لم يكن يدور بخلد ،علي الصالحي ، الطالب المجد والشغوف بالمعرفة الذي يتابع دراسته في إحدى ثانويات العاصمة الرباط، أنه سيتسلق يوما ما سلم النجاح ويحظى بمكانة مرموقة في واحدة من الشركات التي فرضت نفسها على مر السنين في أرض التحدي والمنافسة حيث بزغ “الحلم الأمريكي”.
إنها حكاية الحلم الأمريكي التي بدأ الصالحي المنحدر من مدينة الرباط نسج خيوطها بأحرف من ذهب بين تكساس ونيويورك، عندما اختارته مجلة فوربس الأمريكية المرموقة من بين 30 شابا دون سن الثلاثين في إطار برنامج (30 تحت الثلاثين) الذي يتمتع بوقع اجتماعي كبير في أمريكا الشمالية.
ففي سن الـ 25، ابتكر الشاب المغربي الموهوب خوارزمية مكنت المقاولة الناشئة “لووب” العاملة في مجال التأمين والتي تتخذ من أوستن (تكساس) مقرا لها ، من جني أزيد من 24 مليون دولار، حيث تمكنت بفضل خوارزمية علي، من أن تتنبأ باحتمالية وقوع حوادث السيارات والاستفادة من تقنية المعلومات عن بعد لتقييم السلوك أثناء القيادة.
وبفضل هذا النظام الذكي الذي صممته كفاءة مغربية، تتخلص لووب من معايير التقييم التي توصف بأنها “غير عادلة وتمييزية” في حق بعض الأقليات التي ترغب كغيرها في الحصول على تأمين مناسب. وعلى سبيل المثال، لم يعد بالنسبة لـ”لووب”، التصنيف الائتماني والدخل السنوي والمهنة شرطا ضروريا للمهاجر الذي انتقل للتو إلى الولايات المتحدة، لاستفادة من تأمين بأسعار عادلة ومعقولة، وبالتالي فالأثر الاجتماعي لهذه المبادرة باد للعيان.
وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الشاب علي ،باعتزاز، أنه “بفضل هذه الخوارزمية، أصبحت +لووب+ تساعد فئات عريضة من السكان على الاستفادة من أقساط تأمين عادلة ومنصفة”.
وتحيل قصة النجاح هاته، على جذورها المنغرسة في التربة المغربية المعطاء والزاخرة بالمواهب والمهارات، إذ أن علي الصالحي رسم مسار تميزه داخل مؤسسة إعدادية وثانوية مغربيتين قبل حصوله على منحة لمتباعة الدراسة في جامعة الأخوين بمدينة إفران.
فوي هذه الجامعة المغربية المرموقة، وقبل حصوله على الإجازة في الإعلاميات سنة 2017، كان الشاب الرباطي يحلم دائما بمعانقة أفق أوسع واستكشاف تجارب أخرى، حيث حرص على الانضمام إلى برنامج للتبادل الثقافي مكنه من الاستفادة من دورة دراسية في تينيسي (جنوب الولايات المتحدة). “هذه التجربة مكنتني من التعرف على بلد العم سام” ، يقول علي.
في نهاية مساره التحصيلي في إفران، أتيحت لعلي، الذي يشغل حاليا منصب المدير التقني في شركة “لووب”، العديد من الفرص لولوج سوق الشغل من بابه الواسع، إلا أن طموحه كان بلا حدود وكذلك شغفه الكبير بالمعرفة والسعي لتحقيق حلم أكبر.
وفي هذا الصدد، يقول علي “بعد حصولي على الإجازة في 2017، أتيحت لي العديد من فرص العمل ، بيد أنه خالجني شعور بأني لست مستعدا لعالم الشغل بعد وما زلت أرغب في الدراسة واكتساب المزيد من المعرفة”.
وهكذا، قرر هذا “المحارب” الفذ الالتحاق بكلية روبرت سميث للأعمال في جامعة ميريلاند بمنطقة واشنطن الكبرى ، حيث حصل على درجة الماجستير في العلوم في تحليل البيانات.
وخلال متابعته دراسته كطالب في جامعة ماريلاند، تمكن علي من الحصول على تدريب داخلي في شركة “لووب” حيث سينفذ بنجاح نماذج التعلم الآلي لتقييم المخاطر على الطرقات في الولايات المتحدة، وبفضل هذه الخوارزمية، تم إدماجه في الشركة كعالم بيانات ليتسلق الرتب حتى أصبح رئيسا لقسم التكنولوجيا.
هذه التجربة، التي بدأت في تكساس واحتفت بها مجلة “فوربس”، مؤهلة لأن تأخذ بعدا أكبر في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد ،يقول علي بنبرة واثقة “نظرا لأن صناعة التأمين يتم تنظيمها على مستوى الدولة، فإن طموحنا هو طرح هذه النماذج في خمس إلى عشر ولايات أخرى خلال العام المقبل”.
لقد سطر هذا الشاب بالتأكيد أهدافا قصيرة ومتوسطة المدى، لكن طموحه يحمله إلى الوطن الأم، حيث يداعبه حلم تكرار قصة نجاح “لووب” بالمغرب.
وخلص الى القول: “إن المغرب قطب اقتصادي ومالي في إفريقيا وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط.وحلمي أن أكون قادرا على المساهمة في دينامية التطور التي تشهدها المملكة على عدة مستويات”.
المصدر : و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.