بحكم سحرها ووقعها الخاص لدى عشاق المستديرة في القارة السمراء ، استطاعت نسخة الكاميرون 2021 من كأس إفريقيا للأمم أن تقاوم مختلف المطبات التي حاولت جاهدة العصف بها أو إلغائها ، لتنجح بعد جهد جهيد في أن ترى النور من رحم المعاناة ،ولتكون زينة العام الجديد و قبلة أنظار العالم في الفترة الممتدة من تاسع يناير الجاري إلى سادس فبراير المقبل.
والواقع أن نسخة الكاميرون 2021 من كأس إفريقيا للأمم شهدت الكثير من الجدل ،انطلقت شرارته الأولى في يناير 2020 حيث تم الاستقرار على تعديل موعد أمم إفريقيا من الصيف إلى الفترة ما بين 9 يناير إلى 6 فبراير بسبب طقس الكاميرون الممطر.
وبذلك عادت كأس أمم إفريقيا إلى موعدها المعتاد في الشتاء بعد قرار إقامتها في الصيف والذي تم تنفيذه بالفعل في نسخة 2019 في مصر.
ولكن لم يكن ذلك التعديل هو التأجيل الأخير لنسخة أمم إفريقيا في الكاميرون،ففي يونيو 2020 تم إرجاء البطولة مرة أخرى من يناير 2021 إلى يناير 2022 بسبب تفشي فيروس “كورونا”، لتثار الشكوك من جديد حول إمكانية تأجيل أو إلغاء بطولة أمم إفريقيا من الكاميرون قبل ما يقارب ستة أشهر من إقامتها.
وفي يونيو 2021 ، كانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن الكاميرون غير جاهزة لاستضافة النسخة المقبلة من أمم إفريقيا وهو ما قد يضع الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم “كاف” في ورطة جديدة، حيث كشفت هذه التقارير وقتها أن مصير تنظيم الكأس بات غامضا بين التأجيل أو الإلغاء.
شكوك جديدة حول إمكانية قدرة الكاميرون على استضافة أمم إفريقيا لاحت خلال شهري أكتوبر ونونبر الماضيين بسبب عدم جاهزية الملعب الأولمبي، مما جعل اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الافريقية لكرة القدم تمنح مهلة للجنة المنظمة في الكاميرون من أجل الانتهاء من كافة الاشغال .
وكانت هناك رغبة من جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بتأجيل تلك النسخة بسبب مخاوف من متحور أوميكرون الجديد لفيروس “كورونا”.
وشهدت تلك الفترة ضغوطات كبيرة على اللجنة التنفيذية للكاف خاصة بعد أن عبرت رابطة الأندية الأوروبية عن رغبتها الشديدة في تأجيل ال”كان ” بهدف الاحتفاظ بنجوم القارة السمراء الذين يؤثثون بطولات القارة العجوز ، رافعة شعار التخوف من الإصابة بفيروس “كورونا”، وظهور متحور “أوميكرون”.
و الواقع أن الضغط الأوروبي ليس بجديد، والحملات الممنهجة ضد هذه البطولة ليست غريبة ، تمثلت علنا بعدما وجهت رابطة الأندية الأوروبية رسالة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، “فيفا”، هددت فيها بعدم تحرير لاعبيها من أجل المشاركة مع بلادهم، معللة ذلك بعدم إعلان الكاف عن بروتوكول طبي لمواجهة الجائحة و غياب اللاعبين الدوليين عن أنديتهم فترة أطول مما كان متوقعا سابقا، وذلك بسبب “الحجر الصحي وقيود السفر”.
لكن المدافعين عن أحقية القارة الافريقية في تنظيم بطولتها الأولى يسجلون أن هذه الاعتراضات لم تظهر عندما توجه اللاعبون إلى خوض بطولة أمم أوروبا في الصيف الماضي ، ولم تظهر أي مخاوف من “كورونا” في ظل حضور جماهيري هو الأول من نوعه منذ بدء الجائحة.
وبدورها رمت وسائل الاعلام الأوروبية بثقلها في اتجاه إيقاف البطولة ، حيث تحدثت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن تهديدات أمنية للاعبين وسلامتهم، بسبب المشاكل السياسية في الكاميرون، وحاولت تسليط الضوء على تحذيرات من هيئات حقوق الإنسان، بشأن احتمال استهداف كبار اللاعبين خلال كأس أفريقيا .
بدوره، قدم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، جياني إنفانتينو، اقتراحا بشأن كأس أمم إفريقيا سيكون سببا في حل العديد من المشاكل، حيث قال في مؤتمر صحافي قبل نهاية العام الماضي بأسابيع، إن إقامة كأس أمم أفريقيا في شهر شتنبر ستحل العديد من المشاكل، مشددا على ضرورة التفكير في الدوريات الأوروبية التي تضم أنديتها عددا من اللاعبين الأفارقة.
واجتمع إنفانتينو مع اعضاء اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الافريقية لكرة القدم من أجل محاولة إقناعهم بعدم إقامة البطولة في يناير ، لكن كان هناك إصرار من ال”كاف” وصامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني الجديد بإقامة البطولة في موعدها.
وكان الرد الحاسم من باتريس موتسيبي رئيس الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم في 20 دجنبر بأن البطولة ستقام في موعدها ولا توجد أي نية للتأجيل ،ليحسم أمر النسخة الحالية وتقام أخيرا في الكاميرون تحت شعار التحدي .
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.