انطلقت الجمعة بالصويرة، أشغال الدورة الثامنة للملتقى الأورومتوسطي للقادة الشباب، وذلك بمشاركة ثلة من صناع القرار والخبراء والباحثين والشباب المنحدرين من ضفتي المتوسط.
ويشكل هذا الحدث، المنظم من قبل سفارة فرنسا والمعهد الفرنسي بالمغرب، بشراكة مع جمعيتي الصويرة موكادور و”مغاربة متعددون” ومؤسسة “السقاط” و”إيناكتوس المغرب”، على مدى ثلاثة أيام تحت شعار “بحر نتشاركه”، منصة للتفكير والحوار حول الرهانات المشتركة للشباب بحوض المتوسط، قصد تعزيز تضافر الجهود بين الفاعلين بالمجتمع المدني والمؤسسات وحاملي المشاريع والأفكار.
ويناقش الملتقى، الذي تميز حفل افتتاحه بحضور على الخصوص، مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور السيد أندري أزولاي، وسفير فرنسا بالمغرب كريستوف لوكورتيي وكذا شخصيات بارزة من آفاق متعددة، التحديات البيئية والاقتصادية والثقافية بمنطقة المتوسط، مع دعوة المشاركين إلى إعادة التفكير في هذا الفضاء ليس كحدود، بل كملك مشترك يتعين الحفاظ عليه.
وأكد السيد أزولاي في كلمة بالمناسبة، على أهمية اعتماد مقاربة مشتركة ومتضامنة من أجل مواجهة التحديات التي تواجه حوض المتوسط، من قبيل الأزمة البيئية، والتغير المناخي، وحماية المحيطات، مذكرا بأن “المتوسط ليس بحرا فحسب، بل ملتقى حقيقيا للثقافات والحضارات”.
وأبرز أن “البحر يشكل اليوم، أكثر من أي وقت مضى، رهانا كبيرا لمستقبل الإنسانية، باعتباره مجالا للابتكار في الطاقات المتجددة، والتكنولوجيا البيولوجية والبحث العلمي والطب، ومن الضروري الإعداد لرفع هذه التحديات، ذلك أن البحر، في تعدديته، يضم مفاتيح رهانات مفصلية متعددة، لاسيما أمام التغيرات المناخية واستنزاف الموارد”.
وأضاف السيد أزولاي “في هذا السياق، يضطلع الشباب بدور أساسي. هذا الملتقى يمكن، من خلال منحه الكلمة للجيل الجديد، من إسماع رؤاهم ومقترحاتهم”، مشددا على ضرورة شعور الشباب بمسؤولية إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة وجماعية، باعتبارهم عماد عالم الغد.
واعتبر أن طاقة الشباب وإبداعهم وقدرتهم على التعاون خارج الحدود الجغرافية تشكل مؤهلات كبرى لبناء مستقبل أكثر احتراما لكوكب الأرض.
وخلص السيد أزولاي إلى أن “مدينة الرياح، باعتبارها نموذجا للتعايش السلمي المشترك والانفتاح، تجسد جوهر ما نتطلع إليه عبر هذا الملتقى. فالبحر الأبيض المتوسط، بعيدا عن كونه خطا فاصلا، يجب أن يكون مساحة للتقاسم والتبادل والتناغم بين شعوبه. وهنا، في الصويرة، علينا أن نتخيل معا مستقبلا متوسطيا أكثر احتراما للبيئة واندماجا، وموجه بشكل حاسم نحو مستقبل مشترك”.
من جانبه، عبر السيد لوكورتيي، عن سعادته بالإلتقاء بقادة شباب منخرطين في رهانات مفصلية بالمنطقة ضمن أشغال هذا الملتقى المنظم بهذه المدينة العريقة، مضيفا أن هذا الملتقى يشكل لحظة فريدة للقاء والحوار بين أجيال الشباب بضفتي المتوسط، المدعووين إلى التفكير الجماعي لإيجاد حلول للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي معرض تطرقه لرهانات التعاون والتضامن التي تجمع فرنسا بالمغرب، لاسيما في مواجهة التحديات البيئية، أشار الدبلوماسي الفرنسي إلى أن بلاده والمغرب، بصفتهما شريكين تاريخيين، يضطلعان بدور محوري في ضمان مستقبل أخضر وأكثر استدامة بالنسبة للمنطقة.
من جانبها، شددت مستشارة التعاون والعمل الثقافي والمديرة العامة للمعهد الفرنسي بالمغرب، أنييس أومروزيان، على الدور المركزي للتعليم في ثقافة بناء فضاء متوسطي متضامن ومستدام، موضحة أن “المعهد فخور بدعم هذه المبادرات التي تساهم في نسج علاقات قوية بين شعوب حوض المتوسط”.
وتميزت أشغال اليوم الأول من الملتقى بتنظيم مائدتين مستديرتين حول موضوع “حكامة وتدبير مستدام وصون البحار والمحيطات: أي دور للشباب ؟”، و”هل يجب علينا حماية البحر الأبيض المتوسط ؟”، ناقش من خلالهما عدد من المتدخلين المرموقين الرهانات المفصلية المرتبطة بالتدبير المستدام للمحيطات، وحكامة الفضاءات البحرية وضرورة حماية المتوسط في أمام التحديات البيئية.
وتتواصل أشغال الملتقى بتنظيم سلسلة من الورشات تتناول مواضيع متنوعة، من قبيل “الالتزام والتعبئة: بناء مجتمعات رقمية مؤثرة”، و”مقدمة في ريادة الأعمال الاجتماعية والتفكير التصميمي”، و”من المعاينة الميدانية إلى العمل: تعبئة الترافع المحلي من أجل البيئة”، و”التحدث أمام الجمهور”، و”فهم وسائل الإعلام لفهم المعلومات بشكل أفضل”، وغيرها.
كما يتضمن هذا الموعد، الذي يعرف مشاركة مئات الشباب، تنظيم مسابقة “هاكاثون” تروم تشجيع روح الإبداع وريادة الأعمال الاجتماعية، عبر خلق مشاريع ذات أثر قوي وذات صلة بالتحديات البحرية والبيئية التي توجد في صلب هذه الدورة الثامنة.
ويشتمل برنامج هذه التظاهرة، أيضا، على دورات للتفكير لمواصلة تعزيز الحوار بين فاعلي المجتمع المدني والشباب والمؤسسات، في أفق بناء فضاء متوسطي أكثر احتراما للبيئة، وأكثر اندماجا وأكثر صمودا أمام تحديات الغد.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.