عقوبة الإعدام : تقديم الممارسات الجيدة للمغرب أمام مجلس حقوق الإنسان

قبل 4 ساعات

جرى، اليوم الثلاثاء بجنيف، خلال الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، عرض الممارسات الجيدة الجاري بها العمل في المغرب منذ عام 1993، والتي واكبت النقاش الوطني الهادئ حول إلغاء عقوبة الإعدام، وكذا تفاعل المملكة الإيجابي مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وأكد مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، هشام الملاطي، خلال حلقة نقاش رفيعة المستوى حول عقوبة الإعدام، إن “المملكة المغربية على غرار البلدان التي تتمسك بسيادة القانون، شهدت تحولا كبيرا بخصوص التعامل مع عقوبة الإعدام منذ عام 1993، تاريخ آخر تطبيق لها، أي بعد أكثر من ثلاثة عقود من الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام”.

وأشار إلى أن المغرب شهد طيلة هذه الفترة نقاشا “هادئا و رصينا” حول هذه المسألة، وتم اتخاذ سلسلة من المبادرات سواء على مستوى الممارسة التشريعية والقضائية أو على مستوى الاتفاقيات الثنائية، مبرزا “أهمية آلية العفو”.

وذكر المتحدث أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد ذلك في رسالة وجهها إلى المشاركين في المنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان، الذي انعقد بمراكش عام 2014 ، حيث نوه جلالته بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام والذي تم بمبادرة من المجتمع المدني والعديد من البرلمانيين والحقوقيين، داعيا إلى إنضاج هذا الموضوع ودراسته بعمق أكبر.

علاوة على ذلك، استعرض السيد الملاطي، الممارسات التشريعية والقضائية الجاري بها العمل منذ عام 1993، مشيرا إلى تراكم ما مجموعه 86 حالة لأشخاص حكم عليهم بالإعدام منذ سنة 1993. وأبرز أن معظم هذه الحالات لم يكن معظمها موضوع حكم نهائي، مشيرا إلى أن نسبة المحكوم عليهم بالإعدام من أصل عدد السجناء بالكاد تبلغ 0.1 في المائة.

وأوضح أن معظم هذه القضايا تتعلق بالحق العام وهي جرائم بالغة الخطورة، أي ما نسبته 80 في المائة، بينما 20 في المائة منها تتعلق بالإرهاب والتطرف، مشددا على أن المعدل السنوي لأحكام الإعدام المنطوق بها منذ 1993 لم يتجاوز 8 أو 9 قضايا، “وهي حاصل إيجابي” ينضاف إلى أن معظم محاكم الاستئناف لم تسجل أي حكم بالإعدام.

وأضاف أن معظم القضايا تم التحقيق فيها وهي مرحلة مهمة جدا تمكن القضاة من النظر في مثل هذه القضايا بهدوء وجمع الأدلة لتسليط الضوء على القضايا المعروضة عليهم، موضحا أن جميع مراحل الإجراءات القضائية تم احترامها وعمليا ثلث القضايا لم تكن محل حكم نهائي.

وأوضح المسؤول أن عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في قانون القضاء العسكري انخفض أيضا من 16 إلى 5 حالات، في حين يرتكز قانون المسطرة الجنائية الحالي على مقاربة مبنية على تقليص نطاق تطبيق عقوبة الإعدام، من خلال فرض سلسلة من القيود القانونية على عقوبة الإعدام.

وأشار أيضا إلى أن مشروع مراجعة القانون الجنائي سيكون أيضا فرصة مناسبة لتسوية مسألة الإبقاء على عقوبة الإعدام أو إلغائها. وتابع أن مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية أدخل آلية فعالة للحد من النطق بعقوبة الإعدام من خلال اشتراط إجماع القضاة للنطق بعقوبة الإعدام، كما ينص على تقديم طلبات العفو التلقائي من قبل القاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام على الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام. وعلى صعيد آخر، تشدد وزارة العدل، عند إبرام أو تعديل الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالمسائل الجنائية، على استبدال عقوبة الإعدام بالعقوبة الأشد المنصوص عليها لنفس الفعل في قانون الدولة المطلوب التسليم منها، كما تقدم ضمانات بعدم رفضها في إطار آليات المساعدة القانونية الدولية.

وفيما يتعلق بالتفاعل مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، صادق المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون أي تحفظ أو إعلان تفسيري فيما يتعلق بمضمون المادة 6 التي تؤطر عقوبة الإعدام، كما يتفاعل بإيجابية مع قرار الأمم المتحدة رقم 77/2002 الذي اعتمدته لجنة حقوق الإنسان في أبريل 2002، الخاص بعقوبة الإعدام.

وأكد أن المغرب صوت، في دجنبر 2024، لصالح القرار العاشر للجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بالوقف العالمي لتطبيق عقوبة الإعدام، مسجلا أن “المنعطف الكبير” هذا ليس سوى انعكاس للواقع، لأن المغرب لم يطبق عقوبة الإعدام منذ عام 1993.

وقال إن التصويت يعكس أيضا تفاعلا إيجابيا مع توصيات الآليات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة التوصيات الصادرة عن لجنة العهد الدولي لحقوق الإنسان، ولجنة مناهضة التعذيب، وآلية الاستعراض الدوري الشامل.

ويتيح هذا اللقاء نصف السنوي، الذي عقد تحت شعار “مساهمة السلطة القضائية في تعزيز حقوق الإنسان ومسألة عقوبة الإعدام”، الفرصة لتقديم أمثلة ملموسة عن كيفية مساهمة النظم القضائية في إلغاء عقوبة الإعدام.

كما يمكن من مناقشة كيف يتأتى لمجلس حقوق الإنسان وآلياته مساعدة الدول على احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان المتعلقة بعقوبة الإعدام.

و م ع

آخر الأخبار