حملت التساقطات المطرية التي عرفتها جهة الشرق، خلال الفترة الأخيرة، بشائر الخير للفلاحين والكسابة، في وقت شهدت فيه المنطقة فترات جفاف جراء التقلبات المناخية التي أثرت بشكل كبير على المردودية الفلاحية.
ورغم تباين مستويات هذه التساقطات من إقليم لآخر، فإن تأثيرها الإيجابي يبدو جليا على المخزون المائي بالسدود والفرشات الجوفية، وعلى مختلف القطاعات الفلاحية والرعوية؛ ما يعد بموسم فلاحي جديد يتسم بتفاؤل حذر، في انتظار المزيد من الغيث لتعزيز الإنتاج الفلاحي خلال الأشهر المقبلة.
وفي هذا الصدد، أكد المدير الجهوي للفلاحة بجهة الشرق، محمد اليعقوبي، أن المعدل التراكمي للتساقطات المطرية التي عرفتها الجهة، بلغ 77,1 ملمترا، بتراجع طفيف بنسبة 8 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من الموسم الفارط، فيما تصل نسبة التراجع إلى 50 في المائة مقارنة بموسم عادي، مشيرا إلى أن أعلى معدل سجل بإقليم فجيج بـ 133,6 ملم، في حين سجل إقليم الدريوش أدنى معدل بـ 53 ملم.
وأوضح السيد اليعقوبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه التساقطات ساهمت، بحكم تغطيتها لعالية الأحواض المائية للسدود المتواجدة بالجهة، في تحسين حقينة السدود التي بلغت 270 مليون متر مكعب، أي بزيادة 49 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من الموسم الفارط، إضافة إلى تحسين مستوى الموارد المائية الباطنية، حيث ارتفع منسوب المياه وصبيب الآبار والأثقاب المتواجدة بالجهة.
وأضاف أن الأثر الإيجابي لهذه التساقطات، امتد إلى الغطاء النباتي، حيث ساهمت في انتعاش المزروعات المختلفة، خاصة الأشجار المثمرة والشمندر السكري والخضروات، وكذا تحسن الغطاء النباتي بالمراعي؛ مما سيساهم في توفير الكلأ بجودة عالية وتقليص تكاليف تغذية القطيع؛ وهو ما يمثل عاملا مهما بالنسبة للكسابة بالجهة، وتعزيز الإنتاج الحيواني وجودة اللحوم المنتجة محليا.
وفي السياق ذاته، أشار المدير الجهوي إلى أن هذه التساقطات، ستنعكس إيجابيا على جزء من المجالات الغابوية وشبه الغابوية التي تزخر بنباتات عطرية وطبية التي تتميز بها جهة الشرق، وكذا على مربي النحل من خلال الرفع من إنتاجية خلاياها؛ مما سيساهم في نوعية منتوج العسل والرفع من دخل شريحة كبيرة من الفلاحين الصغار، خاصة الشباب والنساء الذين يعتمدون على هذه المنتجات المجالية كمصدر دخل أساسي.
واعتبر أن موجة البرد المصاحبة لهذه التساقطات، كانت مفيدة جدا لأشجار الفاكهة ذات النواة (الورديات)، التي تمتد على مساحة 52 ألف هكتار بالجهة، حيث تساهم درجات الحرارة المنخفضة في تلبية احتياجاتها من البرودة الشتوية؛ وهو عامل أساسي لضمان إنتاج جيد خلال الموسم المقبل.
وأبرز المسؤول الجهوي، أن المديرية الجهوية للفلاحة تعمل، في إطار الاستعدادات للموسم الفلاحي 2024-2025، بشراكة مع مختلف الفاعلين، على توفير المدخلات الأساسية للفلاحين بتكلفة مناسبة، حيث تم توفير 21 ألف و640 قنطار من البذور المختارة، و157 ألف قنطار من الأسمدة الآزوتية المنخفضة التكلفة، وذلك لدعم الفلاحين وتشجيعهم على توسيع المساحات المزروعة.
وبلغت المساحات المحروثة من الحبوب إلى حد الآن 66 ألف هكتار؛ أي ما يمثل 93 في المائة من البرنامج المسطر، فيما بلغت المساحات المزروعة من الحبوب الخريفية ما يناهز 48 ألف هكتار، مع توقع زيادتها بفضل التساقطات الأخيرة. وتصل المساحات المزروعة بالنباتات الكلئية إلى 10 آلاف و450 هكتار، أي نسبة 65 في المائة من البرنامج المسطر، في حين شهدت زراعة الشمندر السكري نموا بنسبة 60 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، حيث بلغت المساحة المزروعة 4.300 هكتار.
أما فيما يخص الخضروات الخريفية، أكد السيد اليعقوبي أنه قد تم زرع 3.617 هكتار من أصل 4.155 هكتار المبرمجة، أي بزيادة 33 في المائة مقارنة مع الموسم الفارط، مبرزا أنه يجري حاليا تنزيل برنامج الخضروات الشتوية، الذي يهدف إلى زراعة 4.610 هكتارا؛ مما يعزز الإنتاج المحلي، ويساهم في ضمان تموين الأسواق.
وأشار إلى أن إنتاج الحوامض بلغ، خلال هذا الموسم، أكثر من 192 ألف و350 طن، 60 بالمائة منها (115 ألف و800 طن) من الفاكهة الصغيرة التي تشتهر بها منطقة بركان، و76 ألف و550 طن من البرتقال.
كما بلغت المساحة الإجمالية المغروسة بشجر الزيتون 150 ألف و100 هكتار (أي ما يناهز 68 في المائة من مجموع الغراسات بالجهة)، فيما سجل الإنتاج 260 ألف طن؛ وهو ما يساهم في خلق حوالي 5,3 مليون يوم عمل في السنة، وتحقيق رقم معاملات يقدر بـ 2,4 مليار درهم؛ مما يعكس أهمية القطاع الفلاحي في الاقتصاد الجهوي.
ورغم التأخر النسبي للأمطار، وفقا للمديرية الجهوية للفلاحة، إلا أن تأثيراتها كانت إيجابية بشكل عام على الزراعات المختلفة والفرشة المائية؛ مما يعزز فرص نجاح الموسم الفلاحي الحالي. غير أن استدامة هذه التحسنات، يضيف ذات المصدر، تبقى رهينة بانتظام التساقطات في الأشهر المقبلة.
و م ع