احتضنت رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، اليوم الثلاثاء، حفل تأبين لروح المؤرخ المغربي، إبراهيم بوطالب، في الذكرى الأربعينية لوفاته، عرفانا بالمكانة التي احتلها في الحقل العلمي الوطني قيد حياته.
وشهد هذا الحفل، الذي نظم بشراكة مع الجمعية المغربية للبحث التاريخي، وشعبة التاريخ بالكلية، ومجلة هيسبريس تامودا، حضور أفراد من عائلة الفقيد، وأسماء مثل أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإدريس اليازمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج.
وفي كلمته بالمناسبة، أبرز عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جمال الدين الهاني، المكانة المهمة للفقيد بوطالب في تأسيس الجامعة المغربية في الفترة التي عقبت الاستقلال، وكذا عطائه العلمي في مجال البحث التاريخي والإنساني بالمغرب.
كما أشار جمال الدين الهاني إلى أن الراحل إبراهيم بوطالب، الذي كان ابن عائلة وطنية، كان له من التكوين العلمي والبيداغوجي والتاريخي ما خول له إصدار كتاب “تاريخ المغرب” سنة 1967، رفقة مجموعة من الأساتذة، والتي كانت أول محاولة لكتابة تاريخ المغرب بعد الحصول على الاستقلال.
من جهتها، أبرزت رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، لطيفة الكندوز، أن الراحل يعد هرما من أهرام علم التاريخ بالمغرب، نظرا لتميزه بالعطاء العلمي الكبير.
وقالت الكندوز إن الراحل حمل أمانة البحث التاريخي في المملكة، حيث كان من المؤسسين الأوائل للجمعية المغربية للبحث التاريخي رفقة المفكر عبد الله العروي.
وأضافت أن فترة ترؤس الراحل للجمعية (1991 ـ 2001) شهدت حركة نشيطة في النشر، مشيرة إلى أنه كان يشجع انضمام الطاقات الشابة المهتمة بالمجال التاريخي إلى الجمعية، وكذا تنظيم لقاءات لتكريم الأساتذة المؤرخين.
من جهته، قال مدير مؤسسة أرشيف المغرب، جامع بيضا، إن الراحل بوطالب كان يزاوج بين النضال السياسي والنضال التربوي العلمي، مذكرا في هذا الصدد بمرافعات الراحل حول قضية الصحراء المغربية.
وأضاف بيضا في كلمته “أننا كمغاربة رزئنا جميعا في فقدان الأستاذ المؤرخ الكبير إبراهيم بوطالب”.
أما المنسق العلمي لمجلة هسبريس تمودا، خالد بن الصغير، فاعتبر أن الراحل إبراهيم بوطالب كان بمثابة الأستاذ والأب في حد سواء، منوعات بخصاله المهنية والشخصية .
كما أبرز الإضافات التي أضفاها الراحل على مجلة هسبريس تمودا، عندما أشرف على رئاسة تحريرها على غرار تبني اللغة العربية في منشورات المجلة، وكذا فسح المجال أمام الطلبة الباحثين لنشر بحوثهم ومقالاتهم، إضافة إلى التوجه إلى الإنتاج الأدبي الدولي، لإعطاء المجلة زخما دوليا.
وبدوره، قال رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب بالرباط، عبد العزيز الطاهري، إن المسار المهني للراحل إبراهيم بوطالب تأثر كثيرا بوالده عبد العزيز بوطالب، الذي استشهد أثناء إحدى المظاهرات المطالبة بالاستقلال سنة 1944، عندما كان إبراهيم في سن السابعة من العمر، وهو ما جره إلى دراسة التاريخ ودخول غمرة النضال الوطني في حزب الاتحاد الاشتراكي.
ويعد الراحل إبراهيم بوطالب، المزداد بمدينة فاس عام 1937، من كبار رواد الكتابة التاريخية في المغرب، حيث عمل أستاذا للتاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس منذ سنة 1964، قبل أن ينضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1976. كما تقلد منصب عميد كيلة الآداب بالرباط، ورئيس جمعية الترجمة والنشر “موسوعة المغرب” سنة 2003.
وقد توفي المؤرخ المغربي الراحل في مدينة الدار البيضاء، عن عمر ناهز 85 سنة، وذلك إثر أزمة صحية ألمت به، تاركا العديد من المؤلفات باللغة الفرنسية والعربية، نذكر منها “تاريخ المغرب”، و”بين القومية العربية والجامعة الإسلامية”، و”سبتة ومليلية: تاريخ ووقائع”، و”تاريخ المغرب الحديث والمعاصر”، و”وقفات في تاريخ المغرب”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.