تواصلت اليوم الخميس في أبيدجان أشغال اليوم الثاني من الندوة الدولية التي ينظمها المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بالكوت ديفوار ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في موضوع “الرسالة الخالدة للأديان“، بالدعوة لتوحيد الجهود وتقوية جسور التفاهم والتواصل بين الديانات .
وأكدت ورقة باسم علماء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أنه في ظل التقلبات التي تعرفها إفريقيا وباقي ربوع العالم، فإن العلماء مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى بذل الجهود الحثيثة لتعزيز وتقوية جسور التفاهم والتواصل بين أهل الديانات، مع التركيز على القواسم المشتركة وهي كثيرة تجعلنا نقتنع بقوة بأن ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا.
وأضافت الورقة أن ذلك لن يتأتى إلا إذا قمنا بتفعيل آليات الحوار الديني وتجسيد معطياته ونتائجه، لأنه عبر الحوار الهادئ والهادف، سنتخطى كل الخلافات التي قد تظهر على السطح لأن الجوهر واحد والأعراض متعددة.
وأكدت أن جوهر الأديان يحث بني البشر على التآخي والتعارف والتآزر، واستثمار المخزون الروحي في الإرث التشريعي لجميع الديانات والذي يتسامى بالنفس البشرية الى الانعتاق من حظوظ النفس والسعي الى الالتفاف حول كلمة سواء مصداقا لقوله تعالى: “قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم”.
كما تم التأكيد أنه أمام الأزمات العصيبة التي تمر بها عدد من دول القارة الإفريقية حاليا، لا يمكن للعلماء الأفارقة أن يظلوا بلا حراك ثابتين وخاملين، إذ بمقتضى الواجبات الدينية التي تقع على عاتقهم، ومسؤولية التفسير التي يضطلعون بها، يجب عليهم أن ينسقوا جهودهم من أجل إعادة الصورة الحقيقية في إفريقيا لإسلام التسامح والسلام والحفاظ دائما على السلام بين الأفارقة أنفسهم داخل مجتمعاتهم ثم العمل على حماية المجتمعات الإفريقية عن طريق تحذيرها من التهديدات والجرائم التي تستمر تحت غطاء ديني، وتهدد استقرار مجتمعاتهم.
يذكر أن هذه الندوة الدولية تشكل ملتقى كبيرا يجمع باحثين وخبراء مسلمين ومسيحيين من مختلف البلدان الإفريقية، بمشاركة أزيد من 600 مشارك من بينهم قيادات وشخصيات دينية وازنة، ورؤساء وأعضاء فروع المؤسسة ال 34.
وتناقش الندوة في محور ”الأسرة والمدرسة“ الدور الذي يمكن أن تضطلع به التربية الأسرية في بناء الهوية الدينية المنشودة القادرة على الانفتاح على الآخر وتقبله.
كما يتناول المحور دور المدرسة والمدرسين والبرامج التعليمية في إبراز العيش المشترك لمجتمع منفتح متعدد الأديان.
وفي ما يخص المحور الثاني “المجتمع المدني الإيفواري والإفريقي” فيعالج قدرة المجتمع المدني الإيفواري والإفريقي على صيانة التماسك بين مختلف الأديان والمعتقدات بهدف تشكيل تحالفات متينة وبرامج ضامنة للسلم الاجتماعي، وهو ما يفرضه التعدد الديني والثقافي في المجتمعات الإفريقية.
ويتطرق المحور الثالث “تكوين الأطر الدينية” الى كون الحقل الديني، في الكوت ديفوار، كما في كل البلدان الإفريقية يتسم بتعددية غنية تفضي حتما إلى تعدد المؤطرين والفاعلين في هذا المجال، وهو ما يستدعي التحاور والعمل سويا من أجل تجاوز الانتماءات والإنزواءات السلبية.
وهكذا يعالج المحور الثالث من الندوة قضية تكوين الأطر الدينية عبر سؤال: أي تكوين نريده للفاعلين والمؤطرين الدينيين في المجتمعات الإفريقية؟
أما المحور الرابع ”الأديان والتواصل والوعظ“ فيناقش دور الإعلام الديني بمختلف توجهاته ومشاربه في تعزيز قيم الحوار، وإشاعة ثقافة السلم وتقبل الآخر، كما يسائل قدرته في صياغة وإعداد ونشر مادة إعلامية تحث على التسامح والتضامن والعيش المشترك.
وبخصوص المحور الخامس ”السلطات العمومية والفاعلون الدينيون في مواجهة ظاهرة التطرف الديني العنيف“ فيتناول أسباب ونتائج ظاهرة انتشار التطرف الديني الذي يتبنى العنف في التعبير عن وجوده الظاهرة، ووجهات نظر الفاعلين الدينيين المسلمين والمسيحيين حول المشكلة من أجل تقريب الرؤى حول الحلول الناجعة للحد من انتشار الظاهرة.
و م ع