افتتح اليوم الخميس برواق الفن المعاصر محمد الدريسي بطنجة معرض “حلم في غابة رائعة” للفنان التشكيلي إلياس سلفاتي، بحضور فعاليات ثقافية وفنية ورجال الأدب وأكاديميين ونقاد.
وتعتمد تشخيصات الفنان إلياس سلفاتي على تعابير “غير معتادة” يحاول فيها طرح وجهة نظره بخصوص قضايا إنسانية آنية مختلفة ومعقدة، منها قضايا التعايش والتسامح والهجرة والسلم والسلام، في مقابل قضايا بارزة تتعلق بالحرب والتمييز والتطور الاقتصادي الذي لا يرحم الإنسان والشهرة الزائفة.
وفي هذا السياق، قال الفنان إلياس سلفاتي، في تصريح لقناة M24 الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التيمات التي تتطرق لها اللوحات والمجسمات المقدمة أمام الزائر للمعرض، الذي سيستمر الى غاية 23 من يناير القادم، هي صيحة كل إنسان في العالم تواق الى الحرية وتغيير واقعه البيئي والحياتي، وهي أيضا نداء مجتمعي من كل دول العالم ضد التهميش والاقصاء والعنصرية والحد من حرية التنقل والتعبير.
وأضاف أن ما يتضمنه المعرض من إبداعات هي جزء بسيط من لوحاته العديدة التي استلهمها من الواقع المعاش وكذا من تجاربه العديدة في دول أوروبية وأمريكية عديدة، وهي تراكم حياتي لسنين عديدة لامس فيها الاحتكاك مع مختلف الأجناس، رغم أن مشاعر وأحاسيس الناس هي واحدة حتى وإن اختلفت الأزمنة والأمكنة.
وفي تصريح مماثل، قال المدير الجهوي لوزارة الثقافة لجهة طنجة تطوان الحسيمة كمال بن الليمون أن استقطاب أسماء فنية مغربية وأجنبية مرموقة ينسجم والدور الذي عرفت به مدينة طنجة، المدينة التي احتضنت الكثير من الشخصيات الوازنة وكانت حضنا دافئا لمشاهير الفن التشكيلي والأدب والغناء والابداع بمختلف تلويناته، وتشكل نموذجا للتعايش والتآخي والتسامح والتقارب.
وأبرز السيد كمال بن الليمون أن التنشيط الثقافي الذي تعرفه جهة طنجة تطوان الحسيمة، وخاصة مدينة البوغاز، والحضور المستمر لمختلف المبدعين على اختلاف اهتماماتهم الثقافية يعكس بحق السمعة التي راكمتها مدينة طنجة في المجال الحضاري والثقافي، كما أنها تواكب الطفرة التي تشهدها المنطقة على مستوى البنيات التحتية الثقافية، في إطار الاهتمام الخاص الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمنطقة ورغبة جلالته في أن تضطلع مدينة البوغاز على الخصوص وباقي الحواضر بدور البوابة الحضارية والرابط الحضاري بين شمال وجنوب الكرة الأرضية.
وحسب الناقدة الفنية ماري ديباريس -يافل، في تقديم خاص عن التظاهرة الفنية، فإن ”الغابة، منزله و ملجأه، وموقع هروبه، أضحت مرة أخرى في صميم عنوان المعرض الشخصي الذي خصصه رواق محمد الدريسي بمدينة البوغاز للفنان ابن طنجة إلياس السلفاتي”.
وتابعت قائلة “التخيلات والتصورات، هي الوعود التي يحملها هذا المعرض الفني، وهو عنوان مميز قد يبدو غير مناسب، عندما يفكر المرء في الوضع الذي يغرق فيه عالم اليوم”.
وقالت ماري ديباريس-يافيل، التي تتابع أعمال الفنان الطنجاوي منذ سنوات طويلة، “هذا النداء إلى الغابة، هو نداء لمكان حيوي بارز، صامت وهادئ في وقت واحد، لتمثلاتها ونظامها الإيكولوجي وحيواناتها، في تعبيرات تكون أحيانا عضوية، وأحيانا بسيطة، إلى شظاياها، إلى بدائيتها”، مشيرة إلى أن هذا الحضور القوي الذي رافق حياة إلياس سلفاتي الشخصية والفنية لفترة طويلة يمكن أن يعيد النداء مرة أخرى للعثور على “صباحه الداخلي”.
ورأت أنه “ومع ذلك، فإن طريقة تفكير وفن سلفاتي منفصلان عن أي حنين أركادي ، وهو ما يمكن أن يعيده إلى الأذهان وإلى المواد البصرية التي لا تنضب من الغابة“.
وتتميز أعمال إلياس سلفاتي عامة بقوة مواضيعها الطبيعية، بحيث اشتغل على الحيوانات والطبيعة في وضعيات مختلفة، وعلى الإنسان في وضعيات تراجيدية بما فيها الحرب، المعاناة، الموت وتناول أجزاء الإنسان والصراعات من خلال رسومات وألوان داكنة وألوان حية، الأمر الذي يجعل منه منفتحا على العالم ومنتقدا لما يجري حوله بكل شفافية وعفوية.
ولد إلياس السلفاتي عام 1967 في طنجة، وتخرج من مدرسة الفنون الجميلة في تطوان عام 1991 وتكون على تقنيات الحفر في مدرسة الفنون الجميلة بمدريد (1992-1994).
وتابع مساره التكويني والإبداعي مستلهما طاقاته الفنية داخل المغرب وخارجه في كل من إسبانيا بمدريد، وفرنسا بباريس، وأمريكا بنيويورك، حيث التقى بكبريات نساء وكبار رجال الفن العالمي، مستفيدا منهم ومن مختلف التجارب العالمية بكل انفتاح.
وفي الوقت نفسه ، تلقى دروسا في سيريغرافيا في مدرسة فنون الغرافيك بمدريد عام 1993. وشارك في العديد من أوراش الحفر (تطوان) والرسم (أصيلة ، لوس أنجليس ،و مدريد ).
ويعود تاريخ المعرض الفردي الأول لهذا الفنان، الذي يقيم حاليا بين مدريد وباريس وطنجة ، إلى عام 1987 بمدينة البوغاز .
المصدر : و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.