22 فبراير 2025

التعاون الفلاحي بين البرازيل والمغرب.. حوار مع رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي

التعاون الفلاحي بين البرازيل والمغرب.. حوار مع رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي

عشية زيارة العمل التي تقوم بها إلى المغرب، استعرضت سيلفيا ماسروها، رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي (إمبرابا)، ملامح التعاون المثمر بين الرباط وبرازيليا.

وتسلط السيدة ماسروها الضوء، في هذا الحوار الذي خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، على طموحات هذا التعاون التقني، القائم على البحث والابتكار والتطور التكنولوجي من أجل النهوض بفلاحة مرنة ومستدامة، وضمان الأمن الغذائي في كلا البلدين.

1. خلال زيارة العمل التي تقومون بها للمغرب، تخططون لزيارة المكتب الشريف للفوسفاط، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، والمعهد الوطني للبحث الزراعي. ما هي مجالات التعاون التي ترغبون في استكشافها مع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وخاصة في مجال الابتكار الزراعي؟

في يونيو 2024، استقبلت “إمبرابا” أعضاء فرع المكتب الشريف للفوسفاط “نوتريكروبس” (المغرب) وفرع المكتب في البرازيل لمواصلة المناقشات التي بدأت في سنة 2022، بهدف توسيع وتنويع التعاون بين البلدين.

وكان من بين الأهداف إدماج جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في الشراكة بين المكتب الشريف للفوسفاط و”إمبرابا”، من خلال تطوير أنشطة مشتركة في مجال البحث والتنمية والابتكار، وخاصة في مجال الأسمدة الفوسفاطية، مع إعطاء الأولوية لإنتاج المدخلات العضوية المصنوعة من الفوسفور، وذلك بغية تشجيع التبادل بين الباحثين.

وتم استكشاف العديد من إمكانيات التعاون، كما تم الاتفاق على مشروع اتفاقية-إطار لإطلاق هذه الشراكة والسماح بانضمام هيئات أخرى، إذا لزم الأمر، من خلال عقود خاصة.

ويكمن الهدف الرئيسي في بناء شراكة شاملة وتعاونية، تروم إثراء البرامج التعليمية والبحثية، وتعزيز المبادلات التكنولوجية وتوسيع الاتصالات في المجالات الرئيسية، كالتكنولوجيات الحديثة، والفلاحة الرقمية، وتكوين الموارد البشرية، والفلاحة المستدامة، وخاصة منخفضة الكربون، وكذا نقل التكنولوجيا.

2- الشراكة بين “إمبرابا” والمعهد الوطني للبحث الزراعي تعتمد على التعاون التقني بعيد المدى. ما هي برأيمن محاور البحث ذات الأولوية؟

تشمل مجالات التعاون الرئيسية تدبير التربة والأسمدة، وتبادل المواد الجينية للقمح والشعير وبعض المحاصيل الشتوية الأخرى، بالإضافة إلى تقييم المخاطر المناخية الزراعية؛ وهو مشروع لـ “إمبرابا” يحدد المناطق والفترات المثالية لكل زراعة.

وتعتمد البنوك البرازيلية اليوم على هذا المشروع لمنح القروض للفلاحين، مما يعكس أهميته. ونظرا لتنوع أنظمته البيئية، فإن المغرب قد يستفيد من تنفيذ برنامج مماثل.

ويركز التعاون أيضا على الممارسات الزراعية المستدامة، وتعزيز تناوب الزراعات، والتكامل بين الزراعة وتربية الماشية والغابات، والتسميد الأخضر.

3- في ما يتعلق بتبادل المادة الجينية، وخاصة بالنسبة للقمح. ما هو التقدم الملموس الذي تتوقعونه في ما يخص تحسين الأصناف والتكيف مع الظروف المناخية الخاصة بكل بلد؟

إمكانات هذا التعاون هائلة. ويعتمد أحد المحاور الرئيسية على استوائية القمح، وذلك بفضل تطوير “إمبرابا” لأصناف من القمح تتكيف مع ظروف “سيرادو” (سافانا مشجرة تغطي 23 في المئة من الأراضي البرازيلية). وتتميز هذه الأصناف بقدرتها العالية على تحمل الجفاف، أي مقاومة الإجهاد المائي الخاص بهذه المنطقة الحيوية.

ويمكن استغلال التنوع الجيني لهذه المواد في برامج التحسين الوراثي التقليدية (غير المعدلة وراثيا)، سواء في البرازيل أو المغرب.

ويتمثل الهدف الرئيسي في توسيع زراعة القمح خارج جنوب البرازيل. وعلى المدى البعيد، قد يقود هذا التقدم البلاد نحو الاكتفاء الذاتي، رغم المناخ الأشد حرارة في البلاد.

وبالنسبة للمغرب، توفر الخبرة البرازيلية في هذا المجال آفاقا واعدة للأمن الغذائي وتنمية السوق، وبالتالي تقليل الاعتماد على واردات القمح.

4- التدبير المستدام للتربة والأسمدة ضروري لمستقبل الفلاحة. كيف يمكن الجمع بين الخبرة البرازيلية في الفلاحة المستدامة والخبرة المغربية في مجال الأسمدة، خاصة الفوسفاط القابل للذوبان، لتحسين موارد وإنتاجية البلدين؟

من شأن تبادل المعرفة بين البلدين تطوير تكنولوجيات تدبير التربة، وخاصة تخزين الرطوبة من خلال البذر المباشر والتكامل بين الفلاحة وتربية الماشية، فضلا عن استكشاف الأسمدة البديلة، مثل الأسمدة العضوية المعدنية ومعدنة التربة.

5- في مواجهة موجات الجفاف متزايدة الشدة، يعيد المغرب التفكير في تدبيره للمياه والتربة. ما هي ممارسات الزراعة المحافظة، المستوحاة من التجربة البرازيلية، التي يمكن أن تعزز قدرة القطاع على الصمود في مواجهة الإجهاد المائي؟

تعد ممارسات من قبيل البذر المباشر، وتناوب الزراعات واستخدام الأسمدة بطيئة النفاذ، وخاصة تلك المكونة من الآزوت، ضرورية نظرا للمناخ الذي يسود في المغرب. كما أن إدخال الأنواع النباتية المحلية كغطاء نباتي من شأنه تحسين تدبير التربة والماء.

ومع ذلك، تتطلب هذه التكنولوجيات مرحلة اختبارات وتتبع لتقييم مدى تكيفها، سواء في المغرب أو البرازيل.

6- تندرج هذه الزيارة في إطار دينامية أوسع للتعاون الدولي بالنسبة لـ “إمبرابا”. كيف تتماشى الشراكة مع المغرب مع إستراتيجيتكم الرامية إلى تعزيز الروابط في إفريقيا؟

نسجت “إمبرابا” تقليدا عريقا في التعاون التقني مع إفريقيا، مما يسهل نشر المعرفة ونقل التكنولوجيا للتقنيين والباحثين والمنتجين في البلدان الشريكة.

ومن نتائج هذه الشراكة تكوين العديد من الفرق الإفريقية في مختلف المجالات الفلاحية، وتعزيز المؤسسات ونقل التكنولوجيات الملائمة للواقع المحلي.

وفي إطار السياسة الخارجية للبرازيل، تستكشف “إمبرابا” آليات تعاون جديدة لابتكار وتطوير وتنفيذ الحلول الزراعية الملائمة لتحديات القارة الإفريقية.

وستفتح الشراكة مع المغرب الطريق أمام مبادرات مشتركة تركز على الابتكار والتكوين والتكيف التكنولوجي والاستدامة.

ومن شأن هذه الإجراءات أن تعزز الأمن الغذائي في المغرب وإفريقيا، فضلا عن تمكين البرازيل من تعميق أبحاثها بخصوص الفوسفور، والولوج إلى أسواق جديدة وتعزيز حضورها في المحافل متعددة الأطراف.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.