تقديم المبادرة الملكية الأطلسية خلال ندوة بجامعة مدينة نيويورك

قبل 6 ساعات

تم تقديم المبادرة الملكية الأطلسية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال ندوة بكلية “ستاتن آيلند” التابعة لجامعة مدينة نيويورك.

واستعرض سفير المغرب لدى الولايات المتحدة، يوسف العمراني، الرؤية الطموحة لهذه المبادرة الملكية التي “تروم إحداث التحول دون الإقصاء، والاندماج عوض التنافس، وتحقيق الثروة دون زرع التفرقة”، موضحا أن هذه الرؤية تعد نموذجا مبتكرا للتعاون الإقليمي الذي يخدم التنمية المستدامة والازدهار المشترك.

وفي مداخلة خلال اللقاء، الذي حضره أكاديميون ودبلوماسيون وإعلاميون بمناسبة الندوة الدولية الثالثة للمستكشف مصطفى الأزموري “إستيبانيكو”، والذي تناول التبادل عبر ضفتي المحيط الأطلسي، أبرز السيد العمراني أن هذه المبادرة الرائدة شكلت تحولا جوهريا في التعاون الأطلسي.

وتطرق السفير إلى المسار الذي قطعه “إستيبانيكو”، أول مستكشف إفريقي لأمريكا الشمالية والمنحدر من أزمور، باعتباره أولى البوادر التي تنير اليوم طريق التعاون بين ضفتي المحيط الأطلسي.

وقال السيد العمراني، خلال هذه الندوة التي نظمتها جامعة مدينة نيويورك بتعاون مع القنصلية العامة للمغرب بنيويورك، إن “قصة مصطفى الأزموري الملهمة تذكرنا بأن إفريقيا تموقعت على الدوام بشكل استراتيجي ضمن هذا الفضاء البحري”.

وأبرز أن روح الصمود والتبادل الثقافي والتحول الذي طبع مسار رحلة الأزموري تتمثل اليوم في هذه الرؤية الملكية التي تعيد تشكيل ملامح التعاون الدولي.

وأوضح السفير أن هذه المبادرة أضحت “واقعا ميدانيا” يحقق نتائج ملموسة، ويروم مد جسور استراتيجية من أجل ربط إفريقيا بمنطقة المحيط الأطلسي الأوسع، باعتباره مجالا بحريا هاما.

واستعرض السيد العمراني المحاور الرئيسية لهذه الرؤية الطموحة، لاسيما تطوير البنيات التحتية الرئيسية للموانئ لربط الأسواق الإفريقية والأمريكية، مما يمنح القارتين العديد من الفرص. كما تناول النقاش تنفيذ مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يكتسي قيمة مضافة عالية، ويعزز الاندماج الإقليمي والازدهار المشترك، وكذا تسخير خبرات المغرب في المجال الزراعي للاستجابة لتحديات الأمن الغذائي في القارة الإفريقية.

وأشار السفير إلى أن أبرز السمات المحددة للمبادرة الملكية تكمن في مقاربتها للشراكة. وقال إن “إفريقيا أصبحت، من خلال هذه المبادرة، في طليعة الشراكات الجديدة عبر المحيط الأطلسي”، مستعرضا التحول الذي أحدثته في ديناميات التعاون من خلال الارتقاء بإفريقيا إلى مرتبة الشريك المتكافئ.

واعتبر أن هذا المنظور يشكل قطيعة ملحوظة مع الدينامية التقليدية للتعاون بين الشمال والجنوب التي طبعت العلاقات بين البلدان الأطلسية، مسجلا أن المبادرة الملكية ترسي أسس “شبكة تعاون متعددة الاتجاهات تعود بالنفع على كافة الفاعلين”.

وختم بالقول إن هذه المقاربة، التي أثبتت وجاهتها، “تجسد بجلاء تغييرا جوهريا في دينامية التعاون الإقليمي، يفتح الباب أمام تحولات ملحوظة وتحقيق الازدهار المشترك”.

من جانبه، أبرز القنصل العام للمملكة بنيويورك، عبد القادر الجموسي، أن هذا اللقاء الذي يكتسي دلالة رمزية قوية، يتزامن مع تخليد الولايات المتحدة في فبراير لشهر التراث الإفريقي.

واستعرض إسهامات هذا المستكشف الإفريقي “الرائد” في استكشاف جوانب هامة من جغرافيا الولايات المتحدة ومجتمعها وثقافاتها المختلفة، مسجلا أن رحلة الأزموري تسلط الضوء على الروابط التاريخية بين المغرب وإفريقيا والأمريكتين، وتشكل مصدر إلهام لاسيما في مجال الدبلوماسية الثقافية.

من جانبه، قال عبد السلام الإدريسي، الأستاذ بجامعة مدينة نيويورك، إن هذه الندوة تروم توفير فضاء للحوار، بهدف بلورة شراكات مثمرة عبر المحيط الأطلسي، والنهوض بمستقبل التعاون في مجال الدبلوماسية الثقافية والبحث الأكاديمي، الذي ينهل من مرجعية تاريخية مشتركة.

في السياق ذاته، أبرز احساين إلحيان، الأستاذ بجامعة أريزونا، أن رحلة “إستيبانيكو” ترمز إلى الدور التاريخي للمغرب بصفته صلة وصل بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين، وترصد إسهامات المملكة في هذا الفضاء الأطلسي، عبر التاريخ.

عرف هذا اللقاء، المنظم بتعاون مع الخطوط الملكية المغربية والمكتب الشريف للفوسفاط وجهة الدار البيضاء-سطات، مشاركة الأستاذين بجامعة الحسن الثاني، شعيب حليفي وتوفيق الجعفري، والأكاديميين الأمريكيين بول شنايدر وإفرايم آيزاك وجون وينغ.

وبهذه المناسبة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ممثلة بسميرة الركيبي، رئيسة قسم الدراسات الإنجليزية، وكلية “ستاتن آيلند” بجامعة مدينة نيويورك، ممثلة برئيسها تيموثي لينش. وتروم هذه الاتفاقية تعزيز التعاون والتبادل الأكاديمي بين المؤسستين.

كما تم بالمناسبة ذاتها عرض أعمال للفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر. وترصد لوحات الفنان المنحدر من مدينة أزمور، صورا للمستكشف “إستيبانيكو” ولمسقط رأسه. وتم كذلك تقديم أعمال الفنان المغربي المقيم بنيويورك، عبد الإله الناصف.

و م ع

آخر الأخبار