مع حلول شهر رمضان الأبرك بالبلدان الأوروبية وما يكتسيه من حمولة دينية وروحية قوية، تزداد الحاجة إلى الإرشاد والتأطير الديني لدى مغاربة أوروبا، الذين يحرصون على استيضاح التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي، لاسيما خلال شهر الصيام. وهو ما يعمل المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على القيام به وفقا لأسس النموذج المغربي في التدين.
هكذا، فإن المجلس الذي يتخذ من بروكسيل مقرا له، يؤمن المرافقة الروحية للمغاربة المقيمين بالديار الأوروبية، بحكم حاجتهم المستمرة للتوعية الدينية، التي تعزز تشبثهم بثوابت النموذج المغربي في التدين، القائم على الوسطية والاعتدال، ويفسح المجال أمامهم للاندماج في بلدان إقامتهم والتعايش مع مختلف مكونات المجتمع الأوروبي.
والواضح أن شهر رمضان يحتل مكانة خاصة لدى مغاربة أوروبا، الذين يؤدون فريضة الصيام في سياق اجتماعي وثقافي تعددي ومختلف عن بلدهم الأم، لكنهم حريصون كل الحرص على التمسك بتقاليدهم الثقافية وعاداتهم الاجتماعية والروحية المرتبطة بالصيام، ويسعون إلى اتباع المنهج الديني الصحيح الذي يسهر المجلس على صيانته وإشاعته.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول المدير التنفيذي للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، عبد الكريم برمضان، إنه وإلى جانب الردود على الاستفسارات اليومية التي تتلقاها هذه المؤسسة فيما يتعلق بالصيام والعبادات بشكل عام، يقوم أعضاء المجلس، كل في بلد إقامته، بالتواصل مع الأئمة والمرشدات لتنظيم أنشطة إرشادية لفائدة رواد المساجد، من خلال الدروس والمواعظ اليومية وخطب الجمعة والإجابة على أسئلة الصائمين.
وأضاف أنه ينظم ندوات ومحاضرات يستدعي لها علماء وفقهاء، قصد مناقشة مواضيع ذات راهنية، تهم الحضور الديني لمغاربة أوروبا.
وفي ما يتعلق بالشباب، يضيف السيد برمضان، يحرص المجلس على أن تكون المواد الموجهة لهم متوفرة بمختلف لغات بلدان الإقامة، كما يقوم بتنظيم مسابقات رمضانية على مستوى أوروبا لتجويد القرآن الكريم برواية ورش عن نافع، والتي تتوج بمنح الفائزين جوائز تحفيزية قيمة.
وبحسبه، يقوم المجلس باستثمار موقعه الإلكتروني وعدد من الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي، في تغطية أنشطته ونشر مختلف مواد التأطير الديني التي ينتجها، والتي يروم من خلالها الوصول إلى أكبر عدد من مغاربة أوروبا.
ويؤكد السيد برمضان أن اشتغال المجلس على مستوى عدد من الدول الأوروبية، بما تمثله من تعدد وتنوع وانفتاح، يجعله يواجه جملة من التحديات، كتلك المتعلقة بالمشاكل الاجتماعية التي تعرفها الأسرة المغربية في أوروبا أو تلك المرتبطة بتعدد الفاعلين الدينيين وانتشار مذاهب دينية بعيدة كل البعد عن النموذجي الديني المغربي، السمح والوسطي.
ويعد الإفطار السنوي الذي دأب المجلس على تنظيمه منذ تأسيسه كل شهر رمضان، أبرز مناسبة لإثبات مدى تواصل المغاربة فيما بينهم ومدى انفتاحهم على كافة مكونات المجتمع، حيث ي ستدعى له عدد كبير من أفراد الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا من مختلف الشرائح الاجتماعية، إلى جانب شخصيات دينية وسياسية وازنة بلجيكية وأوروبية، وكذا أعضاء من مختلف الأسلاك الدبلوماسية الممثلة لمختلف الدول.
ويتجلى تجاوب المغاربة مع هذا الجهد التأطيري من خلال الإقبال الكبير على الدروس والمواعظ والخطب والندوات والمحاضرات ومختلف الأنشطة التي تنظم في المساجد والمؤسسات الدينية، فضلا عن الأسئلة التي ترد على المجلس، والمتعلقة بأحكام الصيام وغيرها من الأسئلة التي تهم جوانب كبيرة من حياة مغاربة أوروبا.
وقد كان للدورات التكوينية التي ظل المجلس حريصا على تنظيمها لفائدة الأئمة والمرشدات، والتي استفاد منها المئات منهم وعدد كبير من الأطر الدينية المغربية، دور كبير في مد جسور التواصل المستمر مع مغاربة أوروبا، باعتبار الإمام ذي التكوين الديني المغربي فاعلا أساسيا في الحفاظ على الأمن الروحي لمغاربة أوروبا.
ومن منطلق حرصه على تعزيز الأخوة الإسلامية في مختلف تجلياتها، فإن المجلس يحرص على أن تكون أنشطته موجهة لعموم مسلمي أوروبا دون تمييز، فالمساجد التي يسيرها مغاربة يرتادها مسلمون من مختلف الجنسيات العربية والإسلامية، كما أن الدورات المنظمة لفائدة الأئمة والمرشدات والفئات الشابة، عادة ما يشارك فيها أئمة من جنسيات غير مغربية.
و م ع