قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، اليوم الأربعاء بالرباط، إن التاريخ علم شرعي ضروري لفهم الدين والهوية، وعنصر أساسي لفهم الذات والانتماء الحضاري.
وأكد السيد التوفيق، خلال افتتاح يوم دراسي نظمته مؤسسة دار الحديث الحسنية حول موضوع “الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى: السياق التاريخي والخصائص والامتدادات”، على أهمية تجاوز السرديات السطحية للتاريخ نحو فهم أعمق لمساراته وتحولاته وتأثيره في مقاربة مختلف مراحله.
وفي هذا الصدد، أبرز ضرورة اطلاع طلبة العلوم الشرعية على التاريخ كأحد سبل فهم الإسلام في سياقه المحلي واستحضار المراحل التي مر بها، معتبرا أن المعرفة بتاريخ المغرب قبل الإسلام ما تزال محدودة، وهو ما يستلزم التمحيص في السياقات التي رافقت دخول الإسلام للمغرب الأقصى.
وبخصوص موضوع اليوم الدراسي، طرح الوزير فرضية تاريخية، مدعومة بشهادات وأعمال بحثية، أكد من خلالها أن دخول الإسلام إلى المغرب الأقصى سادته عدة مظاهر من السلم والانفتاح والتلاقي بين الأمازيغ والدعاة الأوائل، ما أضفى على الاسلام في المغرب طابعا محليا متجذرا ومتفاعلا مع الخصوصيات المغربية.
وتوقف السيد التوفيق عند علاقة المغرب الأقصى بعد دخول الإسلام بالدولة المركزية (الأموية) في المشرق التي اضطر المغاربة إلى القطيعة معها “دفاعا عن الإسلام وسعيا لتجسيده في نموذج أكثر عدلا واستقلالا، وهو ما مهد لخصوصية الإسلام المغربي”.
من جانبه، أبرز رئيس جامعة القرويين، أمال جلال، أن موضوع “الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى” يكتسي أهمية تاريخية، لأن البحث فيه من حيث السياق يسمح بفهم التحولات العميقة التي طرأت على بلاد الغرب الإسلامي عموما، معتبرا أن “حدث دخول الإسلام شكل لحظة فاصلة أكسبت الإنسان المغربي هوية جديدة إلى جانب هويته الأصلية”.
وأشار إلى أن هذا اللقاء يندرج في إطار سلسلة الأنشطة العلمية والثقافية للموسم الجامعي 2024-2025، وحلقة ضمن مشروع البحث العلمي الذي تشرف عليه مؤسسة دار الحديث الحسنية.
بدوره، قال مدير دار الحديث الحسنية، عبد الحميد عشاق إن المغرب بعد دخول الإسلام المبكر رسخ نمطه الحضاري المميز وخصوصية هويته.
وأوضح أن هذه المرحلة تكتسي أهمية كبرى في دراسة التاريخ الديني والاجتماعي والثقافي لهذه المنطقة، وهي لا تزال تطرح إشكالات علمية معقدة بسبب ندرة الوثائق المؤرخة لها، مؤكدا أن هذا اليوم الدراسي يهدف إلى تقريب الباحثين من استيعاب التحولات العميقة التي واكبت دخول الإسلام، وفهم خصوصية النموذج المغربي، فضلا عن كونه يشكل محطة علمية في سبيل فهم مرحلة مفصلية من تاريخ المغرب الأقصى.
من جانبه، قال أستاذ التاريخ بمؤسسة دار الحديث الحسنية ومنسق اليوم الدراسي، أحمد الخاطب، إن هذا اللقاء يندرج ضمن مشروع أكاديمي متواصل تسعى من خلاله هذه المؤسسة إلى تعزيز البحث العلمي الرصين في تحقيقا لأهدافها من خلال التكامل المعرفي بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية واللغات الأجنبية لتكوين باحثين ملمين بتاريخهم ومنفتحين على العالم.
وأضاف أن المشاركين في هذا اللقاء سينكبون على مناقشة مرحلة الإسلام المبكر بالمغرب من زاوية علمية رصينة، وعلى التدارس بالتفسير والتعليل التاريخي لما انحسر من اتجاهات ومذاهب الاسلام المبكر وما استمر منه في تاريخ المغرب المعاصر إلى الوقت الراهن؛ أي المنظومة السنية المالكية، بما يسهم في تشكيل رؤية تاريخية واضحة تسندها الشهادات وتحليل السياقات.
يذكر أن برنامج هذا اليوم الدراسي، الذي يعرف مشاركة نخبة من الباحثين والمختصين من مشارب مختلفة، يروم مساعدة الباحثين على فهم وتقدير التحولات العميقة التي شهدها المغرب منذ دخول الإسلام، والتنبيه إلى الحاجة لفهم السياقات التاريخية لهذه المرحلة، والتأكيد على الخصوصية المغربية في التفاعل مع الإسلام المبكر.
وينكب المشاركون خلال هذا اللقاء على دراسة موضوع الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى من خلال عدة محاور منها “الفتح الإسلامي للمغرب الأقصى: السياق والمسار والخصائص”، و”المغرب الأقصى في ظل الإسلام المبكر: المجال والمجتمع والتأريخ”، و”اتجاهات الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى بين الانحسار والامتداد”.
و م ع