لاسيما ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان.
وتلتئم خلال اجتماع هيئات حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي التابعة للبلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، على مدى يومين، هيئات من مختلف البلدان الإسلامية، ضمنها هيئات تمثل عددا من البلدان الإفريقية.
ويناقش هذا اللقاء، الذي يأتي عقب الاجتماع الذي نظم السنة الماضية بإسطنبول بتركيا، العديد من المواضيع المرتبطة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة.
ويشكل الاجتماع، أيضا، مناسبة لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدان المشاركة من أجل مقاربة مثلى فيما يتعلق بتداول هذه المعطيات، في احترام لقيم وحقوق الإنسان الخاصة بالأشخاص.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.