أكد العلماء الأعضاء بمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، حرص المؤسسة على الدعوة إلى سبل الوحدة في افريقيا، ونهج الوسطية والاعتدال، ونبذ كل صيغ التشدد والتطرف والغلو، مجددين شكرهم وتقديرهم لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس رئيس المؤسسة على كل مجهوداته لضمان وحماية الثوابت الدينية في إفريقيا وجمع الشعوب الافريقية على الكلمة السواء.
جاء ذلك في كلمة باسم علماء المؤسسة ورؤساء فروعها وأعضائها تلاها يوم الأربعاء بأبيدجان الشيخ ندياو صالح رئيس فرع المؤسسة خلال أشغال الندوة الدولية التي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والمجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بكوت ديفوار حول موضوع: “الرسالة الخالدة للأديان”.
وأضاف الشيخ صالح ”إن هذه القارة العظيمة، قارة افريقيا، التي تزخر بخصوصيات مميزة وتنوع ثقافي ولغوي متعدد وتاريخ مجيد، تحتاج اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى ترسيخ الحوار العلمي البناء، باعتباره مدخلا للتقارب والتعاون ونبذ الخلاف والاختلاف، والاحتكام إلى الينابيع الدينية الصافية التي لم تكدر صفوها الأهواء والآفاق الضيقة وحظوظ النفس.
وأكد من جهة أخرى أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، تعمل وفق الإرشادات السديدة لرئيسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يحض على الحفاظ على الثوابت الدينية والانفتاح على الحضارات والأديان، والبحث عن سبل تنزيل روح الرسالة الخالدة للأديان المتجسدة في التواصل والتعارف ونبذ كل طريق تؤدي إلى الفرقة وتوسيع الاختلافات، مهتدين بهدي الوحي الذي ينص على تعزيز الأخوة الإنسانية وتكريم المخلوقات بتنوعها وتعدد مشارب علاقاتها بالوحي الإلهي.
وأضاف إننا اليوم، في ظل هذه التقلبات التي تعرفها افريقيا وباقي ربوع العالم، مدعوون، أكثر من أي وقت مضى، إلى بذل الجهود الحثيثة لتعزيز وتقوية جسور التفاهم والتواصل بين أهل الديانات، مع التركيز على القواسم المشتركة وهي كثيرة تجعلنا نقتنع بقوة بأن ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا، ولن يتأتى لنا ذلك إلا إذا قمنا بتفعيل آليات الحوار الديني وتجسيد معطياته ونتائجه، لأنه عبر الحوار الهادئ والهادف، سنتخطى كل الخلافات التي قد تظهر على السطح لأن الجوهر واحد والأعراض متعددة.
وشدد الشيخ صالح على أن الدور المحوري لمهمة نشر ثقافة الحوار بين الديانات منوط بالسادة العلماء والعالمات، فانخراطهم في إطار من المسؤولية وتحمل الأمانة ضروري من أجل إرساء دعائم حوار ديني بناء، فرسالة العلماء مستمدة من ميراث النبوة، والتوجيه النبوي يقرر أن “العلماء ورثة الأنبياء”، وهو تشريف يحمل تكليفا ثقيلا يستوجب من العلماء بذل مزيد من الجهد لجعل الحوار بين مختلف الطوائف الدينية متاحا بشكل دائم، ومنضبطا بقواعده ومقاصده المقررة، وذلك في أفق تعزيز القيم الدينية النبيلة مع التأكيد على أهمية الحفاظ على إنسانية الإنسان وكرامته.
وجدد في الختام التأكيد على أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ستظل تحت الرعاية السامية والقيادة النيرة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، وفية لمبادئها وأهدافها في سبيل خدمة علماء القارة وحماية القيم الدينية والإنسانية النبيلة في بعدها الافريقي.
يذكر أن حفل افتتاح هذه الندوة التي تختتم يوم غد الجمعة جرى بالخصوص بحضور الوزير الأمين العام لرئاسة جمهورية الكوت ديفوار عبد الرحمن سيسي، ووزير المصالحة الوطنية الإيفواري كواديو كونان بيرتين، وسفير المغرب في أبيدجان عبد المالك الكتاني والأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، محمد رفقي، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الأخرى.
ويتلخص الهدف من هذه الندوة في استدامة السلام بإفريقيا والكوت ديفوار من خلال الحوار بين الأديان، وضمان استمرارية أثر الرسالة الخالدة للأديان على السلم العالمي.
كما تهدف فتح سبل الإنصات وتبادل الرأي بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية في الكوت ديفوار وإفريقيا وإقرار إعلان أبيدجان للسلام بين مختلف الفاعلين الدينيين والاجتماعيين.
وتناقش الندوة خمس محاور هي الأسرة والمدرسة، والمجتمع المدني الإيفواري والإفريقي وأديان وتواصل ووعظ وتكوين الأطر الدينية وتحسيسها، والسلطات العمومية والفاعلون الدينيون في مواجهة ظاهرة التطرف الديني العنيف.
و م ع