وزارة العدل تعمل على تقوية الجانب التكويني والتقويمي للعاملين في مجال تدبير منازعات الدولة (السيد وهبي)

أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الوزارة تعمل على تقوية الجانب التكويني والتقويمي للعاملين في مجال تدبير منازعات الدولة، وذلك إدراكا منها بأهمية الوقاية من المنازعات كأولوية قصوى.
وأبرز السيد وهبي، في كلمة تلاها بالنيابة عنه الكاتب العام للوزارة عبد الرحيم مياد، خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية” (على مدى يومين)، أن الاستثمار في الرأسمال البشري وتطوير كفاءاته القانونية والإدارية يعد ركيزة أساسية في استراتيجية الحد من الأخطاء الإدارية التي تشكل منبعا للكثير من النزاعات القضائية.
وشدد على ضرورة ابتكار مناهج وخطط عصرية للتدبير الإداري للمرفق العمومي، وإعادة النظر في أساليب العمل التقليدية، والتفكير في آليات متطورة تمكن من إيجاد حلول ناجعة للاختلالات والنواقص التي تواجه الإدارة، وترشيد النفقات وفق مقاربة تعتمد أسس الحكامة الجيدة، معبرا عن الأسف لتكبد الدولة سنويا أعباء مالية باهظة لتدبير منازعات أشخاص القانون العام.
واعتبر أن هذه الظاهرة تتفاقم بشكل ملحوظ نتيجة عوامل متشابكة ومتعددة الأبعاد، في مقدمتها التصاعد المتسارع في حجم القضايا المرفوعة ضد الدولة ومؤسساتها، والذي يتزامن مع التوسع الكبير في نطاق أنشطة الهيئات العمومية، فضلا عن غياب استراتيجية استشرافية فعالة للتعامل مع المخاطر والإشكالات القانونية قبل استفحالها.
وشدد السيد وهبي على أن انعكاسات هذه الظاهرة المقلقة تتجاوز بكثير تأثيراتها المالية المباشرة، لتلقي بظلالها السلبية على المناخ الاقتصادي والاجتماعي ككل، حيث تقوض ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء في مصداقية المؤسسات العمومية وفعاليتها. كما تتسبب في تعطيل مسار المشروعات التنموية الاستراتيجية التي تعول عليها البلاد لتحقيق نهضتها المنشودة.
وأشار إلى أن اعتماد آليات اليقظة القانونية وحث مصالح الوزارة على الانفتاح على الاجتهاد القضائي باعتباره مرآة عاكسة للاختلالات التي تشوب العمل الإداري، يمكن من استقراء توجهات القضاء واستباق المشكلات ومعالجتها في مهدها قبل أن تتحول إلى نزاعات مكلفة للخزينة العامة.
من جانب آخر، أبرز الوزير أن موضوع هذه المناظرة يفرضه السياق العالمي والوطني الذي نعيشه اليوم، والذي يضعنا أمام تحديات كبرى تستوجب منا جميعا تضافر الجهود لمواكبة التطورات المتسارعة على كافة الأصعدة.
ودعا إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم “نتحلى فيها بالجرأة اللازمة من أجل التدبير الجيد لمنازعات الدولة”، توازن بين تقوية جهاز المنازعات في مختلف مرافق الدولة ودعم قدراته أمام القضاء وهيئات التحكيم الوطنية والدولية للدفاع عن مصالح الأمة، وبين التشبث بأسس اليقظة القانونية لتجد فيها الإدارات العمومية ما يعينها على عدم اللجوء إلى القضاء.
وتعرف هذه المناظرة مشاركة قطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية، إلى جانب السلطة القضائية، والبرلمان، وبعض المؤسسات الدستورية، بغية بلورة توصيات ستشكل أرضية لرؤية جديدة واستراتيجية وطنية لتدبير منازعات الدولة والوقاية منها، وخبراء ومسؤولين من فرنسا واسبانيا والسنغال ومصر وانجلترا.
ويتضمن برنامجها عقد جلسات عامة تناقش مواضيع تهم “منطلقات اعتماد استراتيجية وطنية لتدبير منازعات الدولة والوقاية منها”، و”تدبير منازعات الدولة من خلال التجارب المقارنة”، و”الإطار القانوني المنظم لمهام الدفاع عن أشخاص القانون العام والتحديات المطروحة في مجال تدبير المنازعات”، و”دور التدبير التوقعي للمخاطر القانونية والمالية في تعزيز الحكامة القانونية داخل المرفق العام”.
كما يشمل تنظيم ورشات تتطرق إلى “الإشكاليات المطروحة بخصوص تدبير منازعات الاستثمار والوسائل البديلة لفض المنازعات”، و”المنازعات العقارية لأشخاص القانون العام وأثرها على حق الملكية والمشاريع الاستثمارية”، و”الإشكالات المرتبطة بتنفيذ الأحكام القضائية واسترداد المال العام”، و”دور الرقمنة في التدبير الأمثل لمنازعات الدولة والوقاية منها”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.