أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، السيدة ليلى بنعلي، اليوم الاثنين بفيينا، أن المغرب ملتزم التزاما كاملا بدعم الدور المركزي للوكالة الدولية للطاقة الذرية في المساعدة التقنية المقدمة للدول الأعضاء، وكذا في التعاون الثلاثي مع إفريقيا.
وأوضحت السيدة بنعلي، في مداخلة لها عن بعد بمناسبة الدورة الـ 66 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن “إفريقيا، والعمل من أجل القارة الإفريقية، تظل أولوية استراتيجية بالنسبة للمغرب، وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تطوير التعاون جنوب- جنوب والتعاون الثلاثي التضامني والفعال”.
وأشارت إلى أنه في إطار التزام المغرب المستمر بدعم أنشطة تعزيز القدرات في إفريقيا، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل تعزيز التعاون في مكافحة السرطان والأمراض الحيوانية المنشأ، من قبيل كوفيد-19 أو زيكا أو إيبولا في إفريقيا.
وتم التوقيع على هذه المذكرة خلال الزيارة التي قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المغرب في يونيو، وستسمح، في إطار مبادرة “شعاع الأمل” للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتعزيز مساهمات المغرب في إنشاء مراكز إقليمية لمعالجة نقص الرعاية ضد السرطان، لاسيما في إفريقيا، حيث لا يحصل أكثر من 70 في المائة من السكان على العلاج الإشعاعي، وهو أداة أساسية في علاج السرطان.
وأضافت أنه في إطار ديناميكية الشراكة الثنائية والثلاثية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يرحب المغرب باختيار المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية في يناير 2021 كأول مركز متعاون مع الوكالة الدولية في القارة الإفريقية لاستخدام التقنيات النووية في مجالات إدارة الموارد المائية وحماية البيئة والتطبيقات الصناعية، للفترة الممتدة من 2021 إلى 2025.
كما نوهت السيدة بنعلي باختيار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم 16 يوليوز 2021، الوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي، كأول مركز تعاوني إفريقي لبناء القدرات في مجال الأمن النووي.
واعتبرت أنه “من خلال هذا الاعتراف المزدوج، ستواصل هاتان المؤسستان تعاونهما مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل زيادة توطيد التعاون التقني في الاستخدام السلمي للطاقة النووية بين المغرب والوكالة، وتعزيز التعاون الثلاثي لصالح البلدان النامية، ولاسيما الدول الإفريقية”.
هكذا، جددت الوزيرة دعم المملكة للجهود التي تبذلها الوكالة في تطوير الطاقة النووية وتقنياتها للأغراض السلمية، مسجلة أن أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية تستجيب بشكل جيد لهذه الرؤية بفضل الإرادة السياسية للدول الأعضاء والمساعدة التقنية للوكالة من خلال برنامجها للتعاون التقني.
ومن هذا المنطلق، عمل المغرب، الذي ترأس قبل سنتين في شخص السيد عز الدين فرحان، السفير الممثل الدائم لدى المنظمات الدولية بفيينا، الدورة الـ 64 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على إدخال أهمية استخدام التطبيقات النووية وتطوير العلاج الإشعاعي في مكافحة السرطان، من خلال تنظيم ندوة رفيعة المستوى لأول مرة، مع المدير العام للوكالة، حول “دور التقنيات النووية في مكافحة سرطان عنق الرحم في إفريقيا: الخبرات السابقة وآفاق المستقبل”.
وأشارت السيدة بنعلي إلى أن الدورة الرابعة والستين للمؤتمر رحبت بخلاصات هذا اللقاء، والتي أكدت على أهمية زيادة الوعي بمشكلة سرطان عنق الرحم في إفريقيا، وضرورة تبادل أفضل الممارسات وإنشاء آليات تعزيز التآزر والديناميكيات والتكامل بين جميع الفاعلين في مكافحة السرطان.
وأضافت أنه لهذا السبب يدعم المغرب بنشاط مبادرة “شعاع الأمل”، التي أطلقها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في أديس أبابا، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسرطان، على هامش القمة الـ 35 للاتحاد الإفريقي، وبهدف ضمان رعاية مرضى السرطان للجميع وتخفيف النقص في العلاج الإشعاعي في الدول النامية وخاصة في إفريقيا.
علاوة على ذلك، أشادت السيدة بنعلي بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه منذ تنفيذ مبادرة “مشروع العمل المتكامل للأمراض الحيوانية المنشأ” (زودياك)، التي تم اعتمادها خلال رئاسة المغرب للدورة الـ 64 للمؤتمر عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي هذا الصدد، قالت الوزيرة “إن بلدي، الذي دعم تنفيذ مشروع (زودياك) ومبادرة (شعاع الأمل)، يدعو الدول الأعضاء إلى مواصلة دعم المبادرات المهيكلة للوكالة، مثل مشروع +تجديد مختبرات التطبيقات النووية+ (ReNuAL)، الذي يهدف إلى تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقدرات اللازمة لتلبية الاحتياجات الوطنية، وبالتالي المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وتابعت الوزيرة أن المغرب، الذي ساهم ماليا في تنفيذ مشروع “زودياك”، يحرص بهذه المناسبة، على تجديد تقديره لهذه المبادرة المبتكرة التي تروم إنشاء إطار عالمي كامل، متعدد القطاعات والتخصصات لمكافحة الأمراض الحيوانية المنشأ على الصعيد العالمي.
وأضافت المسؤولة أن الأمر نفسه ينطبق على مشروع تجديد مختبرات العلوم والتطبيقات النووية لسايبيرسدورف (رينوال ورينوال+)، الضروري من أجل تعزيز تكوين البلدان النامية في العلوم والتطبيقات النووية.
من جهة أخرى، لفتت السيدة بنعلي إلى أنه بفضل دعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طور المغرب خبرته الوطنية في مجالات الصحة، والطب النووي والفيزياء الطبية، والتغذية، والمياه، والفلاحة، والصناعة، والبيئة، والتعليم والتكوين، وأيضا السلامة والأمن، وكذا الضمانات النووية، وبشكل عام في تعزيز الاستخدام السلمي للتطبيقات والتكنولوجيات على نحو آمن ومستدام.
وعلى المستوى الأكاديمي -تضيف الوزيرة – نظم المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، بتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنية، هذا العام، تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتفاق التعاوني الإقليمي الإفريقي للبحث والتنمية والتدريب في مجال العلم والتكنولوجيا النوويين (أفرا)، الدورة الحادية عشرة للتكوين العالي حول السلامة الإشعاعية والتحكم في مصادر الإشعاع المؤين، وذلك لفائدة مهنيين قادمين من نحو عشرين بلدا إفريقيا فرونكفونيا.
وبحسب المسؤولة، في هذا السياق، وبالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية و(أفرا)، وبتوجيه من المؤسسات الإفريقية المعنية من حوالي ثلاثين دولة أنغلوفونية وفرونكفونية، يضمن المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، كل عام، تأمين مائة من الدورات التكوينية المهنية والزيارات العلمية لفائدة تقنيين، أطر ومسؤولين، وتنظيم تظاهرات علمية وتقنية، وكذا تسيير بعثات للخبراء أو التحليلات المعملية.
وبخصوص القدرات الإقليمية في مجال السلامة الإشعاعية، نظم المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، بالتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنية، هذا العام، تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية و(أفرا)، الدورة الثانية عشرة للتكوين العالي حول السلامة الإشعاعية والتحكم في المواد المشعة، وذلك لفائدة المهنيين من اثني عشر دولة إفريقية.
ووفقا للسيدة بنعلي، إلى حدود الساعة، استفاد زهاء 300 مهني من هذا التدريب المهم، حيث يتقلدون مناصب المسؤولية، لاسيما في الهيئات التنظيمية ببلدانهم، ما يعزز احترام والامتثال لمعايير السلامة الخاصة بالوكالة، فضلا عن إنشاء الأطر القانونية الوطنية الملائمة.
وسجلت الوزيرة أنه وعلى المستوى التنظيمي، عمل منتدى سلطات التقنين في إفريقيا، الذي ترأسه الوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي (أمسنور) منذ العام 2019، على تعزيز دور سلطات التقنين النووية الإفريقية في مجال السلامة والأمن النوويين، مشيرة إلى أن (أمسنور) وفرت تكوينا لـ 2000 شخص، منهم 38 بالمائة من ممثلي البلدان الإفريقية و10 بالمائة من ممثلي مناطق أخرى.
وقالت السيدة بنعلي إن (أمسنور) ستستضيف أيضا في أكتوبر 2022 اجتماع مكتب اللجنة التوجيهية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعمل من أجل تطوير القدرات وتدبير المعارف في مجال السلامة والأمن النوويين.
وخلصت إلى أن الهدف من هذا الاجتماع هو التحضير لاجتماع اللجنة التوجيهية، المقرر عقده في دجنبر 2022 بفيينا، والذي سيخصص لإتمام مشروع المقاربة الإستراتيجية 2023-2030 لتطوير مكونات بناء القدرات، أي برامج الموارد البشرية، التكوين، التعليم، تدبير المعارف وشبكات الشراكة.
ويشارك المغرب في هذه الدورة السادسة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بوفد هام، يتألف على الخصوص، من الكاتب العام لوزارة الصحة، عبد الكريم مزيان بلفقيه، والمدير بالنيابة للوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي (أمسنور)، منجي زنيبر، والمدير العام بالنيابة للمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، حميد مراح، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمات الدولية بفيينا، عز الدين فرحان.
و م ع