يشكل الوضوح والاحترام المتبادل ركيزتين جوهريتين في المقاربة الدبلوماسية التي تنتهجها وتنفذها المملكة، خلف قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. إنها عقيدة ملكية تجد تجسيدها في العهد الجديد من العلاقات القائمة بين المغرب وألمانيا، وتؤكد الاحترام الكامل لثوابت وخصوصيات البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين ويسهم في تحقيق الأمن، الاستقرار والازدهار داخل الفضاء الأورو-متوسطي.
فخلف القيادة الملكية، تسود روح جديدة تتيح تجويد العلاقات القائمة بين البلدين، من خلال تعاون طويل متعدد الأوجه، ومع عزم مشترك على إضفاء زخم متجدد على شراكتهما الشاملة، بروح من التناغم والاحترام المتبادل.
فقد جاء تبادل الرسائل بين رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ليؤكد على المصلحة المشتركة في إبرام شراكة جديدة بين البلدين.
وتأتي الدينامية الجديدة التي انطلقت بين البلدين، في أعقاب الرسالة التي وجهها رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، السيد فرانك فالتر شتاينماير، إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي رحب فيها رئيس الدولة الألمانية بـ “الإصلاحات الواسعة” التي تم القيام بها تحت قيادة جلالة الملك، معتبرا مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء “أساسا جيدا” لتسوية قضية الصحراء المغربية، مع التعبير عن “امتنانه للانخراط الفعال لصاحب الجلالة من أجل عملية السلام بليبيا”.
وفي هذه الرسالة، أكد السيد شتاينماير أن “المغرب قام تحت قيادة جلالة الملك بإصلاحات واسعة”، مذكرا بـ “دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الرائع للمغرب”.
وأضاف الرئيس الألماني “أثمن عاليا مبادراتكم المبتكرة في مكافحة التغير المناخي وفي مجال التحول الطاقي”، مبرزا أنه “بفضل التطور الديناميكي لبلدكم، أصبح المغرب موقعا مهما للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية بإفريقيا”.
كما لم يتوان الرئيس الألماني عن إبراز الدور المهم للمملكة على المستوى الإقليمي. وأكد الرئيس شتاينماير “إنني أحيي المساهمة الكبيرة لبلدكم في الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة”.
هكذا، تم تجسيد الاهتمام المشترك لكل الرباط وبرلين حيال تكثيف التعاون الثنائي، مرة أخرى، في مجالات التنمية الاقتصادية والتشغيل، والتنمية المستدامة، والمناخ، والطاقات المتجددة والمياه، على أعلى مستوى.
ويؤكد البلدان اهتمامهما المتبادل الكبير بنسج علاقات وثيقة وودية، ويتفقان بالتالي على بدء حوار جديد من أجل تعميق علاقاتهما الثنائية متعددة الأوجه.
واقتناعا منهما بأهمية إمكاناتهما الكبرى، جددت الرباط وبرلين تأكيدهما على الرغبة المشتركة في إعطاء دفعة قوية إضافية لعلاقتهما، فيما يتعلق بتحديات ومتطلبات التعافي لمرحلة ما بعد الكوفيد.
ويتمثل الهدف من ذلك في بلورة رؤية مشتركة للأولويات والإمكانيات الملائمة لتنفيذ التعاون التنموي خلال السنوات المقبلة، سعيا إلى تعميق الحوار والتعاون والمساهمة بجهد مشترك في تدبير التحديات الإقليمية والعالمية المستقبلية.
وفي سياق التعاون التنموي، يتعلق الأمر على الخصوص، باستعادة زخم النموذج التنموي الجديد، مع العمل في ذات الآن على تعزيز الانتعاش الاقتصادي لمرحلة ما بعد جائحة “كوفيد-19”.
وفي هذا الصدد، أعربت الحكومة الفيدرالية الألمانية عن عزمها العمل، أكثر من أي وقت مضى، على دعم الانتقال نحو الطاقات المتجددة بالمغرب في القطاعات المستقبلية، من قبيل تطوير اقتصاد للهيدروجين الأخضر.
وتحقيقا لهذه الغاية، سيوظف التعاون التنموي الثنائي مجموع الآليات والمداخل، عبر إشراك جميع الفاعلين، كما سيسهم في تعزيز العلاقة الإستراتيجية، متعددة الأبعاد والمتميزة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
وعلى هذا الأساس، وبمعايير واضحة ودقيقة، قرر المغرب وألمانيا فتح صفحة جديدة في شراكتهما واستكشاف المستقبل بكل تفاؤل، تناغم، احترام متبادل وطموح.
و م ع