أثار إغلاق صحيفة “ليبرتي” اليومية الناطقة بالفرنسية، بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الوجود ، استياء شديدا في الجزائر، حيث وصفت منظمات غير حكومية وصحفيون هذا القرار ب”كارثة إعلامية حقيقية”.
وإذا كانت الأسباب الرسمية المعلنة وراء حل هذه الصحيفة ذات طابع اقتصادي، فإن العاملين بها مقتنعون بأن “ليبرتي” أغلقت لأسباب سياسية بحتة.
وهكذا، اعتبر العديد من المراقبين الدعوة الى جمع عام، الأربعاء، للإعلان عن إغلاق الصحيفة محاولة للتقرب من السلطة من خلال التخلص من وسيلة إعلام أضحت مزعجة.
وبالنسبة لكاتب افتتاحية الصحيفة ، فإن الأمر يتعلق ب”كارثة إعلامية حقيقية لم يخطر ببال أحد أن تقع بعد ثلاثين عاما من النضال والوجود”.
وقال “من يعتقدون أننا صحيفة مزعجة وتستحق الموت، يمكنهم أن يتحملونا أسبوعا واحدا قصيرا، و بعد ذلك يمكنهم النوم بسلام. لكن ليعلموا أن الجزائر لا يمكن أن تكون سعيدة بهذه النهاية. لأن اختفاء صحيفة يتبعه، في الغالب ، ولادة مارد “.
من جهتهم عبر صحفيو وعمال “ليبرتي” عن استغرابهم لقرار غلق الصحيفة، بعد ثلاثة عقود من الصدور، بدعوى أنها تواجه صعوبات مالية.
وقالوا في بيان “لقد علمنا باستغراب شديد أن المساهم الأساسي في الشركة الناشرة للصحيفة قد اتخذ قرارا بإغلاقها”، مشيرين الى أن ” هذا القرار غير المتوقع، يأتي في وقت بدأت فيه الصحيفة سلسلة إجراءات تهدف إلى إصلاح الوضع الاقتصادي للشركة”.
من جهتها أعربت صحيفة “تو سور لالجيري” عن استيائها من اختفاء صحيفة “ليبرتي” التي انطلقت في يونيو 1992 ، والتي تعكس بجلاء الصعوبات التي تواجه الصحافة في الجزائر.
وقالت إن وسائل الإعلام تواجه العديد من المشاكل التي تهدد بقاء العديد منها، كالأزمة الاقتصادية ، ونضوب الإعلانات الخصوصية، ومراقبة الدولة على الإعلانات العمومية، و النموذج الاقتصادي المتجاوز و الضغوط السياسية.
وينضاف الى كل هذا، تسجل الصحيفة، المتابعات القضائية ضد العديد من الصحفيين ، الذين أدين وسجن بعضهم، مشيرة الى أن هذه العوامل تضعف، بشكل كبير، الصحافة الخاصة، وتجعل الممارسة الصحفية صعبة .
وفي هذا الإطار، أكد نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ، سعيد صالحي ، أن الصحيفة ” تدفع، اليوم، ثمن خطها التحريري “.
وقال في بلاغ “أما نحن المناضلون ، وفي هذه اللحظات العصيبة ، الشهود، العاجزون، على هذا الهجوم المتكرر من وراء الظهر، وضد إنجازاتنا ، فنحن مصدومون ، ولم يتبق لنا سوى الاستنكار”.
وبعد أن ندد ب”سلطة تكبح حرية التعبير والرأي” ، أشار إلى أن مالك “ليبرتي” اختار، كحليف موضوعي للنظام في مهمته المتمثلة في خنق الأصوات المعارضة والصحافة الحرة ، أن ينسحب من التاريخ، بل هو الآن أضحى جزء من الماضي.
وفي تعليقه على الموضوع، وصف رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس ، قرار أسعد ربراب بغلق ” ليبرتي” بأنه ” قربان للنظام لحمله على التراجع عن عدد معين من الإجراءات الاقتصادية الملزمة لمجمعه (سيفيتال)”
وبعد أن عبر عن تضامنه المطلق مع صحافيي ” ليبيرتي”، كتب على صفحته الفايسبوكية ” قرار أسعد ربراب بغلق جريدة (ليبرتي) “هو بمثابة قربان للنظام لحمله على التراجع عن قرار منع تصدير المنتوجات التي يستورد البلد موادها الأولية”.
من جانبهم ، عبر ثلثة من المثقفين والأكاديميين والباحثين والفنانين الجزائريين ، عن “قلقهم” على مصير الصحيفة، مشددين على تشبثهم العميق بالتعددية الإعلامية ، مؤكدين تأثرهم بمخاطر اختفاء صحيفة تعبر عن الصوت الجمعي الجزائري.
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.