كوفيد 19: بين الشك والأمل، الصين تسعى لاستعادة الحياة الطبيعية

قبل سنتين

قبل أسبوعين بدت العاصمة الصينية بكين وكأنها مدينة أشباح. الشوارع خالية، والأماكن العامة مهجورة، والسبب دائما فيروس يجثم على النفوس، فرض على سكان بكين البقاء في منازلهم، مكتفين بمتابعة تطور وضعية وبائية دخلت دائرة الشك عبر وسائل الاعلام.

وعقب أيام من التردد بعد الرفع الكامل للقيود الصارمة التي اعتمدها البلد مند تفشي الوباء لمكافحة الوباء قبل ثلاث سنوات، بدأت العاصمة تستعيد حيويتها، وبدأت ساكنتها التي يبلغ عددها 26 مليون نسمة تعود لحياتها الطبيعية، حتى وإن كان ذلك بحذر.

واستعادت حركية المترو طبيعتها من حيث الزيادة الملحوظة لركاب لازالوا ملتزمين بالتدابير الوقائية، لكن بتحد واضح للفيروس الذي يواصل انتشاره وسط سكان هذا البلد البالغ عدد سكانه 1,4 مليار نسمة. كما استعادت المطاعم وأماكن الترفيه الأخرى نشاطها خلال أعياد نهاية السنة، مع سكان متعطشين لعادات حرمهم منها لمدة طويلة تفشي كوفيد-19.

ورغم هذه المظاهر فإن السكان لازالوا حذرين، خصوصا أمام نقص المعلومات المتعلقة بأرقام انتشار الوباء، وذلك بعد أن توقفت السلطات عن الاعلان عن عدد الإصابات، وهو ما يجعل كل واحد يقوم بقراءته الخاصة بعد جمع المعلومات من وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية لتكوين فكرة عن الحالة الوبائية.

ولا تزال القيود التي تفرضها عدة دول على المسافرين القادمين من الصين من المواضيع التي تستأثر باهتمام الصينيين في سياق ارتفاع الإصابات.

وهكذا انقسم مستخدمو موقع ويبو الصيني، حيث يرى البعض أن هذه القيود لها ما يبررها، مع التذكير بقرار الصين نفسها إغلاق حدودها لمدة ثلاث سنوات إلى غاية التعديل الأخير للتوجيهات الصحية الجديدة، التي نصت على إعادة فتح حدود البلاد.

ويعتبر العديد ممن خاضوا في هذا النقاش الافتراضي أن لكل دولة الحق في اتخاذ الإجراءات التي تراها ضرورية لحماية صحة سكانها.

من جهة أخرى يعتبر البعض الآخر أن هذه القيود فرصة للصينيين للسفر داخل بلدهم واكتشاف الغنى التاريخي والثقافي والسياحي لهذا البلد الشاسع.

وعلى المستوى الرسمي، فالصين تتعبأ، والهدف واضح، مواجهة تحدي الانتقال الصحي، الذي بدأ مع التخلي التام عن استراتيجية “صفر كوفيد”، والتي كان قد تم فرض تدابير صارمة بموجبها لاحتواء تفشي الفيروس.

ويفتخر المسؤولون الصينيون بنتائج معركة مواجهة الفيروس في ذروته سنة 2020-2021، مؤكدين أنهم يعتمدون على العلم كسلاح في هذه الجولة الحالية من المعركة ضد كوفيد-19.

وفي نظرهم فإن العلم أثبت أن الفيروس قد ضعف، حتى لو كانت متحوراته التي لا يمكن السيطرة عليها شديدة العدوى. ويدل هذا التطور، من وجهة نظرهم تغيير الاستراتيجية، وهي الانتقال من الوقاية من العدوى إلى العلاج الطبي.

ويبقى التحدي كبير دائما، والدليل على ذلك الارتفاع المستمر في الإصابات، وهو ما خلص إليه الملاحظون بناء على التدابير المتخذة، من بينها الزيادة القياسية في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية المتعلقة بكوفيد-19، وتجهيز مئات المستشفيات المؤقتة في جميع أنحاء البلاد، وهي مؤشرات تدل على أن الوضعية مقلقة.

وفي وسائل الإعلام الرسمية تم الاقرار بحجم التحدي، مع التأكيد على أن السلطات قادرة على رفعه، لا سيما من خلال توسيع نطاق التلقيح، وخاصة وسط المسنين، وتقليل تأثير الفيروس على صحة السكان، والاقتصاد.

وردا على الانتقادات الحادة في بعض الأحيان في الصحافة الغربية حول الارتفاع الحالي في الإصابات في الصين، تشير وسائل الإعلام الصينية إلى أن ثلاث سنوات من مكافحة الفيروس مكنت الصين من تطوير المعرفة العلمية والأدوات التكنولوجية الكفيلة بمساعدتها في انتقالها الصحي.

وتبقى التعبئة الشعبية خط دفاع آخر سلطت عليه وسائل الإعلام الضوء كدرع ضد موجة كوفيد، مسجلة أن هناك حالات كثيرة لمواطنين متطوعين في المساعدة على توزيع الأدوية وتقديم الدعم للمصابين بالفيروس.

وكتب أحد المعلقين في إحدى وسائل الإعلام الرسمية، “مع ضعف الفيروس، أصبح الشعب الصيني أكثر استعدادا لهزيمته”، مشيرا إلى أن التعبئة الشعبية “جدار صيني جديد” ضد كوفيد.

وفي خطابه بمناسبة العام الجديد، حاول الرئيس الصيني شي جين بينغ إعطاء الأمل لشعبه وسط شتاء يزيد الفيروس من قسوته.

وقال “المعركة ضد كوفيد-19 دخلت مرحلة جديدة تتطلب دائما عملا كبيرا (…)، الأمل يبرز أمامنا. دعونا نضاعف جهودنا لأن المثابرة والتضامن سيقوداننا إلى النصر “.
و م ع

آخر الأخبار