الرباط.. السيدة فتاح تبرز الارتباط الوثيق بين الرفع من جودة تدبير منازعات الدولة ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني

أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الرفع من جودة تدبير منازعات الدولة وعقلنة اللجوء إلى المساطر القضائية له ارتباط وثيق بالجهود الرامية إلى دعم تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية المنشودة.
وأبرزت السيدة فتاح، خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية”، أن ذلك يبرز بشكل خاص أمام تزايد حدة المنافسة العالمية وقلة الموارد وما يعرفه العالم من ظروف صعبة، على نحو جعل دول العالم على اختلاف ظروفها وإمكانياتها تعمل على استثمار وتوظيف كافة الوسائل والفرص المتاحة لدعم تنافسيتها الاقتصادية وجلب الاستثمار وولوج السوق.
وأضافت أنه إذا كانت منازعات الدولة تعتبر تجسيدا لدولة الحق والقانون وصونا للمشروعية، وفقا لأحكام الفصل 6 من دستور المملكة، فإنه يتعين، بالمقابل، الحرص على حماية المال العام وترشيد النفقات العمومية وحماية مصالح الدولة، عبر الوقاية من المنازعات وإنزال كلفتها إلى حدودها الدنيا.
واعتبرت أن رهان التدبير الأمثل لمنازعات الدولة والوقاية منها، هو رهان على نجاعة الإدارة العمومية وتعزيز المشروعية وحماية الاستثمار وترشيد الإنفاق العمومي، بحيث يتعين أن تكون الاستراتيجية الوطنية للرفع من نجاعة تدبير منازعات الدولة في صلب باقي البرامج التي تنفذها الحكومة في مجال الرقمنة ونجاعة الإدارة وتعزيز شفافية الإدارة.
وأكدت الوزيرة، في هذا الصدد، على ضرورة وضع مخطط عمل وطني لتدبير منازعات الدولة تدبيرا عقلانيا مبنيا على التنسيق والتعاون واستباق المنازعات والحيلولة دون تحولها إلى مصدر لإفشال البرامج والمشاريع الاستراتيجية وإهدار المال العام وزعزعة ثقة المواطن والمستثمر في الإدارة العمومية.
وذكرت بإجراء الوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، بتنسيق مع شركائها، تشخيصا لواقع تدبير المنازعات، وقايمها بإعداد مخطط استراتيجي للفترة 2024 -2028 لتنسيق جهود الرفع من نجاعة تدبير المنازعات والوقاية منها، وفي إطار تنزيل هذه المحاور الاستراتيجية على أرض الواقع.
وأوضحت أنه تم تسطير 26 برنامجا و73 إجراء تنفيذيا بهدف توحيد الرؤية والاستراتيجية بشأن تدبير منازعات الدولة، واعتماد منهجية موحدة للدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء والوقاية من المنازعات، من خلال مركزة القضايا لدى الوكالة القضائية للمملكة، وإحداث قنوات للتنسيق والتواصل وطلب الرأي، من أجل خلق شبكة للدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء وحماية المال العام وتقاسم خبرة وتجربة الوكالة القضائية للمملكة مع باقي الشركاء.
من جهته، أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن موضوع المناظرة يكتسي أهمية وراهنية كبرى، بالنظر لتقاطعاته المتعددة مع المسار التنموي والأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لاسيما ما تتطلبه من تنزيل سريع لمجموعة من المشاريع الكبرى والمهيكلة ذات الوقع العام على المستوى الاقتصادي والاجتماعي مع توفير المناخ المناسب لاستقطاب الاستثمارات، في إطار يضمن، على الخصوص، الحفاظ على التوازنات المالية.
وشدد الوزير على أنها تأتي في وقت راكمت فيه المملكة، بفضل الرؤية السديدة لجلالة الملك، رصيدا حقوقيا مهما وبناء مؤسساتيا صلبا يجعل المواطن في صلب الاهتمامات والأولويات التي تنبني عليها السياسات العمومية.
ودعا السيد لقجع إلى الحفاظ على هذا البنيان الرصين والإسهام في تقويته لكون إشكالية منازعات الدولة تتطلب معالجة شمولية لكل الجوانب التدبيرية والقانونية، وفق مقاربة شمولية ومندمجة وتصور واضح للعمل.
واعتبر الوزير المنتدب أن مخرجات هذه المناظرة ستمكن من وضع خارطة طريق واضحة المعالم للتدبير الأمثل لمنازعات الدولة، والوقوف على مكامن الخلل والمكتسبات والتراكمات المهمة.
من جانبه، أبرز عبد الرحمان اللمتوني، الوكيل القضائي للمملكة، أن هذه المناظرة الوطنية تستلهم توجهاتها من التوجيهات الملكية السامية، مشيرا إلى أن مواضيعها ترتبط بمصالح المواطنين وحقهم في تجويد الخدمات وتحسين مناخ الاستثمار وبحماية المال العام والحفاظ على التوازنات المالية.
وأبرز السيد اللمتوني أنه بالنظر لكون الموضوع أفقي ويهم جميع الأطراف، فقد اعتمدت الوكالة القضائية للمملكة مقاربة تشاركية في التحضير لهذه المناظرة، وجرى توفير الإطار العام التنظيمي لأشغالها، معربا عن الأمل في أن تتمخض عن هذه المناظرة توصيات من شأنها تحقيق الأهداف المسطرة في السياسة العمومية.
وتعرف هذه المناظرة، التي تتواصل أشغالها على مدى يومين، مشاركة قطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية، إلى جانب السلطة القضائية، والبرلمان، وبعض المؤسسات الدستورية، بغية بلورة توصيات ستشكل أرضية لرؤية جديدة واستراتيجية وطنية لتدبير منازعات الدولة والوقاية منها، وخبراء ومسؤولين من فرنسا وإسبانيا والسنغال ومصر وإنجلترا، على الخصوص.
ويتضمن برنامج المناظرة عقد جلسات عامة تناقش مواضيع تهم “منطلقات اعتماد استراتيجية وطنية لتدبير منازعات الدولة والوقاية منها”، و”تدبير منازعات الدولة من خلال التجارب المقارنة”، و”الإطار القانوني المنظم لمهام الدفاع عن أشخاص القانون العام والتحديات المطروحة في مجال تدبير المنازعات”، و”دور التدبير التوقعي للمخاطر القانونية والمالية في تعزيز الحكامة القانونية داخل المرفق العام”.
كما يشمل تنظيم ورشات تتطرق إلى “الإشكاليات المطروحة بخصوص تدبير منازعات الاستثمار والوسائل البديلة لفض المنازعات”، و”المنازعات العقارية لأشخاص القانون العام وأثرها على حق الملكية والمشاريع الاستثمارية”، و”الإشكالات المرتبطة بتنفيذ الأحكام القضائية واسترداد المال العام”، و”دور الرقمنة في التدبير الأمثل لمنازعات الدولة والوقاية منها”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.