صعدت “إيمان ايت الحسين”، ذات 12 عاما، إلى حافلة حطت رحالها بمدرسة التفتح الفني والأدبي بوسط تنغير، واختارت كتابها المفضل وجلست على أريكة لكي تقرأ محتواه وتدون بعض الملاحظات وما استفادته من القراءة المتأنية.
حافلة “قافلة القراءة”، التي سلمتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للمديرية الإقليمية للتربية الوطنية بتنغير لكي تقوم مؤسسة التفتح الفني والأدبي بتدبير عملها، شكلت المكان المفضل لدى “إيمان” من أجل الاستفادة من الكتب الجديدة المتوفرة في رفوف القافلة.
هذه التلميذة لا تنتمي لهذه المؤسسة، بل تأتي من منطقة بعيدة بعد انتهاء فترة دراستها في ثانوية زايد اوحماد الإعدادية، لتملأ فراغ الوقت الثالث بما ينفعها معرفيا وأدبيا.
وتقول “إيمان”، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إن الحافلة مجهزة بالكراسي المناسبة وتضم العديد من الكتب المتنوعة من حيث المصدر واللغة ونوعيتها كالقصص المصورة والشعر.
واعتبرت هذه التلميذة، التي تدرس في المستوى الأول من التعليم الإعدادي، أنها تتطور معرفيا من خلال قراءة القصص التي تعرفها بما يجول حول العالم.
قصة “إيمان” مع الكتاب لم تبدأ مع القافلة، بل هي زكت شغفها بالقراءة والاطلاع على القصص المتوفرة في مكتبة مؤسستها التعليمية، في سياق العمل المنجز من قبل الأطر التربوية بتنغير لنشر فعل القراءة لدى الناشئة.
هذه التلميذة ليست وحدها المستفيدة من هذه القافلة المتنقلة للقراءة، حيث إن أغلب التلاميذ المسجلين في مؤسسة التفتح الفني والأدبي بتنغير زاروا القافلة التي حطت رحالها في فضاء مؤسستهم.
وقد بلغ عدد المستفيدين أكثر من 430 تلميذا وتلميذة، أي نحو 96 في المائة من عدد التلاميذ في هذه المؤسسة التعليمية البالغ عددهم 450 تلميذا وتلميذة، إذ يصل عدد الإناث إلى الثلثين.
بجانب هؤلاء المتعلمين تلاميذ آخرون قدموا من مؤسسات تربوية بالإقليم، أخذوا خبرا بوجود القافلة التي تواجدت في فضاء مدرسة التفتح الفني والأدبي لتقريب الكتب التعليمية والتثقيفية من أقرانهم الحاملين لفكرة تحدي القراءة.
ويأتي ذلك مع تعبير مؤسسات في مناطق قروية وجبلية بتنغير عن الرغبة في الاستفادة من هذه القافلة التي تستعد لزيارة مؤسسات تعليمية في مختلف المسالك التعليمية لتطرح نفسها كمكتبة متنقلة.
كما يعتزم المشرفون على القافلة ترتيب برنامج مواز لزياراتها، بتنظيم ورشات للموسيقى والفنون التشكيلية، وذلك على هامش اللقاء المستمر بتلاميذ المؤسسات التعليمية في العالم القروي والمناطق النائية.
ويؤكدون أن هذه المبادرة تهدف إلى “دعم مجالات القراءة العمومية وتقريب الكتاب من القارئ، وترسيخ ثقافة القراءة وإرساء مفهومها في صفوف المتعلمين والمتعلمات، وتجويد فعل القراءة لديهم، والمساهمة في إعادة الاعتبار للكتاب وتقريبه من القارئ”.
كما تتوخى المساعدة في محاربة الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات بالوسط القروي، والاضطلاع بدور هام في نشر وغرس حب القراءة في نفوس التلاميذ بالمناطق النائية، من خلال التحسيس والتعبئة بأهمية القراءة، وتنمية مجموعة من الكفايات والمهارات التواصلية والتعبيرية للتلاميذ المستفيدين”.
مدير مؤسسة التفتح الفني والأدبي بتنغير السيد حميد أنرغي، المعروف وطنيا وجهويا بشغفه الكبير بتعليم الأطفال كيفية اختيار الكتب، يعمل باستمرار على توجيه المستفيدين إلى الإصدارات الجديدة المناسبة لعمرهم، وطرق تلخيصها وإعداد ورقة خاصة بها يمكن أن تشكل محورا لعروض تقدم لتلاميذ آخرين للاستفادة مما علق في ذهنهم من معلومات.
وأبرز السيد أنرغي، في تصريح مماثل، أن هذه الطريقة تساعد في تعليم الطفل كيفية اختيار الكتاب وربط المعرفة بالعمر، وتعريفه بتقنيات التواصل المباشر والحوار مع أقرانه حول مواضيع وقضايا استوعب معناها بشكل جيد.
وشدد على أن “قافلة القراءة” تأتي في إطار الشراكة القائمة بين المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بتنغير والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالإقليم، بغية المساهمة في الإشعاع الثقافي على مستوى الإقليم ونشر الوعي القرائي في صفوف المتعلمين والمتعلمات.
وأشار إلى أنه سيتم تنظيم قوافل للقراءة تحل، على الخصوص، بالمناطق الجبلية التي لا تتوفر على المكتبات العمومية والخزانات، موضحا أنها من ضمن آليات تنزيل مشروع “تحدي القراءة العربي” لكونها تتوفر على مجموعة من القصص التربوية المتنوعة والمفيدة.
وخلص السيد حميد أنغري إلى أن فعل القراءة ينمي الوعي الثقافي لدى التلاميذ ويشجع المتعلمين على المطالعة الحرة المتأنية.
و م ع