تحديات كبيرة تنتظر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال اجتماعاتهما السنوية

قبل سنتين

يجتمع صناع السياسات المالية العالمية في واشنطن، ابتداء من اليوم الاثنين وإلى غاية 16 أبريل الجاري، لحضور الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، على خلفية تحديات جمة ترتبط بعدم يقين الآفاق الاقتصادية، في ظل استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وشبح أزمة الديون، وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، في خطابها الافتتاحي قبل هذه الاجتماعات، من أنه “في ظل تزايد التوترات الجغرافية-السياسية واستمرار معدلات التضخم المرتفعة، يظل التعافي الصلب مطلبا بعيد المنال، مما يؤثر بالسلب على فرص الجميع، ولا سيما الأفراد والبلدان الأكثر ضعفا”.

ونبهت إلى الفقر والجوع يمكن أن يتفاقما، وهو اتجاه خطير نشأ عن أزمة كوفيد.

وحددت المسؤولة، في هذا الصدد، ثلاث أولويات واجبة: مكافحة التضخم مع حماية الاستقرار المالي، وتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط، وتعزيز التضامن للحد من التفاوتات العالمية.

هذه القضايا ستخضع للتمحيص، خلال هذه الاجتماعات الربيعية، التي يلتئم في إطارها سنويا فاعلون من مختلف الآفاق، من قادة في القطاع العام (محافظو البنوك المركزية، ووزراء، وبرلمانيون)، والقطاع الخاص، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وخبراء من الأوساط الأكاديمية.

وستركز النقاشات على الآفاق الاقتصادية، والاستقرار المالي، وشبح الديون، مع بلوغ مستوى المديونية أعلى مستوياتها منذ 50 عاما بالنسبة للبلدان النامية، وتأثير التغير المناخي أو حتى فعالية المساعدات.

صناع السياسات سيكون مدعويين، على الخصوص، إلى التخفيف من المخاطر الناجمة عن التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية ذات التداعيات العالمية، والخلافات المتنامية بين واشنطن وبكين، والتي تهدد الاستقرار المالي الكلي.

ويحذر صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع نمو الاقتصاد العالمي بأقل من 3 في المائة خلال السنة الجارية، من أن يظل النمو العالمي في حدود 3 في المائة على مدار السنوات الخمس القادمة –– وهو أدنى تنبؤاته للنمو على المدى المتوسط منذ أزيد من ثلاثة عقود.

كما تنبه مؤسسة بريتون وودز إلى أن العالم قد يخسر ملايير الدولارات من الناتج الاقتصادي المستقبلي، إذا “استمرت التوترات الجيوسياسية في التفاقم وازداد انقسام البلدان على أساس الانشقاقات الجيوسياسية”.

وفضلا عن الاستثمارات وتدفقات رؤوس الأموال، سيحتاج صناع السياسات إلى إيجاد الأدوات المناسبة للتوفيق بين الاستقرار المالي واستقرار الأسعار، في بيئة مضطربة للوسطاء الماليين غير المصرفيين وأسعار الفائدة المتزايدة بشكل سريع.

وبالنسبة للمسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم وزيرة الخزانة، جانيت يلين، فإن التحدي سيتمثل في الطمأنة بشأن صحة القطاع المصرفي واستجابة واشنطن لحالات إفلاس البنوك الإقليمية في مارس الماضي، والتداعيات المحتملة على الاقتصاد العالمي.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يرتقب أن تنمو الاقتصادات بوتيرة أبطأ هذه السنة، حيث يضيف تضخم أسعار المواد الغذائية الذي يزيد عن 10 في المائة ضغوطا على الأسر الأشد فقرا ويمكن أن يمتد تأثير انعدام الأمن الغذائي إلى أجيال قادمة.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، إن “تضخم أسعار الغذاء يخلف تأثيرا مدمرا على الأسر الفقيرة. وستشعر الأجيال المقبلة بآثار انعدام الأمن الغذائي على المدى الطويل، ومن المحزن أن تحد من آفاق الكثير من الشباب”.

وحسب أحدث تقرير للبنك الدولي بعنوان “نبض إفريقيا”، فإن الوضع لا يبعث على التفاؤل في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث لا يزال النمو ضعيفا، “متأثرا بحالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وضعف أداء أكبر اقتصادات القارة، والتضخم المرتفع والتباطؤ الحاد في نمو الاستثمار”.

وقال أندرو دابالين، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لإفريقيا، إن “ضعف النمو المقترن بمخاطر الديون ونمو الاستثمار السيئ يهدد بخسارة عقد في الحد من الفقر”.

وبصفته البلد المضيف للاجتماعات السنوية المقبلة لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أكتوبر المقبل (9 إلى 15)، سيكون المغرب ممثلا بقوة، من خلال وفد رفيع المستوى، وبرنامج غني للترويج للمملكة في مقري المؤسستين الدوليتين.

كما تبصم دورة مراكش على عودة هذه الاجتماعات السنوية إلى إفريقيا، بعد تلك المنظمة للمرة الأولى في نيروبي بكينيا منذ خمسين عاما.

ويرتقب أن يشارك ما يقرب من 14 ألف مندوب من 189 دولة عضو في هاتين المؤسستين خلال هذا الموعد الهام، الذي ينعقد بشكل رئيسي في واشنطن، وكل ثلاث سنوات، في بلد عضو آخر.

و م ع

آخر الأخبار