ما إن يهل هلال شهر رمضان المبارك حتى تباشر جمعيات المجتمع المدني بمختلف أنحاء المملكة، مبادراتها التضامنية الرامية إلى ترسيخ روح التآزر، ورسم البسمة على وجه كل محتاج أو عابر سبيل، في التفاتات إنسانية تكرس روح التكافل الاجتماعي التي طالما ميزت المجتمع المغربي، من خلال توزيع وجبات الإفطار على الصائمين وتنظيم موائد الرحمان.
فقبل آذان المغرب ببضع ساعات، ينطلق أعضاء ومتطوعو جميعة “شبابنا مستقبلنا” بالرباط، من مختلف الأعمار والفئات، وكلهم حماس ونشاط، لاقتناء مواد غذائية وإعداد وجبات خاصة بهذا الشهر الفضيل، ليتم توزيعها بعد ذلك خلال جولات في الأحياء الشعبية أو أمام المستشفيات والمساجد. ويحرص القائمون على هذه الجمعية كل سنة على تنظيم مبادرة “بصحة فطورك”، التي تستهدف الأشخاص بدون مأوى وعابري السبيل، من أجل تخفيف عناء شراء وتحضير ما يحتاجون إليه من طعام، خاصة وأن رمضان هذه السنة يصادف فصل الشتاء. وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية “شبابنا مستقبلنا”، صلاح الدين الأيوبي، إن متطوعي مدينة الرباط ينتظرون هذه المبادرة بفارغ الصبر، لما لها من دلالة تضامنية واجتماعية، وأثر واضح في ترسيخ قيم التآزر ونشر روح التطوع.
وأوضح السيد الأيوبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف الرئيسي من مثل هذه المبادرات هو تعزيز القيم الإنسانية وبث روح التعاون و الإيخاء.
ومضى رئيس الجمعية قائلا: “نعتزم في السنوات المقبلة، تعميم مبادرة “بصحة فطورك” على نطاق أوسع، ليستفيد منها المزيد من الأشخاص بدون مأوى في كافة أرجاء المدينة وليس فقط بعض الأحياء”، معتبرا أن تحقيق هذا الهدف يبقى رهينا بتوفير المساعدة اللوجستية من طرف الجهات المعنية و المساهمات العينية من قبل المتطوعين في الجمعية.
وأشار إلى أن جمعية “شبابنا مستقبلنا”، التي تأسست سنة 2021 بالرباط، تهدف في المستقبل القريب إلى انخراط أكثر من 500 عضو (ة) في مجال التطوع، لتتمكن من تعزيز روح التضامن الاجتماعي بالعاصمة، و خلق منصة شبابية مبتكرة تحت اسم “تطوع معنا”، تستهدف الشابات والشباب ليكونوا جزءا فاعلا في عالم التطوع.
كما تتطلع الجمعية إلى خلق شراكات قوية على الصعيد الجمعوي مع متطوعي العالم لتبادل الخبرات الدولية وتقوية القدرات والتعرف على مشاريع مستقبلية للتطوع.
وفي التفاتة إنسانية أخرى، تنظم جمعية “معكم”، التي تأسست سنة 2011 بسلا، موائد لتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين تحمل اسم “خيمة الدراويش”.
وبحسب هذه الجمعية التي أسسها شباب هدفهم نشر روح التآخي والتآزر بشتى أنواعه، وتحقيق قيم التضامن والتكافل الاجتماعي، فإن موائد الرحمان التي تحرص على إعدادها تستقطب أزيد من 300 مستفيد يوميا، منهم عابرو سبيل وأسر معوزة ومحتاجون وأي صائم بدون استثناء.
وتحرص الجمعية على تنظيم وتوزيع المهام بين أعضاءها والمتطوعين، من خلال اجتماع لمجموعة العمل، قبل قيام فريق من الشباب بتجهيز الخيمة و الموائد، فيما يتولى مسؤولون بالجمعية مهمة جلب الحاجيات اليومية كالفطائر و البيض و خبز وغيرها.
وينقسم باقي الأعضاء إلى لجان، منها من تتكلف بالمطبخ وأخرى تقوم بتنظيم وترتيب مكونات الإفطار، إلى جانب لجنة للخزينة تتولى توزيع كل المستلزمات التي يستعملها الأعضاء في تجهيز أطباق ووجبات الإفطار، إضافة إلى لجان أخرى من بينها لجنة الأطفال التي تقوم بتنظيم ورشات للرسم والتلوين وأنشطة ترفيهية وتربوية أخرى.
وتعكس مبادرات من هذا القبيل، والتي ما فتئت تنتشر، الوعي المتنامي لدى فئة الشباب بأهمية العمل الجمعوي والتضامني، وكذا الحرص على تشجيع هؤلاء على الانخراط أكثر فأكثر في العمل التطوعي.
والأكيد أن توفير وجبات الإفطار لعابري السبيل والفقراء في شهر رمضان الكريم ليس مجرد عمل خيري عابر، بل هو تجسيد حقيقي لقيم الرحمة والمودة، إذ أن كل مبادرة أو مساهمة، مهما كانت صغيرة، تترك أثرا ووقعا إيجابيا وتجعل الشهر الفضيل أكثر بركة وتراحما بين الجميع.
و م ع