أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الخصوصية المغربية لإمارة المؤمنين قد تكرست عبر العصور، مما جعلها تشكل نموذجا فريدا يجمع بين الشرعية التاريخية، الدينية والسياسية.
وأبرز الوزير خلال ندوة علمية حول موضوع “الإمامة العظمى واستنادها إلى البيعة الشرعية”، نظمتها مؤسسة دار الحديث الحسنية بتعاون مع موقع الثوابت الدينية المغربية الإفريقية، أهمية البيعة كعقد شرعي يلعب دورا أساسيا في حفظ الكليات الخمس، وهي الدين والنفس والعقل والمال والعرض، وذلك تحقيقا لمقاصد الشريعة وضمان الاستقرار في المجتمع.
وأشار السيد توفيق إلى الدور الحيوي الذي يضطلع به العلماء كونهم “شهودا” في تعزيز وتثبيت إمارة المؤمنين، داعيا إلى ضرورة دراسة البيعة وأثرها بالمدارس والجامعات قصد تعزيز هذا المفهوم بين الأجيال القادمة.
من جهته، قال مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، عبد الحميد عشاق، إن “الإمامة من أحكام الفروع التي تتعلق بسياسة الخلق وتدبير أمورهم”، مضيفا أن لها خصائص بارزة تختص بها في النموذج المغربي “إذ إنها في حقيقتها عقد شرعي م نيف”.
وأوضح أن الإمامة بالمغرب ظلت تحقق مقصد الجمع بين الروحي والزمني، وتوائم بين الديني والدنيوي، وتولف بين الشرعي والسياسي.
كما أبرز السيد عشاق أن الإمامة ظلت الحصن المنيع الذي يحفظ بلاد المغرب من الأخطار الخارجية، والحفاظ على العيش المشترك والتماسك الداخلي، مضيفا أن إمارة المؤمنين في بعدها الديني والمدني تحيل على نموذج تفسيري يستجيب لخصوصيات النسق السياسي المغربي الذي لا ي تصور فيه “انفكاك السياسي عن الديني”.
من جانبه، قال الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، سعيد شبار، إن إمارة المؤمنين تقليد شرعي ديني وتاريخي عريق يجمع بين المجالين الديني والمدني، يجد أصله في القرآن الكريم والسنة النبوية وفي سيرة الصحابة والخلفاء، لافتا إلى أن هذا التقليد الذي لا يزال راسخا وحاضرا في المغرب، لا يعد فقط شعارا سياسيا بل مضمونا دينيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وأخلاقيا وتربويا.
وعدد السيد شبار إيجابيات إمارة المؤمنين من حيث تحقيقها لحفظ التوازن بين السياسة الدينية والدنيوية، منها درء كل أشكال الغلو والتطرف والنزوع الى التشدد.
وأضاف أن إمارة المؤمنين تتجلى من خلال المؤسسات التي تخدمها وتعمل على تقويتها وعلى تقديم الخدمات الاجتماعية والتربوية والدينية، مبرزا “الاستثناء المغربي” على مستوى الخدمات الوظيفية التي تقدمها إمارة المؤمنين من أجل جلب الطمأنينة والأمان للبلاد.
وركزت باقي المداخلات بهذه الندوة على مفهوم ومضمون الإمامة العظمى والبيعة الشرعية التي ترتكز على الشرعية الدينية المستمدة من الكتاب والسنة، وإمارة المؤمنين التي تمثل الركيزة الأساسية التي تحمي الثوابت الدينية المغربية، مثل العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي.
وتوجت هذه الندوة أعمالها في جلستها الختامية بتوصيات همت مفهوم الإمامة العظمى ومهامها في حراسة الدين ورعاية مصالح المسلمين، ومفهوم البيعة الشرعية في المظان الفقهية والأحكام السلطانية، واجب الإمامة العظمى في تسديد تبليغ الدين وترشيد التدين الرصين، ورعاية إمارة المومنين للشؤون الدينية والنهوض بالتنمية البشرية، ومهام إمارة المؤمنين في عقد العلاقات الدولية والحفاظ على المصالح الوطنية.
كما دعا المشاركون في أشغال هذه الندوة إلى العمل على تنظيم ندوات علمية وأيام دراسية في موضوع مهام إمارة المؤمنين الدينية والدنيوية، وتخصيص أنشطة علمية ت عنى بالثوابت المغربية لفائدة تلاميذ وطلبة المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى عقد شراكات تعاون مع المؤسسات الحكومية والسلطات القضائية والمجتمعات المدنية خدمة للقضايا العلمية والثوابت الدينية.
و م ع