نظمت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، اليوم الخميس بالرشيدية، الندوة المجالية لجهة درعة تافيلالت حول “توجهات السياسة العامة لإعداد التراب”.
وتأتي هذه الندوة، المنظمة بشراكة مع ولاية جهة درعة تافيلالت ومجلس الجهة، في إطار استكمال ورش الحوار المجالي الخاص بإنجاز توجهات السياسة العامة لإعداد التراب، حيث شكلت مناسبة للتفكير الجماعي والبناء المشترك للتوجهات الكبرى والأولويات والخيارات الاستراتيجية للدولة على صعيد مختلف المستويات الترابية.
وهدفت الندوة، التي تأتي من أجل تعزيز تكامل وإلتقائية التدخلات العمومية وضمان التماسك المجالي بين مختلف جهات المملكة، إلى التأطير المستقبلي لمختلف وثائق التخطيط والتنمية الترابية الجهوية.
وتم التداول خلال اللقاء، الذي حضره عمال أقاليم ميدلت وتنغير وورزازات، وبرلمانيين، وممثلي الهيئات المنتخبة، والغرف المهنية، والمؤسسات الجامعية، والمصالح الخارجية، وفعاليات من المجتمع المدني، حول الآفاق المستقبلية ورهانات التنمية بالجهة، بغية إبراز مميزاتها ومسارها التنموي، مع الحرص على انسجامه مع الخيارات الأساسية للنموذج التنموي الجديد.
وبالمناسبة، أشاد والي جهة درعة تافيلالت وعامل إقليم الرشيدية، السيد يحضيه بوشعاب، بالمقاربة الأفقية لهذا الحوار المجالي الجهوي لإعداد وثيقة هامة ستنبني عليها السياسات العامة والسياسات المحلية في أفق سنة 2050.
وذكر بكون الندوة تتبنى توجيهات وتعرف تنظيم ورشات بمشاركة جميع المعنيين الذين يقدمون مقترحات السكان والهيآت التي يمثلونها، مضيفا أن الجهة تتميز بتاريخها وبساكنتها النشيطة والمستميتة في الإبقاء على الحياة في الواحة الكبيرة لدرعة تافيلالت.
وأكد أن الجهة تتميز أيضا بمناخ جعل منها رائدة في العالم في مجال الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية بورزازات وميدلت وأرفود)، وكذا الطاقة الريحية، موضحا أنها تتوفر على قطب سينمائي عالمي، وهي بوابة قريبة من السوق الافريقية، مما يمنحها رصيدا هاما للإقلاع الاقتصادي.
وشدد السيد الوالي على أنه توجد بالجهة واحات تنشط بالفلاحة الطبيعية، وهي الأولى وطنيا في إنتاج التفاح (إقليم ميدلت) وفي إنتاج التمور، وتضم قصورا وقصبات تشكل رصيدا هاما سيعتمد عليه في المقاربة الإسكانية، داعيا إلى الأخذ بعين الاعتبار كل هذه المعطيات في إعداد التراب.
من جهته، قال رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت، السيد اهرو أبرو، أن هذه المشاورات تعد مناسبة ثمينة لرسم معالم رؤية استشرافية لما يجب أن يكون عليه وطننا بصفة عامة وجهة درعة تافيلالت في أفق سنة 2050.
وذكر السيد اهرو بإعداد مجلس الجهة للبرنامج الجهوي للتنمية، مشيرا إلى أنه منكب حاليا على إعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب في أفق اعتماده عما قريب، والذي سيرسم معالم رؤية تنموية استشرافية.
وأوضح أن هذا التصميم يرتكز على محاور تهم، على الخصوص، الولوج إلى الخدمات الصحية والتطبيقية وخلق مستشفى جامعي ودعم المؤسسات الاستشفائية بالتجهيزات والأطر الطبية والتمريضية الضرورية، والمحافظة على المنظومة الطبيعية للواحات وتثمين التراث المرتبط بالقصور والقصبات والخطارات.
كما يتعلق الأمر، يضيف السيد اهرو، بالمحافظة على الموارد المائية السطحية والجوفية وترشيد استعمالها، وتثمين الرأسمال المادي واللامادي والمحافظة على الموروث الثقافي والتاريخي.
من جانبها، أكدت السيدة لطيفة النحناحي، مديرة إعداد التراب الوطني بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن لقاء اليوم يضع لبنة أخرى للتشاور حول رؤية متجددة لإعداد التراب، في أفق بلورة توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني تستوعب الرهانات، وتجيب عن التساؤلات المطروحة، وتضع إطارا توجيهيا لصياغة سياسات عمومية داعمة للمجال، باحترام خصوصياته، واستيعاب حساسياته، وتثمين مقدراته.
وذكرت بأن سياسة الدولة في ميدان إعداد التراب هي نتيجة لمسار جماعي ارتكز على عدة تراكمات، مضيفة أنه منذ تربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أجداده الميامين، تمت المراجعة الجذرية للمقاربة المعتمدة في مجال إعداد التراب الوطني عبر طرحها للحوار، مما مكن من تبني مشروعي التصميم والميثاق الوطنيين لإعداد التراب اللذان يعتبران إطارين توجيهيين يحددان التقائية السياسات العمومية ضمن رؤية شمولية لمجموع المجال، بهدف تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، تضع الإنسان في جوهر اهتماماتها وأهدافها.
واعتبرت أن تقييم التصميم الوطني لإعداد التراب أبرز، بعد مرور حوالي 20 سنة، أن هذا الأخير شكل إطارا مرجعيا ساهم في توجيه القرار العمومي، إلا أنه أصبح من الضروري بلورة مرجع استشرافي جديد يروم إنجاز توجهات السياسة العامة لإعداد التراب، على ضوء التوجهات الملكية السامية التي دعت إلى بلورة رؤية مشتركة حول منظومة مندمجة لإعداد التراب، وذلك بمناسبة المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية المنعقد في دجنبر 2017.
وشددت على أن سياسة إعداد التراب الوطني، في منظورها المتجدد والطموح، ترتكز على مبادئ الاستدامة والشمولية، والفعالية والإنصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية، وتسعى لتحسين أداء الفاعلين في حقل التنمية وتنسيق تدخلاتهم.
وذكرت بأن الوزارة بادرت، في هذا الإطار، منذ يونيو 2021، إلى إعطاء الانطلاقة لإنجاز الرؤية الاستشرافية 2050، وإعداد التوجهات العامة في إطار حوار مجالي، من خلال تنظيم 12 ندوة جهوية، بتنسيق مع الولاة ورؤساء المجالس الجهوية.
وأضافت أن الندوة المجالية حول توجهات السياسة العامة لإعداد التراب تسعى إلى تأكيد المكانة المتفردة والاستراتيجية لجهة درعة تافيلالت، التي تتوفر على إمكانيات مهمة تكمن في عمقها التاريخي باعتبارها ملتقى طرق القوافل القديمة، وأرض الحضارات التي انطلقت منها الدولة العلوية الشريفة، مما ميزها بتراث معماري فريد من نوعه يتجلى في القصور والقصبات والعديد من المآثر التاريخية التي مكنت الجهة من تعزيز تموقعها في مجالات السياحة والسينما، وكذا تنوع مقوماتها الطبيعية، ورأسمالها البشري الاستثنائي.
واعتبرت أن التغير المناخي سيلقي بثقله على مستقبل المغرب بصفة عامة، وعلى جهة درعة تافيلالت بصفة خاصة، لكون النظم البيئية والتنوع البيولوجي تتأثر بانخفاض معدلات التساقطات المطرية وبانجراف التربة والترمل والتصحر، مما يؤدي إلى تدهور المساحات القابلة للزراعة والرعي بالواحات، مستحضرة تجربة برنامج واحات تافيلالت الذي كان ثمرة شراكة بين الوزارة ومجموعة من الفاعلين المحليين والدوليين، لإرساء نموذج تنموي شامل ودامج ومستدام.
وقدم الأستاذ الجامعي محمد الغالي، عرضا حول منهجية وخلاصات التشخيص الاستراتيجي والتوجهات الأولية لسياسة المدينة، إذ تطرق إلى محاور تهم، على الخصوص، أهداف السياسة الخاصة لإعداد التراب.
كما استعرض الأستاذ الغالي التوجهات الكبرى لإعداد التراب الوطني ومرتكزاتها ومراجعها، مع استحضار دلالاتها واستشراف تصوراتها المستقبلية في ارتباط مع مسار التنمية الجهوية.
من جانبه، تطرق السيد محمد الزراق، المفتش الجهوي للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب بجهة درعة تافيلالت، إلى المؤهلات الطبيعية والمناخية والديمغرافية للجهة.
وأشار السيد الزراق إلى مختلف المرتكزات الاقتصادية للجهة والتي تبرز في المجالات الفلاحية والتجارية والصناعة السينمائية، وكذا في القطاع السياحي.
وعرف اللقاء تنظيم ورشات عمل ناقشت سبل تحقيق تنمية مجالية مستدامة ومتوازنة بناء على تعددية الأقطاب الحضرية من جهة، وإرساء قطبية حول المراكز القروية الناشئة من أجل خلق دينامية تنموية بالمجالات القروية التابعة للجهة.
وطرحت أفكار تتعلق بضمان تنمية مرنة للواحات ارتكازا على رهانين أساسيين يتمثلان في تعزيز القدرة على المرونة والتكيف مع ضعف الموارد، وبناء نموذج للحكامة الترابية خاص بالمناطق الواحية.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.