أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بطنجة، أن المملكة المغربية تجدد التزامها بإعادة توجيه الجهود لفائدة مواصلة تعزيز الارتباط الثلاثي بين السلام والأمن والتنمية بالهيكلة المؤسساتية للقارة الإفريقية.
وأوضح السيد بوريطة، في مداخلة عبر تقنية التناظر المرئي، بمناسبة افتتاح أشغال الندوة السياسية القارية الأولى التي يحتضنها المغرب من 25 إلى 27 أكتوبر الجاري، بشراكة مع إدارة الشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، أن هذا الارتباط من الممكن أن يتجسد من خلال “النظر بجدية في فكرة إحداث صندوق للتنمية تابع للاتحاد الإفريقي، على غرار صندوق السلام، مخصص لتمويل العمل الإفريقي الجماعي في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية”.
وفي هذا الصدد، دعا الوزير، خلال هذه الندوة المنعقدة حول موضوع “تعزيز الارتباط بين السلم والأمن والتنمية، آفاق تكامل إقليمي بإفريقيا”، في إطار تولي المملكة المغربية رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، إلى استكشاف السبل والآليات التي من شأنها تعزيز التآزر والتنسيق بين مختلف الهيئات المسؤولة عن التنمية المستدامة والسلام والأمن والحكامة في إفريقيا، ولا سيما بين هيكل إدارة الشؤون السياسية والسلم والأمن، وهيكل الحكامة الإفريقية، ووكالة تنمية الاتحاد الإفريقي-الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا، وبنك إفريقيا للتنمية.
كما شدد على أهمية ترسيخ استمرارية هذه الندوة السياسية عبر إضفاء الطابع المؤسساتي عليها باعتبارها “مسار طنجة”، الذي سيضم جميع الفاعلين، بما في ذلك القطاع الخاص، من أجل خلق زخم إيجابي لفائدة الاستقرار والتنمية في القارة.
وعلاوة على ذلك، يضيف الوزير، يتعين تطوير بيانات ذات مصداقية حول تنفيذ ثلاثية “السلام والأمن والتنمية” في تنفيذ أجندة 2063 وأهداف التنمية المستدامة.
من جهة أخرى، أكد السيد بوريطة أن اختيار المغرب، من خلال توليه رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، لاحتضان هذه التظاهرة الهامة يجسد اعترافا بمساهمته في هذا المجال، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس وضع المقاربة القائمة على “الارتباط بين السلام والأمن والتنمية” في صلب التزام المملكة تجاه إفريقيا منذ العودة إلى الاتحاد الإفريقي.
وعلى مستوى المؤسسة الإفريقية، أكد السيد بوريطة، حرص المغرب، منذ ولايته الأولى بمجلس السلم والأمن بين سنتي 2018 و2020، على إدراج هذا الارتباط الثلاثي في جدول أعمال المجلس، مضيفا أن رؤية المملكة تتجسد على المستوى الدولي في الدعوة داخل المحافل متعددة الأطراف، وخاصة بالأمم المتحدة، إلى الأخذ في الاعتبار الاحتياجات والواقع الإفريقي في أي مبادرة تهدف إلى السلام والأمن والتنمية في القارة، وذلك من خلال مقاربة “شراكة” وليس “مساعدة”.
وبعدما لفت إلى أن الالتزام بمواجهة التحديات الأمنية المتعددة وذات الطبيعة المعقدة والمتعددة الأبعاد يتعين أن يرتكز على مقاربات جديدة تعطي الأولوية للاستشراف والتدخل بدلا من الرصد والرد، أبرز الوزير دعوة المغرب إلى “وضع مزيد من الثقة في قدراتنا الإفريقية الجماعية”، مذكرا، في هذا الصدد، بالنداء الملكي الذي أضحى راسخا: “على أفريقيا أن تثق بأفريقيا”.
وتابع أن “هذه الثقة هي التي نعتقد أنها مفقودة في الجهود المبذولة لتحقيق السلام والأمن والتنمية بالقارة من أجل تحرير إمكاناتها للاندماج القاري والعالمي، مشددا على أن الثقة تعني “الشراكة على قدم المساواة”.
وأضاف أن أن الثقة تعتمد أيضا على “التضامن الفعال بشكل يتجاوز المصلحة المباشرة، وعلى الالتزام الصادق من خلال جعل كل الموارد المتاحة في خدمة الساكنة الأفريقية”، موضحا أن هذه الثقة تعني أيضا “مركزية البعد الإنساني من خلال ترسيخ تعاون ملموس لفائدة القارة”.
ولتجسيد هذه الثقة، ذكر الوزير بأن “المغرب التزم بحزم، تحت قيادة جلالة الملك، بتقاسم عقدين من الخبرة مع البلدان الإفريقية، في تنفيذ استراتيجية متعددة الأبعاد مكنتنا من الجمع بين الأمن الوطني والتنمية البشرية ومكانة اقتصادية هامة على المستوى القاري”.
وخلص السيد بوريطة إلى القول “إن هذه الثقة تشكل حجر الزاوية لإطلاق جميع المشاريع الموحدة لإفريقيا، والتي تهدف إلى تطوير واندماج الفضاء القاري”.
و م ع