21 مارس 2025

مغاربة العالم: ركيزة أساسية لتعزيز التعاون و الدبلوماسية الموازية

مغاربة العالم: ركيزة أساسية لتعزيز التعاون و الدبلوماسية الموازية

تمثل الجالية المغربية المقيمة بالخارج أحد أعمدة القوة الناعمة للمملكة، إذ تلعب دورًا محوريًا في تعزيز التعاون بين المغرب وبلدان المهجر على المستويات الاقتصادية، الثقافية، والسياسية. هذه الفئة التي يفوق تعدادها خمسة ملايين نسمة لا تمثل فقط امتدادًا حضاريًا للمغرب، بل تشكل أيضًا جسرًا حيويًا يربط المملكة بمختلف دول العالم. ومن هنا، تبرز ضرورة إيلاء اهتمام أكبر لمغاربة العالم من خلال دعمهم، تمكينهم، وتعزيز دورهم عبر سياسات دبلوماسية فاعلة.

أهمية إشراك مغاربة العالم في بناء مستقبل الوطن

يكتسب إشراك مغاربة العالم في التنمية الوطنية أهمية كبرى، فهم ليسوا مجرد مغتربين، بل سفراء غير رسميين للمملكة في بلدان الإقامة، يحملون ثقافتها، قيمها، ويدافعون عن قضاياها. إن التفاعل المستمر بين الدولة ومواطنيها في الخارج يساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمغرب، سواء عبر استقطاب الاستثمارات، نقل الخبرات، أو تعزيز التعاون مع الدول المضيفة.

ومع ذلك، لا يزال العديد من مغاربة العالم يواجهون تحديات كبيرة تتعلق بالاندماج، الاعتراف بمؤهلاتهم، أو الوصول إلى فرص اقتصادية تتماشى مع إمكاناتهم. كما يواجه البعض إشكاليات تتعلق بالحماية القانونية، والإجراءات الإدارية التي تعيق تواصلهم مع بلدهم الأصلي. هذه التحديات تستوجب مقاربة شمولية تضع مغاربة العالم في صلب السياسات الوطنية، وتضمن لهم بيئة مواتية لتفعيل مساهماتهم.

دور السفارات والتمثيليات الدبلوماسية في دعم الجالية المغربية

تلعب السفارات والقنصليات المغربية دورًا أساسيًا في دعم الجالية، لكن هذا الدور يحتاج إلى تعزيز وتطوير ليكون أكثر فاعلية. فالدبلوماسية الحديثة لا تقتصر فقط على العلاقات الرسمية بين الدول، بل تمتد إلى بناء جسور تواصل بين المواطنين المغتربين ووطنهم. ومن هذا المنطلق، ينبغي إعادة النظر في مهام التمثيليات الدبلوماسية، بحيث تصبح مراكز حقيقية لدعم وتمكين مغاربة العالم.

الإصلاحات المنتظرة اتجاه الجالية المغربية:

1.⁠ ⁠تبني دبلوماسية القرب: من الضروري أن تتحول السفارات والقنصليات إلى فضاءات مفتوحة ومتفاعلة مع الجالية، عبر تنظيم لقاءات دورية، وإنشاء منصات تواصل رقمية، وتبسيط الخدمات الإدارية.
2.⁠ ⁠الدعم القانوني والاجتماعي: يجب توفير مكاتب استشارية قانونية داخل السفارات لمساعدة المغاربة في مواجهة أي تحديات قانونية أو اجتماعية في بلدان الإقامة.
3.⁠ ⁠تعزيز التمكين الاقتصادي: دعم رواد الأعمال المغاربة بالخارج من خلال خلق جسور تعاون مع القطاع الخاص المغربي، وتوفير منصات لربطهم بفرص استثمارية في المغرب، تعزيز حضورهم ببلدان الإقامة و الدفاع عن مصالحهم.
4.⁠ ⁠تعزيز الحضور الثقافي: العمل على نشر الثقافة المغربية عبر الفعاليات الثقافية، ودعم المدارس والجمعيات المغربية بالخارج للحفاظ على الهوية الوطنية.
5.⁠ ⁠تمثيل مغاربة العالم في المؤسسات الوطنية: ينبغي تعزيز تمثيلية الجالية في المؤسسات الاستشارية والتشريعية، بما يتيح لهم التعبير عن تطلعاتهم والمشاركة الفعالة في السياسات الوطنية.

مغاربة العالم كفاعلين في الدبلوماسية الموازية

إلى جانب دور الدولة، يمكن لمغاربة العالم أن يصبحوا فاعلين أساسيين في الدبلوماسية الموازية، من خلال تعزيز العلاقات مع النخب السياسية والاقتصادية في بلدان الإقامة، والترويج لصورة المغرب كبلد مستقر ومنفتح، ودعم القضايا الوطنية في المحافل الدولية. كما يمكن للجالية أن تلعب دورًا حيويًا في تطوير شراكات اقتصادية بين المغرب ودول المهجر، من خلال تعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية.
إشراك مغاربة العالم في مسيرة التنمية الوطنية وتعزيز دعمهم من قبل السفارات والتمثيليات الدبلوماسية لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية. فالمغرب يحتاج إلى جميع أبنائه، داخل الوطن وخارجه، ليظل نموذجًا رائدًا في التعاون الدولي. إن تقوية جسور التواصل مع الجالية، والاستفادة من كفاءاتها وخبراتها، من شأنه أن يعزز مكانة المغرب إقليميًا ودوليًا، ويجعل من مغاربة العالم قوة فاعلة في تحقيق رؤية المملكة لمستقبل أكثر إشراقًا.

هشام القادي


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.