ايطاليا: تجاذبات سياسية مع قرب انتهاء ولاية الرئيس سيرجيو ماتاريلا

قبل 3 سنوات

في خضم الموجة الوبائية المترتبة عن متحور “أوميكرون”، تبدو سنة الإصلاحات الكبرى في إيطاليا أكثر كثافة وتعقيدا، حيث سيطبع دخول سنة 2022 منعطفا حاسما: الرئيس سيرجيو ماتاريلا، الذي تنتهي ولايته من سبع سنوات في 3 فبراير المقبل، سيغادر “بلاسو كويرينالي”، ومن ثم فإن انتخاب خلف له أضحى أمرا يشغل الأذهان.

وحتى إن كانت مهامه من الناحية النظرية تكتسي طابعا فخريا أساسا، إلا أنه يتحمل مسؤولية ضمان الوحدة الوطنية، لاسيما خلال الأزمات الحكومية، ما يجعل انتخابه لحظة قوية في الحياة السياسية الإيطالية.

ويرفض رئيس الجمهورية الحالي بشكل قاطع تولي الرئاسة لفترة ثانية، كما هو الشأن بالنسبة لفرضية البقاء في المنصب لسنة إضافية، في انتظار نهاية السنة التشريعية في العام 2023.

ويتم انتخاب الرئيس الإيطالي بالاقتراع غير المباشر والسري من قبل هيئة انتخابية تتألف، على الخصوص، من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، ولذلك، تسود العديد من التجاذبات السياسية.

ونظرا لإجراء الانتخابات داخل الغرفتين، يتم اختيار الرئيس الإيطالي دون أي مرشح رسمي. ولا يجوز لأي عضو من أعضاء المجمع الانتخابي أن يتحدث في الدورات النصفية من أجل إظهار تقديره لهذه الشخصية أو تلك.

وداخل فضاءات “بالاسو دي مونتيسيتوريو”، مقر مجلس النواب والبرلمان، بوسع أصوات الأمناء الموجهة للناخبين الكبار لوحدها كسر الصمت إلى حين فرز الأصوات الذي يقوم به علنا رئيس الغرفة.

وكما في الماضي، سيسود جو غامض، مثل المحفل، ما يضفي على هذه المؤسسة الرئاسية قدسية أكبر ضمن النظام الدستوري الإيطالي.

وقبل أسبوعين من التصويت، تتعدد السيناريوهات ويظهر العديد من المرشحين، ما يغرق البلاد في حالة من عدم اليقين السياسي.

وتردد الصحافة الإيطالية مختلف الأسماء المتداولة لخلافة سيرجيو ماتاريلا، ابن صقلية البالغ من العمر 80 عاما، والذي خبر كيف يجسد الوحدة في أوج العاصفة.

ومن بين أكثر الشخصيات المتداولة، هناك الرئيس الديمقراطي السابق لمجلس النواب، بيير فرديناندو كاسيني، ورئيسا الحكومة السابقين باولو جينتيلوني، المفوض الأوروبي الحالي للاقتصاد، وجوليانو أماتو، الأوروبي المتحمس الذي يبلغ عمره 82 عاما وشارك في صياغة الدستور الأوروبي.

كما يتعلق الأمر برئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، المنسحب من الحياة السياسية دون الغياب عنها بالكامل. فضد جميع القواعد القائمة في هذا الشأن، اختار نفسه منذ عدة أسابيع كمرشح طبيعي لليمين، منتزعا بذلك دعما ظاهرا من زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني، و”فراتيلي ديطاليا” جيورجيا ميلوني.

ويؤكد زعيما الحزب الديمقراطي، إنريكو ليتا، و”إم 5 إس”، جيزيبي كونتي، من جانبهما، أهمية اختيار “شخصية محايدة، موحدة وذات أخلاق عالية جدا”، مشيرين إلى أن “سلفيو بيرلوسكوني يفتقر لهذه الخصائص، فهو متابع في محاكمتين تمت الدعوة إلى جلستي الاستماع الخاصتين بهما في نهاية شهر يناير”.

وفي خضم هذا الجدل، تم تداول اسم بالإجماع من قبل الممثلين السياسيين من جميع المشارب على استديوهات التلفزيون. إنه الرئيس الحالي لمجلس الوزراء، ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، الذي قاده ماتاريلا نفسه إلى رئاسة الحكومة الإيطالية في فبراير 2021. فالرجل ينسب إليه الفضل في إنقاذ منطقة اليورو عام 2012 في خضم أزمة الديون، كما تمكن من إنقاذ بلاده في أقل من عام، رغم أن ورش الانتعاش لا يزال في مراحله الأولى.

فمن قصر إلى آخر. هل سيغادر ماريو دراغي “رجل الأزمات والإصلاحات”، قصر شيغي، ليعبر من دون صلاحيات تنفيذية، أبواب الكويرينالي في فبراير المقبل ؟ هذا هو السؤال الذي يشغل الطبقة السياسية برمتها. فخلال مؤتمره الصحفي لنهاية السنة، لم يستبعد ماريو دراغي هذه الفرضية، لكن دون إظهار نواياه الحقيقية.

و م ع

آخر الأخبار