تحل اليوم (13 يناير) السنة الأمازيغية الجديدة 2972 ، وهي مناسبة للوقوف على المكتسبات التي تحققت، وكذا على التطلعات المستقبلية من أجل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الذي يعكس تنوع المجتمع المغربي وتعدد روافده.
فعلى الرغم من تواصل جائحة كورونا للسنة الثانية على التوالي، تمكنت الثقافة الأمازيغية في السنة الفارطة من أن تبصم على حضور وازن من خلال العديد من الأنشطة والقرارات والمبادرات.
وهكذا، احتفل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمقره بمدينة الرباط يوم 14 أكتوبر، على غرار كل سنة، بالذكرى 20 للخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأجدير بإقليم خنيفرة يوم 17 أكتوبر 2001، وتأسيس المعهد، وذلك تحت شعار: “عشرينية مأسسة النهوض بالأمازيغية: مسار واستشرافات” .
وقال عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية السيد أحمد بوكوس ، بهذه المناسبة، إن المعهد استطاع في غضون العشرينية المنصرمة أن يصبح قطبا مرجعيا على المستويين الوطني والدولي في حقول الأمازيغية المتعددة.
وأضاف أن المعهد تمكن من تحقيق عدد من الإنجازات وراكم كما هائلا من الإصدارات التي تتميز بالجودة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، لاسيما في مجالات التاريخ والآداب وتأهيل اللغة الأمازيغية وخط تيفيناغ والتطبيقات المعلوماتية لهذه اللغة، علاوة على الترجمة، مما ساهم في إغناء اللغة الأمازيغية وانفتاحها على الثقافات العالمية.
كما نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 15 أكتوبر بالرباط، حفل تسليم جائزة الثقافة الأمازيغية 2020، والذي عرف تتويج الباحث والفاعل الثقافي إبراهيم المزند، بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية لهذه الدورة، وذلك تقديرا لجهوده وأبحاثه في مجال النهوض بالثقافة والتراث الأمازيغيين بالمملكة.
وتجدر الإشارة إلى أن جائزة الثقافة الأمازيغية التي تتضمن فئات أخرى، تهدف إلى النهوض بالثقافة الأمازيغية في مختلف تجلياتها، وذلك عبر تشجيع منتجيها ومبدعيها وفنانيها ومفكريها وباحثيها.
وعلى المستوى الحكومي، تميزت سنة 2021 يإعلان الحكومة في 11 أكتوبر عزمها تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025 .
وجاء هذا الإعلان ضمن أبرز الالتزامات الحكومية خلال الفترة 2021 – 2026 كما قدمها رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش خلال جلسة مشتركة أمام مجلسي النواب والمستشارين خصصت لتقديم البرنامج الحكومي.
أما على صعيد البرلمان ، فقد وقع مجلس المستشارين والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يوم 2 فبراير بالرباط، على بروتوكول تعاون يروم تسريع وتيرة إدماج اللغة الأمازيغية في أشغال المجلس.
ويهدف بروتوكول التعاون إلى وضع إطار عام للتعاون بين الجانبين قصد أجرأة وتفعيل مخطط العمل الذي أقره المجلس والمتضمن لكيفيات ومراحل إدماج اللغة الأمازيغية في أشغال الجلسات العمومية لمجلس المستشارين وأجهزته، وكذا من أجل المساهمة المشتركة في إعمال الطابع الرسمي للأمازيغية، وتيسير استعمال هذه اللغة من قبل المجلس وتذليل جميع الصعوبات التقنية المرتبطة بذلك. من جهة أخرى، تم يوم فاتح دجنبر بالرباط التوقيع على اتفاقية تتعلق بالتبرع بأرشيفات خاصة بالجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي “لامريك”، التي تعد أول جمعية أمازيغية حيث تأسست في 10 نونبر 1967 ومؤسسة إبراهيم أخياط للتنوع الثقافي لفائدة “أرشيف المغرب”.
وتنص الاتفاقية، التي تم التوقيع عليها بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف (30 نونبر ) والذكرى ال 54 لتأسيس “لامريك”، على إحالة الأرشيفات الخاصة للجمعية والمؤسسة إلى ” أرشيف المغرب” كعنصر من الذاكرة الجماعية قصد توفيرها للباحثين والمحافظة عليها من أجل نقلها للأجيال القادمة.
وأعلنت كل من جمعية “لامريك”، ومؤسسة إبراهيم أخياط للتنوع الثقافي، بموجب هذه الاتفاقية، عن فتح رصيد خاص بهما لدى “أرشيف المغرب” تحت اسم “رصيد إبراهيم أخياط” يتضمن مجموعتين: الأولى خاصة بالجمعية والثانية بالمؤسسة ويتم تزويدهما على مراحل بالوثائق التي بحوزتهما، والتي معظمها أنتجتها أو تسلمتها الجمعية خلال مسيرتها النضالية الثقافية الجمعوية الممتدة لأكثر من 54 سنة، أو في ملكية أسرة الراحل إبراهيم أخياط (1941-2018) خلال مسيرته النضالية الثقافية الجمعوية.
وعلى صعيد النشر ، صدر حديثا عن منشورات (أرشيف المغرب) كتاب جديد تحت عنوان “مجموعة أوسمان الأسطورة.. حديث الصورة”، لمؤلفه الموسيقار والباحث والعضو المؤسس لهذه المجموعة الأمازيغية، بلعيد العكاف.
ويعد الكتاب الذي يقع في 182 صفحة من القطع المتوسط، بحسب مؤلفه “قصة أرويها بواسطة الصور كمادة أرشيفية، والهدف منه هو توثيق فترة جد صعبة تألقت فيها مجموعة أوسمان الأمازيغية، وحصل لي الشرف أن كنت من بين أعضائها المؤسسين، وعشت تجربتها الفريدة عن كثب”.
ويضم الكتاب، بحسب المصدر ذاته، عددا من الصور التي التقطها العكاف واحتفظ بها منذ سنة 1974 (تاريخ تأسيس أوسمان) .
وقال مدير أرشيف المغرب، جامع بيضا، في تقديمه للكتاب، إن تجربة مجموعة أوسمان (وتعني البرق)، وبالرغم من أنها لم تعمر طويلا، إذ أفل نجمها سنة 1984، “فإنها بصمت المشهد الموسيقي المغربي وساهمت، إلى جانب مجموعات أمازيغية أخرى اقتفت أثرها، في صيرورة تملك المغاربة لتراثهم الثقافي المتعدد والمتنوع” .
ورغم اختلافهم حول تسمية وطرق الاحتفال بقدوم السنة الأمازيغية الجديدة، بين من يسميها “ئض ن ئناير”، أو “ايخف ن أوسكاس “، أو “حاكوزا”، فإن المغاربة، على غرار مناطق أخرى من شمال إفريقيا، يتفقون على أهمية الاحتفاء بهذه المناسبة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي الأمازيغي، وبالتالي ضمان نقله من جيل إلى آخر .
وككل سنة، يتجدد مطلب الحركة الأمازيغية ونداءات حقوقيين وفعاليات ثقافية بإقرار فاتح السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة، وذلك لارتباط المناسبة بالذاكرة الجماعية للشعب المغربي وبالمجال الفلاحي الذي يعد مصدرا أساسيا للعيش لدى ساكنة مهمة منه، وكذا لكون تحقيق هذا المطلب يندرج في إطار تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية الذي نص عليه دستور المملكة .
و م ع