22 نوفمبر 2024

جولة موروكو ناو تفتح آفاقا جيدة للشراكة بين المغرب وشرق آسيا

جولة موروكو ناو تفتح آفاقا جيدة للشراكة بين المغرب وشرق آسيا

شكلت الصين المحطة الأخيرة للجولة الاقتصادية المغربية بشرق آسيا، مع وجود آفاق جيدة للشراكة بين المغرب وهذه المنطقة، التي ما فتئت تفرض وجودها في عالم يخيم عليه شبح عدم اليقين على جميع المستويات.

وهكذا أوفت جولة “موروكو ناو” التي انطلقت منذ شهور، بتنظيم من الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، بقيادة محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلفة بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، بكل وعودها.

وتدل النتائج التي تم تحقيقها ليس فقط على ارادة المغرب للتموقع في عالم ما بعد كوفيد، ولكن أيضا على تصميم البلدان المستهدفة على تعزيز الشراكة مع المغرب الذي يخطو خطوات كبيرة ليفرض نفسه كقوة صاعدة.

وكان اختيار البلدان المستهدفة بالحملة الآسيوية لـ “موروكو ناو” حكيما وذكيا في آن واحد، لأن الأمر يتعلق بقوى اقتصادية لا محيد عنها في عالم اليوم والغد، ويكفي هنا ذكر كوريا الجنوبية، واليابان، وسنغافورة، والهند، والصين، وهي الدول التي تستحوذ على نصيب الأسد من الاقتصاد العالمي.

وفي كل مرحلة من مراحل الجولة، من نيودلهي لطوكيو عبر سيول وشنغهاي، فإن الاهتمام واحد، وهو الاستفادة من جاذبية المغرب الذي يتميز بالعديد من المؤهلات الأساسية لعالم الأعمال.

وقبل كل شيء، توفر المملكة الاستقرار الذي تعززه رؤية واضحة للمسار الذي يتعين أن يسلكه مستقبل البلد، وبنى تحتية لا تقل شأنا عن تلك الموجودة بالدول الأكثر تقدما، وخصوصا إطار قانوني يتحين باستمرار لتوفير جميع الشروط، وضمانات النجاح والتوسع للمستثمرين.

ويتعلق الأمر بعوامل تعطي للمغرب حضورا دوليا وتواجدا على رادارات المستثمرين في دول شرق آسيا والعالم.

ومن خلال الجولة الآسيوية لـ “موروكو ناو” كانت رسالة الوفد المغربي واضحة. المغرب بلد منفتح على عالم الأعمال، مع أسس قوية للاقتصاد الكلي، مكنت المملكة من مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين وجذب المزيد من الاستثمار من العديد من الشركات الدولية، التي تعتبر المملكة الآن منصة مهمة للأسواق الأخرى، لا سيما في افريقيا.

وفي كل مرحلة من الحملة الترويجية الآسيوية، تم الاصغاء للعروض المغربية بعناية خلال الموائد المستديرة ولقاءات “الأعمال” مع رؤساء شركات البلدان التي تمت زيارتها.

وكانت ردود الفعل المحاورين الآسيويين، ومن بينهم شخصيات مؤثرة جدا على المستوى السياسي والاقتصادي، جد إيجابية، معتبرين أن دخول المغرب لأسواق شرق آسيا أصبح حقيقة يتعين أن تتجسد من خلال المزيد من الاستثمار والمبادلات على أساس التعاون رابح – رابح.

وهكذا تم عقد شراكات، من قبيل تلك التي تربط الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات ونظيرتها اليابانية. وفي هذا الصدد، تم اقتراح تنظيم منتدى للأعمال بين القطاع الخاص المغربي والياباني، لتوسيع التعاون في قطاعات جديدة لتشمل الطيران وصناعة السيارات والطاقات المتجددة.

ولم يختلف الأمر في كوريا الجنوبية، حيث تم الاهتمام بعناية بتجربة شركة “هاندس” الكورية المصنعة للسيارات التي أحدثت أول موقع إنتاج لها بإفريقيا سنة 2020، وهي قصة نجاح كورية جنوبية بارزة المغرب، ونموذج يحتذى به.

ويقع المجمع الصناعي للمجموعة في مدينة طنجة أوتوموتيف سيتى، ويشغل حاليا أكثر من 1000 شخص، بطاقة إنتاجية نهائية تبلغ 8 ملايين وحدة سنويا، منها 85 في المائة موجهة للتصدير.

وتستهدف شركة المعدات الأصلية للسيارات مصنعين بارزين على الصعيد العالمي، من قبيل “بي اس اي” و “رونو”، و “نيسان” و “في دبليو” و “دي ام”، و “هيوندياي”، و”فورد”، و”كيا”، و”سكودا” ، و”سيزيكي”، و”كريزلر”.

ولم يترك رئيسها سيونغ هيون تشانغ فرصة تواجد “موروكو ناو” بسيول تمر دون الحضور والتطرق أمام المشاركين لنجاح مجموعته في المغرب، حيث قال في هذا الصدد “أوصي جميع الحاضرين هنا على اكتشاف الحلم المغربي”.

وفي شنغهاي، الحاضنة المالية للصين، ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، حظيت المنظومة المغربية لتطوير صناعة السيارات باهتمام خاص.

وأصبح القطاع من أكثر القطاعات الواعدة للنشاط الاقتصادي في المغرب. مع حوالي 100 مليار درهم من الصادرات سنة 2022، لتفرض بذلك هذه الصناعة نفسها كركيزة للاقتصاد المغربي وصادرات البلد.

ويعتبر المغرب اليوم أول منتج لسيارات الركاب في إفريقيا بقدرة مركبة تقدر بمليون سيارة في السنة. ومع أكثر من 65 في المائة من المكونات 100 في المائة مصنوعة بالمغرب، فإن المنظومة الوطنية للسيارات، المكونة من أكثر من 250 مناولا، تعمل عبر مجموع سلسلة القيمة وتنتج محليا 9 طرازات من السيارات حتى الآن.

كما أن المغرب ملتزم بقوة في عملية تقليص استهلاك الطاقة من خلال استخدام الطاقات المتجددة من طرف القطاع، ذلك أنه سنة 2022، جاءت نسبة 41 في المائة من القدرة المركبة للسيارة من انتاج خالي من الكربون، والهدف سنة 2030 هو الانتقال لـ 64 في المائة.

وأثارت هذه التطورات اهتمام المصنعين الصينيين، وذلك عبر توقيع مذكرة تفاهم مع “منطقة ووهان للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية” وهي احدى المناطق الأولى للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية الوطنية وسط الصين، وتحتل المرتبة الأولى من بين 200 منطقة تنمية على مستوى البلد من حيث القوة الشاملة.

وشكلت” منطقة ووهان للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية” مجموعة صناعية لصناعة السيارات والأجهزة الإلكترونية والصناعات الأخرى، وتضم حوالي 30.000 شركة.

ومن خلال هذا المشروع الجديد للشراكة، سيقدم كل طرف خبرته في مجالات تعزيز وتنمية الاستثمارات الصينية بالمغرب.

وهكذا، فإن الشراكات الجديدة، التي تم توقيعها خلال مختلف مراحل الحملة الترويجية الآسيوية، يتعين أن تفتح آفاقا واسعة للمغرب، الذي يشكل محط اهتمام كبير من طرف المستثمرين، الذين يؤمنون بالاقتصاد المغربي ويعتبرونه فرصة كبيرة لأعمالهم.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.