“إنجاز رائع!”، هذا أقل ما يمكن قوله لوصف الإنجاز المتميز الذي حققه سفيان البقالي، نجم ألعاب القوى العالمي، في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.
لقد نجح البطل المغربي في تحقيق إنجاز قل نظيره باحتفاظه بلقبه الأولمبي في سباق 3000 متر موانع. وكان قبله العداء الفنلندي ،فولماري إيسو-هولو الوحيد الذي نجح في ذلك (الألعاب الأولمبية 1932 و1936).
فعلى مضمار ملعب فرنسا البهيج، تألق البقالي، مؤكدا مرة أخرى أنه رقم واحد في هذا التخصص وفرض على أعتى المنافسين احترامه. ولم يذق البقالي، منذ شتنبر 2021، طعم الهزيمة في سباق 3000 م موانع، وواصل إبن مدينة فاس، سلسلة انتصاراته الرائعة بتحقيق نجاح جديد، ليحصد لقبه الأولمبي الثاني على التوالي. وأبان البطل الأولمبي مرتين وبطل العالم الحالي، مرة أخرى أنه من طينة الكبار، وسجل إسمه رسميا في خانة أساطير الرياضة الوطنية والعالمية. بمهارة مذهلة، لم يرتبك البطل المغربي البتة في طريقه لتحقيق لقبه الأولمبي التاريخي الثاني في سباق 3000 م موانع، ومواصلة سيطرته المطلقة على هذا التخصص.
لم يخامر البقالي، الذي حافظ على هدوئه المعتاد حتى النهاية، والقوي ذهنيا بعدم تعثره في أي سباق منذ زهاء ثلاث سنوات، الشك أبدا في قدرته على الفوز. وحتى سقوط أكبر منافسيه، الإثيوبي لاميشا جيرما، على بعد بضع مئات من الأمتار من خط النهاية، لم يفقده تركيزه، واعتمد البطل المغربي على حنكته وخبرته في الاستحقاقات الكبرى لتدبير السباق ببراعة وإدراك الفوز. ومع الاقتراب من خط الوصول ونهاية السباق، رفع البقالي إيقاعه عندما بدا له ذلك ضروريا وفي التوقيت الأنسب لضمان انتزاع المركز الأول والذهب الأولمبي. في الخط المستقيم الأخير، قادته سرعته النهائية المذهلة مباشرة إلى تحقيق إنجاز جديد في الألعاب الأولمبية، كهدية للجمهور المغربي الذي آزر بطله من كل قلبه. وتقدم البقالي، الذي قطع مسافة السباق في زمن قدره 8 د و 6 ث و5 /100، على الأمريكي كينيث روكس (8 د و 6 ث و42 /100) والكيني أبراهام كيبيوت (8 د و 6 ث و47 /100)، اللذين أكملا منصة التتويج، وأهدى بالتالي المغرب أول ميدالية له في أولمبياد باريس. وبات سفيان البقالي، بعد هذا الإنجاز، ثاني رياضي مغربي يحقق لقبين في الألعاب الأولمبية بعد أسطورة ألعاب القوى الوطنية والعالمية هشام الكروج، الذي أحرز ذهبيتي سباقي 1500 م و5000 م في دورة أثينا 2004، وكتب بالتالي فصلا جديدا من تاريخه على مضامير السباقات، متجاوزا أقصى حدوده الممكنة.
وعرف البطل المغربي، بفضل جهده ومثابرته، كيف يستثمر موهبته الفريدة، بعدما عمل بجد وخضع لتداريب شاقة ليصبح على مر السنين أيقونة حقيقية في ألعاب القوى العالمية. ودائما ما كان البقالي حاضرا في المواعيد الكبيرة، منذ نيله الميداليه الفضية في بطولة العالم في لندن 2017، ثم الميدالية البرونزية في مونديال الدوحة 2019، قبل أن يحتكر المركز الأول في سباق 3000 م موانع في جميع البطولات الكبرى. كما توج بطلا أولمبيا في دورة طوكيو 2021 وفاز بالدوري الماسي في 2022، فضلا عن حصوله على المعدن النفيس في بطولتين عالميتين متتاليتين في يوجين (الولايات المتحدة الأمريكية) سنة 2022 وبودابست 2023. وأنهى البقالي، بعد إنجازاته الرائعة، هيمنة الكينيين على سباق 3000م موانع، والتي دامت لسنوات طويلة. وبسجله الحافل، يستشرف البقالي (28 سنة) دوما آفاقا كبيرة ويأمل في مواصلة مسيرته لتحقيق ألقاب عالمية وأولمبية أخرى والاستمرار في التألق على كبريات الساحات الدولية.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.