26 ديسمبر 2024

البحث في تاريخ المغرب، محور ندوة دولية بالرباط

Maroc24 | أخبار وطنية |  
البحث في تاريخ المغرب، محور ندوة دولية بالرباط

انطلقت، اليوم الخميس بالرباط، أشغال ندوة دولية حول “البحث في تاريخ المغرب : الحصيلة والآفاق” من تنظيم المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب.

وتسلط أشغال هذه الندوة الرقمية، التي تمتد على مدى يومين ، الضوء على حصيلة وآفاق البحث الأكاديمي في تاريخ المغرب من خلال جلسات موضوعاتية ينشطها مختصون وخبراء وطنيون ودوليون في هذا المجال.

وهكذا، أكدت مديرة الوثائق الملكية، بهيجة سيمو، في مداخلة تحت عنوان” نظم الدولة المغربية وآليات تصريف أحكامها ” خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة ، أن البيعة تعد “المصدر الأول الذي تنبثق منه نظم الدولة في المغرب، وذلك منذ الأدارسة إلى اليوم”.

وبعد أن سلطت الضوء على عراقة الدولة المغربية، أوضحت السيدة سيمو أن “أهمية البيعة تكمن في كونها تؤرخ لأساس من الأسس المتينة التي يقوم عليها الحكم بالمغرب، وتتميز بكونها عقود مكتوبة، حيث تبين نصوص البيعات أن المبايعة مؤسسة تقوم على التعاقد الأساسي بين الحاكم والمحكوم”، لافتة إلى أن الأمر يتعلق بعقد ديمقراطي بامتياز يشتمل على حقوق وواجبات.

وفصلت، في هذا السياق، بين البيعة الكبرى أو العامة وبين البيعات الخاصة، متوقفة عند نماذج من بعض البيعات الصحراوية .

كما توقفت السيدة سيمو، في معالجتها لهذه النظم، عند بعض المصطلحات وكيف تطورت مع تطور مراحل الدولة، مشيرة إلى أن هذا الجهاز السياسي عرف عند المغاربة منذ العهد الموحدي ب”المخزن”.

وأوضحت في هذا الصدد أن هنالك “خلط بين مفهوم الدولة ومفهوم المخزن باعتبار المخزن عند المغاربة هو المصطلح الذي يعبرون به عن السلطة وعن الدولة التي تمارسها وعن الأجهزة المركزية والمحلية، التي بها يضبط الأمن داخليا وخارجيا وتجبى بها الضرائب، وبواسطتها تتم مراقبة التوازن القبلي القائم في المجتمع وبها يدافع عن الوحدة الترابية ، وعن هذا الجهاز تصدر كل القرارات والأحكام وتتم مختلف التعيينات”.

وبعد أن توقفت عند ” التركيبة الدقيقة لهذا الجهاز”، تناولت السيدة سيمو مسألة ممارسة الحكم وأهم آليات تصريفه، لاسيما عبر إصدار المراسيم والظهائر، موضحة أن القرارات السلطانية كانت مكتوبة منذ العهد المرابطي حيث كان يطلق عليها آنذاك “الصك” أو “السجل”.

كما أشارت إلى ظهور “الظهير” خلال العهد الموحدي، موضحة كيف تم توظيفه كآلية هامة لتصريف الأحكام خلال العهد العلوي الشريف، حيث تعاملت الظهائر والرسائل السلطانية مع مختلف نظم الدولة.

واستعرضت السيدة سيمو، في هذا السياق، طرق توظيف الظهير وأنواعه وطرق صياغته ونشره علاوة على دلالته السياسية والدينية.

وخلصت إلى أن “المغرب دولة ذات نظم عريقة وثابتة وراسخة تتصف بالتكامل فيما بينها وبشموليتها وتنوعها في الزمان والمكان، مما أعطاها تميزا خاصا”، لافتة إلى أن هذه النظم عرفت تطورا من دولة إلى أخرى ؛ مع تسارع وتيرة تطورها خلال القرن التاسع عشر نتيجة السياقات والمستجدات التي كان يعيشها المغرب أمام التحديات الدولية المتجسدة في المد الاستعماري والصراع الأوروبي حوله. من جهته، أبرز جامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، في عرض بعنوان ” أية مصادر لتاريخ الزمن الراهن بالمغرب؟، أن تخصص تاريخ الزمن الراهن ،الذي يعنى بدراسة التاريخ الحديث والأحداث التي لا زال من الممكن استقصاء تصريحات الشهود والفاعلين الرئيسيين حولها ، لاقى صعوبات في إيجاد موطئ قدم له في الأوساط الجامعية في المغرب، كما هو الحال في مختلف البلدان.

وأوضح السيد بيضا أن منتقدي هذا التخصص يعزون ذلك لسببن اثنين، الأول يرتبط بعدم توفر الباحث في تاريخ الزمن الراهن على ب عد زمني كاف عن الأحداث يمكنه من تناولها بشكل موضوعي، فيما يهم الثاني ندرة الأرشيف الخاص بالفترات الحديثة مقارنة بالفترات البعيدة التي تتميز بأرشيفات وافرة.

واعتبر في هذا الصدد، أن البعد الزمني عن الأحداث لم يكن أبدا ضامنا للموضوعية، حيث أنه يمكن للباحث تناول فترات جد بعيدة من منظور رهانات ترتبط بواقعنا الراهن، موضحا أن توافر مجموعة من مصادر المعلومات التي يمكن أن تشكل بديلا للأرشيف الحالي، من قبيل الصحافة والمصادر الشفوية، وكل المعلومات المتاحة على الوسائط الرقمية يدحض أيضا حجة ندرة الأرشيف.

وقال إنه منذ إصدار القانون المتعلق بالأرشيف في سنة 2007 وإحداث مؤسسة أرشيف المملكة في سنة 2011، المخصصة حصريا للأرشيف، تم تحقيق العديد من الإنجازات بهدف جعل الأرشيفات في متناول الباحثين، ولاسيما المهتمين بتاريخ الزمن الراهن.

كما توقف عند دخول القانون المتعلق بحق الولوج إلى المعلومة حيز التنفيذ في 22 فبراير 2018 وانضمام المغرب في نفس السنة إلى مبادرة الشراكة من أجل حكومة منفتحة، وهو ما من شأنه تعزيز البحث الأكاديمي حول تاريخ الفترات الزمنية الحديثة.

وخلص السيد بيضا إلى أن تاريخ الزمن الراهن تمكن، أخيرا، من فرض مكانته في قسم التاريخ المغربي، وأن الوسط الأكاديمي المغربي، ولاسيما المؤرخون، مطالب ببذل مجهودات أكثر شجاعة والمطالبة بانفتاح أكبر لمصادر الأرشيف، مشيرا إلى أن مغرب اليوم ناضج بما فيه الكفاية من أجل تطور مماثل من شأنه تمكين المؤرخين من ممارسة هذه المهنة وفق قواعدها الفنية وعدم فسح المجال أمام ممارسات هدفها العبث بالتاريخ.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.