منطقة تغازوت .. وجهة سياحية جامعة بين الطبيعة والثقافة

قبل 3 سنوات

أصبح السفر في حقبة ما بعد كوفيد أمرا حيويا. فبالنسبة للبعض، مجرد التنقل بحرية من جديد هو مصدر للمتعة. أما البعض الآخر فيبحث عن متعة تجمع بين الطبيعة ومصارد الغنى الثقافي.

فبعد فترة من القيود الصارمة على السفر التي فرضها انتشار فيروس كورونا، أصبح الهوس ب”حياة أفضل” مكمح الكثيرين ممن يتحمسون لاستكشاف وجهات أصيلة جديدة وغنية بتراث البلاد.

هذا هو الحال بالنسبة لتغازوت، الواقعة على الساحل الأطلسي على بعد بضعة كيلومترات من أكادير وتشتهر بشواطئها الرائقة. يحظى المكان بتقدير ليس فقط محترفي وهواة ركوب الأمواج، بل أيضا من قبل هواة السياحة الثقافية، لإمكانياتها التي لم تكتشف بعد، والتي تستحق كامل التقدير.

تطل تغازوت على جبال آيت بيهي، التي لا يكسر هدوءها إلا زقزقة الطيور. ويفصلها عن بلدة أورير القروية مجرى مائي مهيب، يمتد على قنطرة وادي تمراغت.

تحتضن هذه البلدة الصغيرة المركز الثقافي (باب تغازوت)، وهو موقع ثقافي جديد في بيئة قروية بهندسة معمارية رصينة، مفتوح للزوار من تغازوت ولكن أيضا من أكادير والمناطق المحيطة بها.

ويزين (باب تاغازوت) هذا، الحافل بالمنحوتات واللوحات والزليج والفخار والزرابي والديكورات الأمازيغية، بالإضافة إلى منتجات التجميل الشهيرة المستخرجة من زيت أرغان، مدخل كبير يعكس الجمال الصافي والتفرد المعماري لمنطقة سوس.

وتعد زيارة باب تغازوت بمثابة انغماس في طريقة الحياة الأمازيغية، التي تعد مكونا رئيسيا للثقافة القديمة والغنية للمغرب، والتي تجذب السكان المحليين والأجانب على حد سواء. وبدافع الرغبة في عيش تجربة سفر أصيلة وغريبة، يختارون هذا الجزء من المملكة لقضاء عطلهم، مساهمين، هكذا، في إعادة تنشيط النشاط السياحي والحفاظ على التراث المحلي.

إنه حال مارتين ميمس، القادمة من باريس التي قررت أن تأخذ زمام المبادرة وتفتح متجرين في مركز باب تغازوت. الأول متخصص في صنع المجوهرات من الصدف واللؤلؤ الطبيعي، التي يتم جمعها من شواطئ المنطقة، في كل من تغازوت وإيموران، بينما يقدم المتجر الثاني مجموعة متنوعة من أنواع الشاي للتذوق والبيع.

وتقول السيدة ميماس في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء: “استقررنا في المغرب لمدة أربع سنوات، وافتتحت أنا وزوجي متجرنا الأول للمنتجات اليدوية في دجنبر من عام 2021”.

وتضيف قائلة: “يهدف هذا المشروع إلى تعزيز المعرفة الفنية لمنطقة سوس، وقد تم تطويره بالتعاون مع الحرفيين المحليين وكذلك مع تعاونية نسائية لتصنيع العديد من المنتجات مثل الحقائب الصغيرة وأكياس الشاطئ والأحذية”.

وبخصوص التغيير في صنف السياحة التي تستقبلها تغازوت، ترى هذه المتقاعدة أنه مع جائحة “كوفيد-19″، تغيرت العادات السياحية، مما يدعو إلى إعادة اكتشاف التاريخ والثروة الطبيعية والثقافية للمغرب.

وتقول “مع بداية الوباء، تغيرت عادات المسافرين لتولي اهتماما أكبر بالمنتجات الغنية المستوحاة من الخبرة المغربية”.

بالنسبة للسيدة ميماس، تمكنت تغازوت من الحفاظ على سحرها وتفردها، وبالتالي التميز عن الوجهات المنافسة التي تتنافس بمزاياها وعروضها لجذب الزبائن الميسورين.

وبنفس الروح، يقول سهاد مكار، طالب تركي مقيم في دبلن، إن أصالة تغازوت وسمعتها كوجهة عالمية لركوب الأمواج واليوغا دفعاه إلى اختيار المغرب لأول وجهة بعد جائحة كوفيد.

ويضيف في تصريح مماثل “لقد أسرني جمال الطبيعة المحيطة ولا سيما ثقافة الطبخ في منطقة سوس”.

وبعيدا عن السياحة الجماعية، تعد تغازوت أيضا واجهة لمنتج سياحي جديد أكثر استدامة وأكثر ملاءمة للتحديات البيئية والاقتصادية والجيوسياسية الحالية.

وإذا كانت السياحة الثقافية في تغازوت تنطلق تدريجيا، فإن وجهات أخرى تنتظر من يكتشفها والترويج لها على الصعيدين الوطني والدولي. وهناك حاجة لتكثيف المناسبات الفنية والمتاحف والبنى التحتية الثقافية الأخرى، للاحتفال بالتراث المحلي وتعزيزه لكل منطقة من مناطق المغرب، وذلك لوضع الثقافة في خدمة الانتعاش السياحي الذي طال انتظاره.

و م ع