28 فبراير 2025

وسيط المملكة يدعو من طشقند إلى انخراط الأمبودسمان في تعزيز المشاركة المدنية في حماية الحقوق البيئية

وسيط المملكة يدعو من طشقند إلى انخراط الأمبودسمان في تعزيز المشاركة المدنية في حماية الحقوق البيئية

أكد وسيط المملكة، محمد بنعليلو، اليوم الخميس بطشقند، أن الأمبودسمان يجب أن يصبح أداة لتعزيز المشاركة المدنية في حماية الحقوق البيئية ووسيلة لدعم مفهوم “العقد الطبيعي”، عبر ضمان احترام المبادئ البيئية الكبرى في الممارسات الارتفاقية.

وذكر بلاغ لمؤسسة وسيط المملكة أن السيد بنعليلو أبرز، في كلمة بمناسبة مشاركته في المؤتمر الدولي المنعقد بأوزبكستان يومي 27 و28 فبراير الجاري، أن الممارسات الارتفاقية العامة ذات الصلة بنظام الحماية البيئية، وما توفره من آليات لتلبية الحقوق المرتبطة بالبيئة، ما تزال غير واضحة، وربما غير فعالة بالشكل الكافي.

وشدد على أن تعدد المتدخلين في مجال البيئة، وتعقد منظومة المراقبة وعدم استقرارها، قد يؤدي في النهاية إلى تفاقم المشاكل بدل الحد منها، مضيفا أنه بالرغم من أن ميثاق البيئة يشكل جزءا من “الكتلة الدستورية والتشريعية” للدول، إلا أن ذلك لا يوفر كفاية الحماية اللازمة للبيئة.

واعتبر أن طرح موضوع الحقوق البيئية من زاوية “مؤسسات الأمبودسمان”، بما تمثله هذه الأخيرة من استقلالية وحيادية، يشكل تجسيدا واضحا ومعبرا عنه لإرادة حماية هذه الحقوق، بعيدا عن الاعتبارات الإدارية وعن التعقيدات الإجرائية القضائية، وفي منأى عن تأثير التقلبات السياسية وتغيرات السياسات الحكومية.

ولأن مجموعة من الحقوق البيئية تبقى غير مفهومة للمواطنين في كثير من الأحيان، طالب السيد بنعليلو بتمديد نطاق عمل مؤسسات الأمبودسمان بطرق اجتهادية للدفاع عن هذه الحقوق، ولو عن طريق توضيح بعض الزوايا التي تبقى، في العادة، غامضة أو خاضعة لتفسيرات متغيرة.

وأشار إلى أن الوقت قد حان لبلورة الملامح الأساسية لمهمة حماية الحقوق البيئية في عمل مؤسسات الأمبودسمان، ولتجسيد وظيفتها الأداتية للدفاع عن هذه الحقوق.

كما أكد السيد بنعليلو على أن “الحقوق البيئية” ليست مجرد مسألة هامشية، بل هي مشروع يجب أن تترجمه التصرفات اليومية لمؤسسات الأمبودسمان، وشرط أساسي لمستقبل عملها.

ومن قناعة أن الحفاظ على الظروف البيئية الأساسية التي تضمن بقاء الأجيال القادمة، وفرض صون الحقوق البيئية الضرورية في الحياة الارتفاقية، “من قناعة أن ذلك” يشكل الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب أن يتحملها الأمبودسمان، شدد وسيط المملكة على أن المشكلة الحقيقية في الموضوع تتجاوز فكرة المصلحة العامة إلى وجوب تلافي حالات “تضارب المصالح”، وبالضبط تلك التي تتقاطع فيها المصلحة العامة البيئية مع مصالح عامة أخرى.

واعتبر أن استقلالية الأمبودسمان تشكل الضمانة لعدم التضحية بالمصلحة العامة البيئية لترجيح أي مصلحة عامة أخرى في حالة التعارض بينهما.

ودعا وسيط المملكة الجميع إلى ضرورة التنبه إلى محاولات إغراق الموضوع بمفاهيم عقابية وتضخيم هذه الفكرة في الفهم المجتمعي، بسبب عدم كفايتها من جهة، ولأن تطبيق القانون العقابي البيئي من قبل الإدارة ما زال استثناء في المشهد العام من جهة ثانية، لا سيما عندما تجد الإدارة نفسها، تلقائيا، في وضعية متناقضة إلى حد ما بحكم تعدد مسؤولياتها، مما يفرض نوعا من التساهل الإداري في تطبيق القانون العقابي البيئي، خاصة وأن النظام التعويضي يصبح بلا معنى عندما يكون المتسبب في الضرر البيئي هو الإدارة نفسها.

ولفت إلى أن ذلك هو ما يبقي الأمبودسمان في موقع أفضل لرفع تحدي تحقيق التوازن المنشود بين المصالح العامة، والوقوف في مواجهة أي ترجيح غير مرغوب فيه، ولو في مرحلة دراسات التأثير البيئي.

وأفاد بأن السعي إلى تجاوز النماذج المؤسساتية التي تمتلك فيها الإدارة سلطات واسعة وتدخلات مؤثرة هو مدخل الانتقال من “الرقابة البيئية الرمزية” إلى “رقابة بيئية عملية فعالية”، مسجلا أن “استقلالية” مؤسسات الأمبودسمان كفيلة بجعلها “سلطة بيئية مستقلة” قادرة على فرض الامتثال للقوانين وتعزيز الحكامة البيئية، وتقييم مدى ملاءمة السياسات العمومية والممارسات الارتفاقية ذات الصلة بالقوانين البيئية، وبالتالي، سلطة تسعى إلى التوجه نحو المستقبل في ضمان الحقوق المرتبطة بها.

ولتحقيق هذه الغايات، طالب السيد بنعليلو بضرورة اعتماد المبادئ الدولية للأمبودسمان في قراءة وتنفيذ مجال اختصاصاته، بأبعاد بيئية تساير الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، من خلال الدعوة إلى التحكم في مستوى المرونة المهنية عبر ما أسماه بـ “تنمية التعددية الوظيفية”، باعتبارها مهارة رئيسية لمواكبة التحولات البيئية والحقوق المرتبطة بها.

وشدد على أن مستقبل الحقوق البيئية رهين بقدرة مؤسسات الأمبودسمان على التكيف السريع مع شكل وطبيعة هذه الحقوق في سياق سياسات عمومية متقلبة.

وحث مختلف الحاضرين على التفكير بجدية في مطمح التحول الجماعي نحو فكرة “أمبودسمان الأجيال القادمة”، أو على الأقل، في تبني رؤية شاملة مستنيرة، بفهم واضح، لمتطلبات الحقوق البيئية، تأخذ بعين الاعتبار مجالات اختصاص مختلف هيئات الدفاع عن الحقوق.

وخلص السيد بنعليلو إلى التأكيد على أن مسار العبور نحو مستقبل للحقوق البيئية رهين باتخاذ قرارات جريئة ومبتكرة وحاسمة لحماية البيئة.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.