مكناس.. خبراء وباحثون يؤكدون على أهمية الحماية القانونية للتراث الثقافي غير المادي

قبل 7 ساعات

أكد ثلة من الخبراء والباحثين والفاعلين المؤسساتيين، اليوم الخميس بمكناس، في ندوة علمية نظمتها اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، على أهمية الحماية القانونية للتراث غير المادي، باعتباره ذاكرة متجددة للشعوب ومرآة لهويتها. وفي هذا السياق، أكد محمد بن الطالب مستشار بالأمانة العامة للحكومة وعضو اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة على الأهمية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للموروث الثقافي غير المادي الذي يساهم في صون الذاكرة التاريخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأضاف أن المملكة أحدثت عددا من المؤسسات من أجل تدبير جوانب أساسية من مكونات التراث والحرص على استدامته، من بينها على الخصوص مؤسسة أرشيف المغرب، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، وأكاديمية المملكة المغربية، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، مشيدا في ذات السياق بالعمل الذي تقوم به مجموعة من القطاعات الوزارية من أجل الحفاظ على التراث الوطني وتثمينه.

كما أشاد السيد بن الطالب بمشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث المعروض حاليا على مسطرة المصادقة الذي من شأنه إضفاء الحماية القانونية اللازمة على التراث الثقافي والنهوض بالاستثمار في هذا المجال. من جهته، استعرض رئيس قسم جرد التراث بمديرية التراث الثقافي بوزارة الثقافة، عبد السلام أمرير، الجهود الكبيرة والدؤوبة للوزارة في جرد التراث الوطني والتوعية بأهميته، والاحتفاء بشهر التراث، فضلا عن حرصها على تعزيز الترسانة القانونية الرامية إلى الحفاظ على التراث وتثمينه وصيانته. وأشار السيد أمرير إلى الوعي المتنامي بوظائف التراث غير المادي على اعتبار أنه ليس مجرد فولكلور فقط، بل يؤدي وظائف مرتبطة بالهوية الوطنية ويساهم في إبراز القواسم المشتركة ومواجهة التغيرات المناخية من خلال الاستفادة من الممارسات الفضلى. من جانبه، استعرض عضو اللجنة الوطنية لذاكرة العالم، والمدير الجهوي للثقافة بجهة فاس – مكناس، فؤاد مهداوي، ملامح من إسهامات هذه اللجنة، التي تأسست سنة 2008 وتعتبر من أوائل اللجان المحدثة على مستوى المنطقة العربية، في حماية وتثمين التراث الثقافي، حيث قدمت خلال الفترة ما بين سنتي 2010 و 2023 أربعة مقترحات للتسجيل ضمن السجل العالمي لبرنامج ذاكرة العالم. ويتعلق الأمر، حسب السيد مهداوي، ب “كتاب العبر” لعبد الرحمان ابن خلدون (خزانة القرويين بفاس)، وكتاب “الأرجوزة الطبية” لابن طفيل (خزانة القرويين بفاس)، وكتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف” لأبي القاسم الزهراوي، وموقع النقوش الصخرية بفم الشنة (إقليم ورزازات). وبخصوص أهم مشاريع اللجنة الوطنية لذاكرة العالم، أبرز السيد مهداوي أنها قامت، على الخصوص، بإعداد ملف ترشيح الخزانة الحسنية بالرباط لنيل جائزة “جيكجي” سنة 2015، واشتغلت على فهرسة ورقمنة الرصيد الوثائقي الفوتوغرافي لمديرية التراث الثقافي بوزارة الثقافة، فضلا عن انخراطها في ورش الحماية القانونية للتراث الثقافي من خلال طلب ترتيب مجموعة من المخطوطات في عداد الآثار وتقييدها في سجل التراث الوطني سنة 2017. بدورها، نوهت حسناء بن دوز، مستشارة بالمندوبية الدائمة للمملكة المغربية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ، بالتزام المغرب الثابت بحماية التراث وصونه وتحصين مختلف عناصر التراث الوطني. وأكدت، في هذا الصدد، على أهمية مضامين الرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في أشغال الدورة الـ17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونيسكو في نونبر 2022 بالرباط، التي اكدت على “أهمية المحافظة على التراث غير المادي وتطويره وتثمينه، والتصدي لمحاولات الترامي غير المشروع على الموروث الثقافي والحضاري للدول الأخرى”. وشددت السيدة بن دوز على أهمية حماية مختلف أصناف التراث الثقافي بما فيها الطبيعي والجيولوجي، وضمان استدامة التراث المغربي للأجيال المقبلة.

من جانبه، أفاد عماد بن صولة، خبير التراث لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، في مداخلة بعنوان “صون التراث الثقافي غير المادي عمل عربي مشترك” بأن المنظمة عملت بالتعاون مع شركائها من الدول العربية على الاشتغال على ملفات ترشيح عربية مشتركة في تجارب متتالية كرست تقليدا في العمل العربي المشترك في مجال التراث الثقافي.

وتابع السيد بن صولة أنه تم حتى الآن تسجيل عدة عناصر تراثية لدى اليونسكو من بينها “الخط العربي”، و”النقش على المعادن”، و”الحناء” و”الكحل العربي”، و”العود”، و”العمارة الطينية”، فيما توجد ملفات ترشيح أخرى بصدد الإنجاز تتعلق ب”الشعر النبطي”، و”الخيل العربية”، و”حرفة الفخار”، و”المركب الشراعي”.

أما الخبير في التراث الثقافي لدى منظمة اليونسكو، بلال الشابي، فاستعرض من جانبه جهود المنظمة في المحافظة على التراث وتثمينه في العالم الإسلامي، مشيرا على الخصوص إلى إنشاء “مركز التراث في العالم الإسلامي” الذي يضطلع بدور هام في تحيين قائمة التراث في العالم الإسلامي وتدبير العمليات المتعلقة باستقبال الملفات وفرزها وتقييمها، وتقديم الخبرة والمشورة الفنية بشأن عناصر حماية التراث، إضافة إلى تعزيز قدرات العاملين في مجال التراث في الدول الأعضاء. كما أشار السيد الشابي إلى أهمية “لجنة التراث في العالم الإسلامي” التي تم إحداثها سنة 2007، ويتمثل دورها الأساسي في اقتراح آليات مناسبة للحفاظ على الآثار التاريخية والأثرية والمواقع الطبيعية في الدول الأعضاء، وحماية وتعزيز مظاهر التراث الثقافي المادي وغير المادي، وكذا إعداد تقارير عن حالة التراث الثقافي المادي وغير المادي والطبيعي في العالم الإسلامي. وشكلت هذه الندوة، أيضا، مناسبة لإبراز جهود عدد من المؤسسات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني في حماية التراث الثقافي غير المادي الذي يكتسي أهمية بالغة، حيث يشمل التقاليد الشفوية والفنون الأدائية والممارسات الاجتماعية، والطقوس والمعارف التقليدية والحرف اليدوية وغيرها من العناصر التي تنقلها الأجيال عبر الزمن. وأكدت عدد من المداخلات أنه في ظل تحديات العولمة والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، أصبحت حماية هذا التراث ضرورة ملحة لضمان استمراريته انسجاما مع التوجهات الدولية الرامية إلى حماية التراث بمختلف أشكاله، والمحافظة عليه، وتوفير التدابير الوقائية لمواجهة كافة مخاطر التغيير أو التدهور الذي قد يطاله.

و م ع

آخر الأخبار